الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة بين صدام حسين وكمال سيد قادر

عبد الرحمن سليمان

2005 / 12 / 29
حقوق الانسان


ان كانت محاكمة صدام حسين وزمرته, قد صممت بالدرجة الاولى , لبعث رسالة مفادها أن القضاء في العراق الجديد هو عادل , فان تلك الرسالة قد وصلت , وماتبقى صار مبعثا للملل والشكوك المشروعة ضمن أوضاع سياسية تتكشف خيوطها يوما بعد يوم للعراقيين والعراقيات قبل غيرهم , وان كانت صورة القاضي الصبور والرحب الصدر أمام حفنة من الوحوش البشرية , تتصدر المشهد القضائي , فانها وبدون أدنى شك , صورة قد تجاوزت بكثير تلك الموجودة في أفضل الديموقراطيات المعاصرة , ولقد كتب الكثيرون من المختصين وغير المختصين آراءهم وانطباعاتهم حول سير المحاكمة , وانقسموا بين مطالبين لمزيد من الحزم والهيبة , وآخرين يطالبون بمزيد من الصبر والتأني لغرض كشف الحقائق . ولاشك أيضا , أن القائمين بالامر يعرفون جيدا , بأننا شعب يعشق الصور , بل اننا نعيش في حضارة مؤلفة من الصور , فلا يمكن بطبيعة الحال , الحفاظ على الشكل المألوف للمحاكمات الصورية الدارجة , حيث يكون القاضي خلالها مجرد ديكور وناطق بحكم قد أعد سلفا في كل المحاكم " الثورية " التي شهدناها في النصف الثاني من القرن الماضي , ولان لكل صورة ثقافتها , وكل شكل يحمل في ذاته مضمونا بشرط أن يكون صادقا , فهي ضرورية ومهمة للذاكرة الجماعية , ليس فقط لجمال الاطار والرتوش ولا فنية المصور وخبرته ولا ذكاء اللحظة الملتقطة , وانما أيضا لما يمكن أن تثيره في النفوس الانسانية من مشاعر شتى وتنفعل أمامها سلبا أو ايجابا . أقول هذا لعل البعض من ساستنا يقرأون شيئا عن ثقافة الصورة , التي كتبت عنها الكثير ـ حنا ارندت ـ بعد أن خبرت ماتعنيه الصورة النازية في موطنها الاول قبل أن تهاجر الى أمريكا هربا من الظلم والجور الذي كان طاغيا في المانيا الهتلرية , كتبت ذاك وكتب الكثيرون وكتب الكاتب الكردي " كمال سيد قادر " رؤيتهم للواقع كما يرونه , وفي الحقيقة , انهم لم يكتبوا سوى الهمس العام ولكن بصوت عال ومسموع . هل يمكن أن يحاسب الانسان على شجاعته ؟ . حكم على الكاتب الكردي 30 عاما لانه خدش الصورة , وأية صورة تلك التي باتت على كل لسان ؟ , لماذا يخشى ساستنا من كلمات كاتب شاب وهم يملكون السطوة والمال والمليشيات والخبرة والسلاح ؟ . كيف يمكن أن يتخلص الحاكم من صورة الكمال ليكون أقرب للبشرالذين ينطق ويحكم باسمهم , منه الى صورة الملائكة ؟ . يحق للجميع أن يتناسوا ماضيهم المضطهد والقريب ولكن على الجميع أيضا أن يعلم أن التاريخ سوف لايكن سوى الاحتقار لتلك الضحية التي تعيد انتاج جلادها , ماالذي يفسر هذه القسوة اللامتناهية في التعامل مع الذات وهذه الرخاوة في الصورة الخارجية المزيفة ؟ . ان " كمال سيد قادر " ماهو الا مثال جديد من أمثلة يتكررون في فصول متكررة تحكمها نفس الشروط لمعاركنا القديمة , وكم كنا نتمنى لو أن من يملي التعليمات على القضاة الجدد برحابة الصدر والاريحية , يتجاوز مرة قانون العشيرة والطائفة والمذهب . لقد دخل الكاتب منذ أيام في اضراب عن الطعام حتى الموت , فان كانت صور المآسي والويلات والنكبات والحروب التي تعرض لها الشعب الكردي خصوصا , قابلة للطوي والنسيان والحفظ في البوم الاحزاب والعشائر , فحافظوا ولو قليلا على صورة المستقبل
عبد الرحمن سليمان
عراقي مقيم في باريس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن


.. عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة: إما عقد صفقة تبادل مع حما




.. للحد من الهجرة.. مساعدات أوروبية بقيمة مليار يورو للبنان


.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_




.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف