الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جماهير العراق هي التي أنتخبتكم

تقي الوزان

2005 / 12 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


توقع الكثير من الكتاب والمراقبين للوضع العراقي قبل الانتخابات بفوز كبير لقوائم الائتلاف في الوسط والجنوب , والكردية في كردستان , والتوافق والحوار في بعض مناطق الوسط وغرب العراق . أي في مناطق تواجد ونفوذ هذه القوائم . ولاشك ان الانتماء المذهبي والقومي لايزال هو العامل الحاسم , والمظلة التي يحتمي بها الانسان العراقي . بعد أن خرج مهشماً من طول فترة ظلم , وعذاب , وفقدان أمل , وقسوة نظام قل نظيره في العالم وفي التاريخ . ومن الطبيعي أن يشعر الفرد الشيعي , وقبله الفرد الكردي لأول مرّة بحلاوة الانتماء المذهبي أو القومي . بعد أن كان الجهر بهذا الانتماء قد يكلف صاحبه الموت . وهذا لايعني ان سبب دموية النظام المقبور وجرائمه بسبب المذهب والقومية فقط . بل كانت القومية والمذهب عناوين بارزة في المشهد الدامي الذي طال كل الشعب العراقي . وبدافع اساس يعرفه كل ابناء العراق , وهو الدفاع عن السلطة وامتيازاتها .
كان الفوز حليف القوائم الكبيرة أيضاً لو جرت الانتخابات بشكل ديمقراطي حقيقي . وترك هامش معقول لباقي القوائم , لتمثل بحجومها الحقيقية في البرلمان . الا ان التزوير , والاجبار , وأستخدام الطرق غير الشرعية للالتفاف على صوت الناخب , ضغط على هذا الهامش , وجعله أضيق بكثير من المساحة التي كان يجب أن يشغلها , ونقل أصوات ناخبيه الى القوائم الكبيرة لتزيد من سعة الفارق الانتخابي .
من المؤلم أن يتصدر الكثير من المستفيدين من رفع الشعارات المتطرفة , سواء المذهبية أو القومية , ويستفيدون من فرص التزوير , وينجحون في تهميش ومصادرة تكافؤ الفرص للكيانات السياسية , وهم مجموعة ليست بالكبيرة من اللصوص وأصحاب التواريخ المشكوك بولائها للعراق . وتلصق هذه التهمة بمجمل الكتل السياسية الفائزة . وبأتهامات يختلط فيها الحق بالباطل . وكان على المسؤولين عن هذه القوائم وزعمائها الذين تهمهم مصلحة العراق , أن لا يسمحوا لهؤلاء اللصوص والمرتزقة القيام بهذه الاعمال التي اساءت للعملية الانتخابية , وزيفت ديمقراطيتها , حتى ولو جاءوا بأصوات أكثر للقائمة . وهذه القوائم ليست بحاجه لهذه الاضافات البسيطة , الا أن المرض الصدامي بالسيطرة على كل شئ , هو الذي أباح لهؤلاء المرتزقة عملهم .
أن مجموع الاصوات التي شملها التزوير يقدرها الكثير من المراقبين بأنها نسب لا تؤثر كثيراً على حجم الكتل البرلمانية لو تيسرت النيات الصادقة . وهذه النسب عندما تتوزع على كيانات كثيرة , لاتشكل خطورة على مساحات الكيانات الكبيرة . خاصة اذا علمنا ان الكثير من هذه الكيانات الصغيرة ستلوذ بظل القوائم الكبيرة لضمان صوتها ومكاسبها .
في المقابل هناك الكثير من القوائم التي أعترضت على النتائج الاولية للانتخابات , والمتضررة من التزوير ووسائل السلب الاخرى . ولهم الحق في ذلك . ولا يخفى على أحد ان الكثير من المعترضين لايشك احد في نزاهتهم , وتاريخهم العريق في مقارعة الظلم , ودكتاتورية صدام حسين بشكل خاص . الا ان هذا الاعتراض والتشكيك بصحة نتائج الانتخابات أستغل من بعض فئات ضعاف النفوس ليشكك بالعملية الانتخابية برمتها . وهذا البعض الذي لايمتلك تاريخ وطني نظيف , وله تاريخ حافل بالسرقات والخداع , وحتى في خدمة النظام المقبور . تمكن من ان يضع أسمه تحت لافتة المعترضين . وأخذ يصرح بآراء تثير النعرات الطائفية , ولا تقل خطورة عن من سوق نفسه بالتزوير والطرق غير المشروعة تحت لافتة القوائم الكبيرة .
العراقي الحقيقي ليس بحاجة الى النسب الصدامية للفوز , والتي تأتي حتماً عن طريق التزوير والخداع . والعراقي الحقيقي ليس بحاجة لأن يضع أسماء حثالات البعث ضمن قوائم الاحتجاج ليضاعف حجم المحتجين .
نناشد كل العراقيين الحقيقيين في كل القوائم , والذين هم اقرب لبعضهم من حثالات البعث وحثالات الطائفية في قوائمهم , أن لا ينساقوا وراء رغبات وأفانين القتلة واللصوص . والشرفاء الحقيقيون كثيرون , ولا يزال القرار بأيديهم . العراق والعراقيون أمانة في أعناقكم , وأن ذهب العراق فلن يعود مطلقاً .
لا عتب على القتلة البعثيين ومن عمل في ماكنتهم . لا عتب على ظالم فقد السلطة ويعيد البحث عنها . العتب على من سيضيع عقود الظلم التي لحقت به و بأهله . العتب على المظلوم الذي يمارس سطوة البعث عندما تهيأت له الظروف .
لايزال الامل موجوداً بحكومة توافق وطني حقيقي تنهض بالعراق من المستنقع الطائفي الذي وضعنا فيه . وليس توافق يعتمد بوس اللحى وأقتسام المغانم . فلا الأنظمة العربية المهترئة , ولا الامريكان وعملائهم , ولا ايران ومرتزقتها ستعوضكم عن العراق . وجماهير العراق هي التي أنتخبتكم , وأوصلتكم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم كوريا الشمالية: حان وقت الحرب! فهل يشعل صراع الكوريتين


.. لافروف: ما يهم روسيا هو عدم صدور أي تهديد غربي لأمنها| #الظه




.. الملف النووي الإيراني يستمر الشغــــل الشاغـــل لواشنطن وتل


.. أول مرة في العالم.. مسبار صيني يعود بعينات من الجانب البعيد




.. ابتكار جهاز لو كان موجودا بالجاهلية لما أصبح قيس مجنونا ولا