الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضائية عشتار العراقية .. وبعيدا عن السياسة

ادورد ميرزا

2005 / 12 / 30
الصحافة والاعلام


الحق يقال أن فضائية عشتار بالرغم من حداثتها قد استطاعت أن تنجح في اكتساب الشعبية وهو ما يحسب لها وليس عليها من وجهة النظر المكيافيلية فقد قدمت نفسها جسرا موصلا للمشاعر التي بات يهددها الأغتراب , نعم عشتار احبوها الجميع لأنها نطقت بلغة ولهجة اهلنا التي نخاف فقدانها , عشتار حملتنا على جناحيها وبغمضة عين اوصلتنا الى عشائرنا وديارنا العتيقة , النقطة الثانية البارزة في عشتار والتي زادتها شعبية هي الوطنية حيث التنوع الرائع في تقديمها للخبر او البرنامج بلغات متعددة عراقية وهذا ما يجعلها اكثر حرصا على ابناء العراق بمعنى تحلّيها بصفة المواطنة التي يتبناها الكثيرين .

ان التعامل بلغة الأم { السورث } له الأثر الكبير في انشدادنا لها ويقوي التماسك الأجتماعي من حيث انه يعبر عن احترام الأصل الذي يرفض المصالح الشخصية او الحزبية الضيقة , عشتار ولادتها طبيعية وان دلت على شئ انما تدل على النضج الكامل لمؤسسيها حيث اعتمدوا في بناءها المصلحة العامة دون غيرها وسيبقى هذا النهج سر نجاحها .
ولعلّ الدافع الأقوى لي للكتابة عن - فضائية عشتار – ليس فقط ، لأنها عراقية وليس لأنها ذات طابع ترفيهي فقط , انما الدافع هو وطني بحت يمس المشاعر بشكل مباشر ويبعث في كياني مشاعر الأسرة العراقية بلهجتها وتقاليدها بل بملابسها وغذائها ايضا ولأني انتمي للأسرة المسيحية بكل مذاهبها ذات العادات والتقاليد الخاصة والتي بات الزمن يبعدنا عنها شيئا فشيئا , فاني اعتبر عشتار بيتي الثاني .
في عشتار ارى بيوت كل العراقيين بكل انتماءاتهم الدينية والقومية تجمعهم الألفة والعادات التي في غالبيتها مشتركة واحيانا كثيرة متشابهة , وهذا ما يجعلنا ان نسعد بها كفضائية اجتماعية شاملة .
واعتقد أن هذه الفضائية التي تشرع أبوابها اليوم لكل ما هو وطني أو قومي ، ستتقدم بخطاً حثيثة وستنال اعجاب الكثيرين لما تحمله من منهج وطني غير منحاز وهي بهذا النهج بحاجة الى دعم من لدن الجميع لمناصرتها ودعمها لكي تستمر في خدمة دورها الإعلامي ، بل والثقافي ، بعيدا عن أية حزبية ضيقة والتي بات شعبنا { السورايا } يكرهها . ان إقامة { محطات فضائية اجتماعية } هادفة تصور حياتنا وتشرح ثقافتنا وميولنا نحو التقدم والديمقراطية وتلقي الضوء على الواقع الحقيقي الذي يعيشه شعبنا مع التركيز على احترامنا لعاداتنا وتقاليدنا بمعنى الأستقلالية في الأنحياز نحو احترام تأريخنا , يدل على انبعاث ثقافتنا من جديد , ولدينا في ذلك مثالين هما فضائية { سورويو } التي تبث من السويد والتي اتابع برامجها الرائعة والمتنوعة الى درجة اني اشبهها بحاظنة شعبنا بكل مذاهبه فهي تقدم الجميع وتسعى لأرضاء الجميع , فبالرغم من قلة عدد برامجها وقلة ساعات بثها الا انها وبمساعدة مقدمي برامجها المتميزين تقدم اعمالا جبارة وعظيمة , والفضائية الثانية هي { الفضائية الأشورية } التي تبث من الولايات المتحدة الأمريكية , هذه الفضائية هي الأخرى تساهم في نشر ثقافة التوعية من خلال برامجها المتنوعة وقد كتبت عنها الكثير , ان القاسم المشترك الذي يجمع هذه الفضائيات هو انتماءها الديني والقومي واساسه هو اللغة وهذا ما يسعد الجميع , ولأني لا اشاهد الفضائيات الأخرى كأشور مثلا .. لذلك اعتذر عن الأشارة لبرامجهم .

ان ما نراه على بعض الفضائيات الأخرى من نشر للمفاهيم المذهبية او الطائفية لا اعتقد بانها ستأخذ مكانها في العقل العراقي التوّاق للتمدن والديمقراطية , كما ان تسويق الأغنيات الهابطة في برامجها والتي تؤدي إلى تشويه النظرة العامة إلى مجتمعنا بالأضافة لما تقدمه محطاتنا الإخبارية من مشاهد لعمليات التفجير والقتل والأغتيال وكأنها صفة ملازمة لشعبنا الى جانب تقديم الأغاني الهابطة والتي تعتمد على الإيحاء الجنسي لتنجح , كل ذلك يهدد ثقافتنا ويدمر حظارتنا ولذلك سنحترم وندعم عشتار لأستقلاليتها اولا ولأبتعادها عن التوجهات السياسية مهما كانت مصادرها وتبنيها للأفكار التي تقوي وحدة الشعب لدفعه نحو الديمقراطية .

فضائية عشتار وبالرغم من حداثتها في التنافس الأعلامي المرئي فانها ستشكل عاملا مهما في توجيه تربية ابناءنا نحو الوطنية والرقي والتقدم حيث لا يخفى على احد ان التربية الاجتماعية هي مجموعة النظم والأعراف والقيم المنظمة لسلوك وتصرفات أفراد المجتمع بما يحقق مصالحها المشروعة دون أن تنال من مصالح الآخرين ، فالإنسان الفطري لاتحكمه منظومة التربية الاجتماعية ويتصرف وفقاً لإحكامه الفطرية دون أن يعي نتائجها الصحيحة أو غير الصحيحة , تماماً كالطفل المدفوع غريزياً بتصرفاته ، لايعي مدى الضرر الذي يمكن أن يسببه ضد أقرانه الآخرين من البشر.
لذا تهدف التربية والتي ستتحمل جزءا منها فضائية عشتار لتدجين الإنسان الفطري وتلقينه جملة من التصرفات والسلوكيات والنظم بما يخدم أهدافه ومصالحه بالدرجة الأولى وبذات الوقت فإنها تخدم أهداف ومصالح ابناء مجتمعه من الأطياف الأخرى . إن نظم تدجين الإنسان الفطري لم تأتِ من الفراغ ، وأنما هي سلسلة من الجهود والخبرات المتراكمة عبر الأجيال لتنظيم سلوكه وتصرفاته بما لايتعارض ومصالح الآخرين . أن الإنسان الذي تود التربية أن تحققه فينا ليس الذي خلقته الطبيعة ، وأنما الإنسان الذي يريده المجتمع أن يكون .
إن الطبيعة التي خلقت الإنسان ، خلقته إنساناً ناقص التربية وبربري السلوك وليس بوسعه أن يكون عضواً في المجتمع دون أن يتدخل الأخير لإعادة خلقه من جديد ليكون إنساناً صالحاً للعيش مع أقرانه من البشر ويسعى لخدمة مصالحه وأهدافه دون أن ينال من مصالح وأهداف الآخرين وفي تصوري وكما اراها فان فضائية عشتار ستلعب دورا مهما في ذلك خاصة وان شعبنا العراقي يتكون من اديان وقوميات متنوعة .
إن إحدى الأسباب الرئيسية لتخلف المجتمع تعود لتخلف مناهجه الأعلامية والتربوية لإعادة صناعة { تأهيل } الإنسان الفطري إلى إنسان مجتمعي {حداثي} يفهم وجوده ومصالحه في الحياة ، فالإنسان غير المؤهل اجتماعياً غير قادر على متابعة مجريات التطور من حوله , لذا يسعى لإخضاع الإنسان المؤهل اجتماعياً بالقوة والعنف لتوظيف قدراته وإمكانياته لخدمة مصالحه الذاتية ، وبالمقابل يسعى الإنسان المؤهل اجتماعياً لاستخدام كامل قدراته ومؤهلاته لمقاومة الإنسان الفطري غير المؤهل اجتماعياً باعتباره إنساناً غير سوي يلجأ إلى العنف والقوة لفرض نهجه وتوجهاته غير السوية على المجتمع , والأمثلة كثيرة في مجتمعاتنا !

تحية لعشتار ادارة وفنيين وعاملين دون استثناء , وقد يكون مفيدا ان المّح لبعض الملاحظات .

اولا . عشتار كباقي الفضائيات تقدم الأغاني لمختلف المطربين , اما ما يهمنا هو المطربين العراقيين وخاصة أغاني الفيديو كليب , حيث يظهر الراقصين المرافقين لمعظم المطربين هم انفسهم وكأنهم هو الأوحدون في الساحة العراقية معتمدين على رقصة واحدة بايقاع واحد وبحركات لا تخلو من الأثارة الجسدية الغير مبررة وغالبيتهم معروفون في الوسط العراقي بالكاولية وطبعا , المختصون لا يجيزون اعتبار الرقص العراقي الشرقي هو كما تؤديه هذه المجاميع من اكروباتيك دون نظام ولا يمكن اعتبار هؤلاء مدارس في الرقص التعبيري .... على الأقل نريد لعشتار ان تتميز في اختيار الفديو كليب احتراما للرقص الشرقي التعبيري ولكي لا تتحول الى قناة بسيطة .

ثانيا . التنوع والأكثار من البرامج واللقاءات الأجتماعية والتحاور بلهجاتنا المسيحية المتنوعة , مع تسليط الضوء على المبدعين من ابناء شعبنا .. امر في غاية الأهمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة