الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الداكير -ارصفة الذاكرة

حيدر كاظم زاهدي

2016 / 10 / 20
الادب والفن


-الرصيف1
-ماذا تسمع؟
-الاماكن ...كلها مشتاقة لك
-برأيك تشتاق الاماكن؟ اقصد تشتاق لنا ؟ كما نفعل اتجاهها؟
-وتتألم
-فوق آلامها ؟
-فوق آلامها ..لا اعرف!!
-لا تعرف ماذا؟
-حاسس انك تعرف اجوبة اسئلتك!
-نعم،اعرفها..
-وليش تصدع رؤسنا اذا تعرفها؟ ما يكفي رطوبه المدينة لهذا اليوم ! دعني استمتع بما تبقى من الاغنية ..
-أكملها يا سيدي ، أجاوبك لما تكمل(:
يتقدم نحو الشاطىء ، يتمتم:
لم يعد الداكير رصيفاً ترسوا عليه السفن،، صار رصيفا للذاكرة ، يعاتب الماضي عنده الحاضر بالطريقة العبثيه ذاتها لكن هذه المرة بلهجة أشد قسوة ، تكاد تصل فوضويتها للمستوى الذي يزعج الهياكل العظمية والجماجم المتبقية لأجساد الزوارق هناك..
-كملت..لماذا تسأل ما تملك جوابا له؟!
-شعور بالنصر
-نصر؟! علام؟
-على المكان
-المكان؟!
-تاكسي..(يلوح لسيارة الأجرة )
-الى أين ؟!
-لنشوفه يروح او لا..
رفض
-اي منطقي ان يرفض
-اي نوع من انواع التراجيديا هذا؟! خلاص نحاول واحد ثانِ
-اي سيدي لو ثاني عشر ..
يتبع
-مزدحمة
-الطريق؟
-الذكريات
لم انس قصاصات الورق المنثورة في احدى قاعات الإعدادية المركزيه ..(تجنبوا الدوام ، يعرض حياتكم للخطر) ..نفس الوقت لم أنس عدم خوفنا منها ذلك الحين
لا افهم لماذا صارت الذكريات خلايا نائمة تستيقظ متى ما يحلو لها وكأن ذاكرتنا فنادق لها تغادرها متى شائت وتعود لها بنفس الوقاحة..بوتيرة مختلفه وبثوب جديد
-أين الازدحام !
-اناشيد الطفوله
-مزدحمة هي الاخرى؟!
-من المشاركين
ربما كانت صافرات الانذار المستمرة اكثر جمالا ولطفا من المتقطعه
-تقصد الغارة؟!
-الغارة
-رغم يقيننا بعدم خطورتها الا انها لم تكن باللحن المشجع
خصوصا اثناء حصة دراسيه للغه العربية
من غير المرحب بصافرة مثل هذا النوع بحضرة الآتي :
اقلب طرفي في السماء تردداً..لعلي ارى النجم الذي اليه تنظر..
-اعدتني لروائح المدرسه ..الأتربة على الاثاث..الطين عند المطر ..الأبواب بدون أبواب
-يا لكم التتشاؤم !
-ع العكس تماما انا متفاؤل رغم كل هذا الكم من الغرابه
سأدرج كل ما يصادفني من فوضيه ضمن مكتبة الموروث الشعبي..سأجد لفوضى الحزن خانة لا تبعد كثيرا عن نقيضتها
-للأفراح فوضى؟
-نعم.
-نعم ؟ !
-السؤال يحتمل احدى الإجابتين .
-ممكن مسامحتها عند الرجوع بالذاكرة لذلك اليوم الضبابي الشتوي الذي يستمد ضبابه من انهرها الممتدة كعروق الجياع ، وقد نضطر للإفراط بالسماح عند مهاجمة رائحة اسواقها القديمة ، دكاكينها ، باعتها المتجولون ، مقاهيها دور عبادتها- رغم زيها الموحد -فالجميع ضحايا ، الجاني والمجني عليه والمراقب
لا نعرف الامٓ نوجه بوصلة الحساب ، فالكل ..
-الحساب ؟!
-بالتأكيد حساب أنفس تجاه ما لم ترتكب
جلد غريب للذات اتجاه ما لا تقترف ،، رثاء مأآل لم نكن جزء منه
-وسرقة ضد مجهول وووو ..يا سيدي اقول لك متشاؤم تنفي ..اترك هذا ..اي مكان سنزور هذا المساء؟
-الخندق .
-الجواب الأسرع والأكثر قطعيه..لكن..ستكون مسؤليه !
-علام؟
-ممم ربما كلانا ؟
-ستكون كذلك ..كلانا
-وهذه الخندق ،،
-يحظرني بيت الشاعر محمود درويش
يا للزمن طبيب العاطفيين ،كيف يحول الجرح ندبة وكيف يحول الندبة حبة سمسم
أنظر إلى الوراء، فأراني أركض تحت المطر..هنا وهنا وهنا ، ، هل كنت سعيدا دون ان ادري؟!
-اتفقنا ع بيت واحد !
-خلاص ادفع الغرامات المترتبه ع الإفراط
-من منطلق ثالوثها الشعر والسياب والوتر؟!
-انقطع الوتر تاركا الشعر والسياب متطفلين على بعض ضمن احادية خجولة ..
-هل لازالت ال250 دينار تمثل عقبة امام تغيير أسعار هاتف لشطائره؟
-حسناً اظنه استغنى عن مشروعه هذا ،
-هذه المدينة..
-قبل ان تكمل ،كل مدن العالم فيها المسحوقين والمترفين
لكن الساحق هو العنصر الدخيل الذي يغير صبغتها
هنا الساحق هو المسحوق
-شيء مؤسف
-اتسائل احيانا عن الأسباب التي تحيل دون كرهها ، اجد نفسي اعرفها لكن لا أستطيع تشخيصها فهي هنا وهناك
-ممكن لكثرتها؟
-ممكن،لا اعرف ، لكن كل الذي اعرفه هو عجزي عن تقديم احدها
-ها قد جبنا الخندق بكل حاراتها ،، ما هي الوجهة الان ؟؟
-ها قد عثرت على احد الأسباب
المصابيح فوق أبواب الشناشيل منتصف المسافة الزمنية بين الغروب والظلام المادي
-ما هي الوجهة الان؟!
-ظننتك ستطلب توضيح المادي!
-رحمة بالصداع يا رجل ، الوجهة بريه ام بحرية حدد!
-ممكن الظفر بأحد الابلام العشارية بمثل هكذا ساعة متقدمة (بالنسبة لشاطئ كهل ) ؟
-ممكن؟ ممكن!
-لنتجاوز سوق العطارين ..سيكون لقاؤه اقسى مما هو ممكن فيما لو كانت دكاكينه مفتوحة ..ستكون رائحة حناء الفاو والبهارات الهندية كفيله بغرق شقيقاتها من خلايا الذاكرة التي فارقتها ببحر عميق من التراجيديا..
لا اعرف ما سر هذا الإحساس الغامض
احساسين على وجه اصح
-الاول؟
-الثاني هو ان كل ما هو مهجور من كنائس ومساجد ودكاكين ومعابد لم يعد مهجورا
-على فرض تجاوزنا تجاوزك للاول والانتقال مباشرة للثاني ..(خلينا نشوف الاول)..
-الاول :لم يهجر اي مما ذكرت مسبقا ..ولم يترك اهلها إياها حتى في المساءات الباردة ،،لقد هجرها زمن جائر ها هم سكانها يعانقونها عناق المعاتب اللحوح في عتابه
الم اقل لك ،، الجاني شبح!
صوت بعيد ..جولة بالزورق..جولة بالزورق
-ها قد اقتربنا من مرسى الزوارق
-نعم سمعت المغريات التي يطلقها أصحابها ..اقصد الزوارق، هل يمكن تجاوز ..
-ما هذا الحب المفاجئ للتجاوز ..الاغرب انك تتجاوز ما لا يمكن ان يعقل ان ترغب تجاوزه بيوم من الايام! ..كرهاٌ؟ ام الخوف مجددا من لقاء هذا العدد من الاحبه!
-الاخير .
-احدهم : جولة ب5 الاف دينار فقط وصولا لما بعد الجسر
-كالعادة..المكان المفضل نهاية الزورق بعيدا عن الموتور ..
-كيف لسنوات الحصار الاقتصادي ان تكون ذكرى معتدلة رغم قسوتها وكيف للحرب ان تكون دافعا مشجعا ؟! لا ازال اذكر عبارات التفاؤل ..يمضون ونبقى ..
-لكنهم مضوا وإيانا
اضاع البلد فرصة كبيرة امام التحول الى بلد متقدم ،،كانت سنة مفصلية ،كان بالإمكان ان نأخذ بيد البلد الى ضفة اخرى ، ضفه بلا فقراء بلا جياع بلا محرومين ،، كل ما اتمناه ان يكون الضياع مؤقت ..
-عرفتك لا تخوض بالسياسه!
-ولا ازال ع موقفي الكاره للخوض بتفاصيلها،، فأنا رجل لا يفقه بالسياسه ولا ..
- ... ولا ماذا؟
- -نعم من ابتسامتك عرفت ما يجول بخاطري ،فالاثنين كموجة كهرومغناطيسية ،، متلازمين
- تقصد..كالطفيلي ومضيفه!
- -لا زلت تفضل درس الأحياء على الفيزياء؟!
- -نعم
- يا غايب ليه ما تسأل أحبابك الي يحبونك
- الحرب مرة اخرى ؟
- نعم اعتاد راديو سوا ع إذاعتها اثناء الحرب حتى صرت أجترها كلما ذكرت الحرب
- اتسآئل عن السبب الذي يجعل للأغاني صدى في مثل هكذا مدينة مليئ بالكراكيب ! هل تغيرت القوانين الفيزيائية ؟! ع اعاتبارك ضليع بالفيزياء !!
- الأغاني الحزينة لا تخضع للفيزياء ..
- خلاص لا تخضع للفيزياء ،
- ادفع للرجل اجوره شارفنا على الوصول
- ما هي الوجهة القادمة ؟
- افضل المنزل
- عمت مساء
- عمت مساء

-دافعوا العربات كموجة جراد تجتاح السوق والفنادق الرثة مليئة بالكادحين والشحاذين والبغايا ، ما اصعب الحاجة التي تجعل من مسكينة بعمر الزهور ان ترتمي باحضان زبون بكرش ممتلأ ورائحة نتنة لتعود بما يسد النزر اليسير من رمق جوعها وذويها ، سيهزم التاريخ هذا الشبح ، انا متأكد سيكون التاريخ بارعا في تشخيص كل ما لم نشخصه





الداكير اسم لروايتي المستقبلية تشتق اسمها من منطقة الداكير او dockyards اي رصيف السفن الكائن في مدينة البصرة العراقية ، احاول من خلالها الربط بين رصيف السفن وأرصفة الذاكرة بعد مغادرة البلد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب