الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المشاغب- فتح الله محروس .. وداعا

رياض حسن محرم

2016 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


رحل بعيدا حيث الخلود الأبدى فى قلوب العمال والفلاحين إبن قرية الحجرات بمحافظة قنا المناضل الصلب عم فتح الله محروس، الذى بدأ نضاله ضد المحتل الإنجليزى فى أربعينات القرن الماضى حتى وافته المنية السبت 22 اكتوبر 2016 بالاسكندرية، تلك المدينة التى قضى بها عمره مناضلا الذى بدأه فى مصنع الطويل مع المناضل العمالى محمود درباله، لتبدأ مرحلة جديدة من نضاله بدخوله سجن الحضرة، بعد أن تم اتهامه بقضية تنظيم شيوعي، يهدف قلب نظام الحكم، وينشر الشيوعية في مصر في 30 يوليو 1954، وكانت محاكمة المناضل الصغير صاحب السبعة عشر عاماً، أمام المحكمة العسكرية العليا، حيث أودع بسجن الأجانب طيلة الشهر، بعدها تم ترحيله إلى معتقل أبو زعبل أواخر عام 1955، وبعد مرور 18 شهر من تاريخ المحاكمة اصدر عبد الناصر قرارا بالإفراج عن جميع السياسيين المعتقلين، ويفاجئ فتح الله محروس بعد خروجه من المعتقل بقرار فصله من العمل في انتظاره، أما أمه فكانت خير معين، حيث تحملت متاعب مشاركته في الحياة السياسية دون كلل وبصبر لا مثيل له، بعدها تنقل محروس بين آدني وظائف ليوفر لعائلته قوت يومهم، فعمل في المعمار، واشتغل في حفر ورصف الطرق، وتنظيف الأتوبيسات والتروماي ليلاً، بجراجات النقل العام بمنطقة مصطفى كامل، بميلغ 16 قرش، واشتغل عاملا في مصنع حديد التسليح، بأجر 18قرش، نظير 10 ساعات عمل يومياً، أثناء فترة السجن علّم نفسه القراءة والكتابة وكان من أوائل الكتب التى قرأها عدة مرّات رواية الأم لمكسيم جوركى.
بعد إنتهاء فترة تجنيده عام 1962 عمل بشركة النيل للغزل الرفيع، بالبر القبلي بمنطقة النزهة، وقتها كانت هناك تحركات عمالية نشطة داخل الشركة، وكان العمال يعقدون لقاءات أسبوعية واجتماعات بمقر نقابة عمال النسيج في سموحة، واستطاع فتح الله محروس بلورة مطالب العمال في تحسين ظروف العمل وشروطه، وانتهت الحركة بتقديم مذكرات وافية رفعت لكل المسئولين بالدولة، تم نقله على إثرها من عامل إنتاج غزل، في مصنع النيل، إلى عامل مخازن، بمخزن مهجور، بفرع الشركة بالقاهرة، واتهم وقتها بقضية التشهير بإدارة الشركة، وتم فصله نهائيا من العمل فى 1965 بعد أن تم إستدعائه للجيش مرة أخرى للمشاركة فى حرب اليمن، و أرغم أعضاء اللجنة الثلاثية على الموافقة على فصله من وظيفته، بعد أن رفضت القرار في جلستين متتاليتين، مستندين أنه لا يجوز فصل عامل أثناء استدعائه في الجيش للحرب في اليمن، وبعد ضغوط على رئيس اللجنة الثلاثية اعتمد قرار فصله، ولم تفلح قضيته التي رفعها أمام مجلس الدولة، والتي خاصم فيها رؤساء العمل بشركة النيل، بدعوى أن مدة التقادم على رفع القضية تجاوزت الحد المسموح به، رغم أنه اثبت للمحكمة انه عرف بخبر الفصل فور وصوله من اليمن، على متن السفينة بميناء السويس، وعاد عم فتح الله لمواجهه مصيره المجهول والتحق بعدد من الوظائف منها عامل بالمعمار المسلح، وعامل في شركة سباهي، بقسم «فرفرة وتنظيف القطن»، الى أن تم استدعائه، للمرة الثالثة، للمشاركة في حرب 1967.
بعد الهزيمة وخروجه من الجيش تم تعيينه بشركة سباهى للغزل والنسيج بالأسكندرية ليبدأ رحلته مع العمل النقابى فى أوساط العمال، وبعد مرور سنة من التحاقه للعمل بالشركة رشح نفسه للانتخابات اللجنة النقابية دورة 1971، واستطاع تحقيق جزء من أحلامه في العمل النقابي، وخاض أيضا معركة انتخابات مجلس الشعب فى 1976، وتزعم وقتها حركة عمال الغزل والنسيج بالإسكندرية، ورفع راية الحريات النقابية، وبعد أن اشتدت قوة الحركة ضربت بهجمة أمنية من المخابرات المصرية، واتهم محروس للمرة الثانية في قضية تنظيم شيوعي، لقلب نظام الحكم، أطلق عليها «قضية حزب العمال الشيوعى المصرى»، أودع بعدها سجن الحضرة طيلة 22شهر، منهم 6 اشهر في "الحبس الانفرادى" وشاركه فى السجن المناضلون إبراهيم فتحى وسعيد العليمى وجمال عبد الفتاح وآخرين، وفى أواخر 74 عقدت أول جلسة في القضية بعد حبس دام سنة كاملة، بحجة استكمال التحقيقات، وقتها دخل الى السجن مجموعة من طلاب وطالبات جامعة الأسكندرية لمشاركتهم فى الحركة الطلابية المطالبة بالحرب لتحرير سيناء من دنس العدو الصهيونى.
شهدت المحاكمة مظاهرة شعبية بدأت من سلالم المحكمة الإبتدائية بالمنشية لتشق طريقها عبر محطة الرمل وينضم اليها جمهور غفير من أهالى الأسكندرية لتنتهى بالمجمع النظرى فى سوتر، هذه المظاهرة الغير مسبوقة حملت شعارادانة المحاكمة ودعم المتهمين في قضية شيوعية، مما دفع القائمين على الأمر إلى تأجيل نظر القضية، و تهريب المتهمين من أحد سراديب المحكمة للرجوع إلى السجن مرة أخرى، وحصل محروس على الإفراج النهائي في الجلسة الثانية عام 1975، رغم استئناف رئيس الجمهورية لقرار المحكمة القاضي بالبراءة، إلا أن المحكمة قضت فى جلستها الثانية بالبراءة مرة أخرى، وذلك بعد أن أثبتت هيئة الدفاع بطلان وعدم دستورية قانون المخابرات المصرية، وبطلان إجراءات القبض على المتهمين، بعدها نزل فتح الله منصور للعمل السرى لسنوات، وبعد ذلك عاد للعمل العام ورشح نفسه ثانيا لإنتخابات مجلس الشعب ولكن وكالعادة تم تزويرها.
شارك المناضل فتح الله محروس فى جميع فعاليات ثورة 25 يناير منذ بدايتها وكان إسبوعيا يتقدم المظاهرات من جامع إبراهيم حتى سيدى جابر على قدميه رغم تقدمه بالعمر ومرضه، وبعد ذلك ساهم فى تأسيس حزب التحالف الشعبى وكان على رأس المؤتمر الدائم لعمال الأسكندرية، وشارك فى الكفاح العمالى حتى آخر نفس له، آخرها كان يوم الجمعة 14 إكتوبر بدار الخدمات النقابية بالأسكندرية بندوة عن الحريات النقابية التى أدارها بنفسه، لذا لم يكن غريبا أن يتم إخراج فيلم يحكى فيه عن حياته ونضاله منذ كان طفلا هو فيلم "المشاغب" الذي أخرجه عنه عمر خالد وجمع مادته البحثية مصطفى محيي وعرض بسينما زاوية وعشرات الأماكن بالقاهرة والأسكندرية والمحافظات، في هذا الفيلم يلعب الســرد بلوحات لفنانين عالميين تُعبِر عن الظلم والبــطولة، وبلــقطات عادية جداً تحدث في الشــارع كل يــوم، من دون أن تُثير اهتمام أحد عدا أن الكاميرا التقــطتها وخزنتها إلى وقت الحاجة، وحتى ببراويز الصور الفوتوغرافية التي كانت إلى جوار فتح الله محروس وهو يحكي عن حياته.
هكذا وصل الفارس النبيل الى نهاية السباق مرفوع الرأس سيستمر عطاءه بيننا طالما بقى النيل مستمرا فى رحلته الطويلة ومصر راسخة صلبة فى أرضها الغنية...وداعا المشاغب فتح الله محروس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟