الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الاستبداد الإعلامي- في الجزائر و مقولة -الثقة في الوثيقة-

علجية عيش
(aldjia aiche)

2016 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


"الاستبداد الإعلامي" في الجزائر و مقولة "الثقة في الوثيقة"

(هل صراعنا داخلي أم تحركه أطراف أخرى؟ )

حال الأسرة الإعلامية في جزائر العدالة و الديمقراطية، يرثى له و لا يحسد عليه ، يبتلع أصحاب مهنة المتاعب المآسي في صمت و هم يحيون عيدهم الوطني المصادف للثاني و العشرين من شهر أكتوبر و الذي كان من اقتراح رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، فبأي حال عدت يا عيدُ؟

ربما أصبح قطاع الصحافة معضلة يستحيل فهمها ، لأن القائمين عليه يتنكرون للصحفي ، لا لشيء، إلا لأن هذا الأخير يستعمل في خطابه أسلوبا "اعتراضيا" كنوع من "الثورة" و التمرّد على فكرة "التبعية" و هي في الحقيقة إشكالية لا ترتبط بمهنة الصحافة وحدها، بل هذه الجرثومة داءٌ مسّ كل مؤسسات الدولة السياسية منها و الاقتصادية قبل أن تنتقل إلى قطاع الثقافة، فصراعنا داخلي و لا علاقة له بالآخر، و الغريب أن هذا الصراع الذي كان رجوليًّا في يوم ما، ارتبط هذه المرة بتاء التأنيث، حيث سال حبر كثير و بألوان عديدة حول مهنة المتاعب، و المشاكل التي يتخبط فيها الصحفي ، الذي قلما نجده ينقل مشاكل الناس إلى المسؤولين و يكشف العيوب الموجودة في المشاريع و قضايا الفساد و الرشوة و يدفع ضريبة الحرف الذي يكتبه، و لكن لا أحد يشعر بآلامه، حتى المقربين منه من المسؤولين على القطاع و حتى داخل المؤسسة التي يتعامل معها الصحفي، و لأول مرة منذ بدء التعددية الإعلامية يخرج صحافيين عن صمتهم، و يطرقون باب "المعارضة" تنديدا بالأوضاع التي يعيشها الصحفي في الجزائر، و العقبات التي تواجهه و هو يغطي الحدث الإعلامي، لغياب إمكانيات العمل، ليس ضروري هنا ذكر هذه العقبات لأن المسؤولين على القطاع على دراية بها، و يعرفونها كما يعرفون أسماءهم و مقرات سكناهم، لأنهم عاشوها قبل أن يؤسسوا جريدة لهم أو قبل أن يحظوا بترقيات نقلتهم إلى حيث توجد النجوم، و لكن البعض من المسؤولين بدلا من أن ينشروا العدل و المساواة، و يجسدون مبدأ الديمقراطية الإعلامية راحوا يمارسون على رفاق المهنة "الاستبداد الإعلامي"، وكأنه يعيش عهد الرق و الإقطاع، و يمكن الوقوف على الراتب الشهري للصحفي العامل في القطاع الخاص و الذي يتراوح راتبه الشهري بين 10 و 15 ألف دينار ، و زيادة على هذا فإن بعض الصحافيين لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر، دون الحديث عن حرمانه من التغطية الأمنية و حقوق أخرى مشروعه مثل الحق في الحصول على البطاقة الوطنية للصحفي.
لا يمكن لأيٍّ كان طبعا أن يتنكر للوضع الذي عاشه الصحافيون في مرحلة العشرية السوداء فيها قدموا تضحيات بشجاعة وبسالة فسجنوا وتعرضوا للمضايقات، و كانوا ينتظرون صدور القانون الجديد ليرد لهم الاعتبار، ليفاجأ البعض منهم بالشروط التعجيزية التي وضعتها الوزارة، حيث يشترط أن يقدم طالب البطاقة نسخة من "عقد العمل" المبرم مع المؤسسة التي يتعامل معها، مطبقة في ذلك الشعار الجزائري : " الثقة في الوثيقة"، كان ذلك على حساب الكفاءة و المهنية و الأقدمية، التي لم تجد لها مقعدا أمام المحسوبية و الجهوية التي خلقت لها مكانا بقوة في هذه اللعبة، و بقي الصحفي آو المراسل الصحفي بين نارين محرقتين، إما أن يستمر و يتنازل عن حقوقه الشرعية، و إما الانسحاب.
و فيما وقف بعض الصحافيين بين المطرقة و السندان ، فضّل فريق أن يتبنى فكرة " المعارضة"، من خلال الخروج إلى الشارع في مسيرات سلمية، للمطالبة بحقوقهم الشرعية، لكن النتيجة لم تكن مثمرة مائة بالمائة ، و ظل الوضع على حاله، خاصة بعد الأزمة المالية التي عصفت بالعديد من الصحف التابعة للقطاع الخاص، و إعلانها الإفلاس، و مست الأزمة صحف حزبية، وصلت حد الغلق مثلما هو الشأن بالنسبة لأسبوعية المجاهد (لسان حال حزب جبهة التحرير الوطني)
فأن ينتقل مراسل إلى منصب مسؤول عن مؤسسة إعلامية بل إلى منصب وزير، يشرف على قطاع حساس بأكمله شيء مُشَرِّفٌ جدًّا للصحفي و المراسل الصحفي في الجزائر، لكن المؤسف جدًّا أن يتنكر المسؤولون في قطاع الصحافة إلى معاناة الصحفيين و المراسلين الصحفيين الذين هم في أبجديات الصحافة صحافيين يعملون خارج قسم التحرير، بعد التضحيات التي قدموها لخدمة الخبر و تنوير الرأي العام و نقل هموم المواطن و انشغالاته إلى المسؤولين، و لسنا هنا لعرض المشاكل التي يتخبط فيها أصحاب مهنة المتاعب، لأن المسؤولين فوق أدرى بها ، بدءًا من الوزير نفسه، نزولا إلى مدير المؤسسة و رئيس التحرير و ربما إلى رؤساء الأقسام و هذا حديث آخر لا يمكن حصره هنا.
الصراع هو صراع داخلي طبعا، ولا علاقة له بالآخر الذي يرقبنا من بعيد و من وراء البحار و ينتظر اللحظة لتدميرنا، و الأسباب كثيرة و متنوعة يصعب حصرها كلها في مقال، و لكن يمكن اختزالها في عبارة واحدة و هي أن أطراف سَيَّسَتْ الثقافة و غفلت عن مسألة مهمة جدا ألا و هي تثقيف السياسة، كما أن الصراع يؤكد على أن إشكالية "التخصص" في الجزائر معقدة ، جعلت الكثير يتدخلون في أمور و قضايا خارج تخصصهم، بحيث نجد كل واحد يدلوا بدلوه، فالسياسة و الثقافة و الإعلام في الجزائر، أصبحت لا قيمة لها في زمن "الرداءة"، و في زمن " اللامبالاة" أضحت فيها "النخبوية" غير مقبولة ، و أصبح التلاعب بالكلمات اللغة المسيطرة في الساحتين الثقافية و السياسية، و لكل واحد أسلوب خطابي يميزه عن الآخر، و ربما هذا الأسلوب الخطابي أعماهم عن رؤية الكثير مما يحدث بالفعل.
علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يحب لاعبو الغولف ملاعب -لينكس- الصعبة؟


.. دمار كبير في عيتا الشعب وتبادل مستمر للقصف.. كيف يبدو المشه




.. المحكمة العليا الأميركية تحسم الجدل حول -حصانة ترامب-


.. وضع -غير مألوف- في فرنسا.. حكومة يمينية متطرفة تقترب من السل




.. قبل -جولة الحسم- في إيران.. معسكران متباينان وتغيير محدود |