الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-جمنة غراد- و غزالة الشيبانية ..

محمد محسن عامر

2016 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


أصدر قابض المالية التابع لوزارة المالية أمس الجمعة 21 اكتوبر الجاري قرارا يقضي بتجميد كل الحسابات البنكية لجمعية “حماية واحات جمنة” مما أجبر الجمعية على الردّ عبر تنفيذ اعتصام أمام مقر ولاية قبلي . هذا يقول أن معركة كسر العظام بين الجمعية و من خلفها سكان مدينة جمنة و السيد كاتب الدولة مبروك كرشيد و من ورائه ترسانة القوانين و سلطة الإجبار القانوني و الأمني تتجه نحو التعقيد و التصعيد أكثر .
التضاد السياسي و الإجتماعي يظهر في صورتين :
المنطق الدولتي المخوزق حول لا قانونية استغلال جمعية حماية واحات جمنة للهنشير . حتى لو اعتبرنا أن في هذا الموقف بعض من وجاهة القانون و ضرورة بسط الدولة نفوذها القانوني على أملاكها إلا أن هذا الإصرار من السلطة على دفع الخلاف خارج إطار التوافق و غلق كل المخارج و التسويات يعبر عن فزع طبقي من قبل النظام من تحول جمنة من تشقق بسيط غير ذي قيمة يمكن أن يتم التغاضي عنه إلى تصدع كبير قادر على فضح لوبيات الفساد و المتنفذين من الصفقات المشبوهة التي تعقد في البتات و الصفقات العمومية عموما .
أكثر من ذلك , تحولت جمنة من خلاف قانوني إلى ألية مجابهة و حشد بين الدولة بما تختزنه من فساد في دوائرها و طبيعة النظام المسيطر الذي ينتهج نفس الخيار الإقتصادية و الإجتماعية للنظام السابق و التي ستدفع كاستتباع طبيعي نفس بؤر الرفض الإجتماعي السابقة إلى النشاط من جديد و إنعاش الاحتجاج الاجتماعي المناهض للسلطة . بالتالي ضرب هذا العصيان البسيط ذا الخلفية التي تنحو نحو الجذرية بذريعة "القانونية" و " هيبة الدولة" أصبح مسألة شديدة الحيوية و الخطورة على النظام المسيطر .
في المقابل جمنة في إطار تشكل سياسي جديد من أزمة محلية في علاقة بمرفق عمومي إلى خندق مجابهة و متاريس احتجاج اجتماعي ضد الدولة . هذه هي النقطة المفصلية الحقيقية في مجرى النزاع على الجبهة "الجمنية". الجميع يحاول أن يدفع جمنة للتحول إلى جمنة غراد ضد النظام . هذا ما يفسر كم التضامن المواطني و الحزبي السياسي و الإنتلجنسي الذي أجبر حتى الإسلاميين على مجارات الموجة و تجاهل العيون التي ثقبها علي العريض بالرشّ في سليانة .
"أسد علي وفي الحروب نعامة" . صدر البيت الشهير الذي قالته عزالة الشيبانية في مواجهة الحجاج بن يوسف الثقفي ربما هو المثل الذي ينطبق على النظام الحاكم دوما . عنفوان الرفض في مواجهة عناد السلطة , الإصرار في مواجهة العنجهية و التحدي في مواجهة تصلب السلطة . وقفت السلطة منذ ترويكا الإسلاميين حتى تحالف "الوفاق الضروري" موقف المتواطئ مع لوبيات الفساد إلى حدود تجميعها سياسيا داخل حزب تدوير التجمع الدستوري الديمقراطي _حزب نداء تونس_ وصولا إلى طرح قانون المصالحة الإقتصادية المشبوه .
كما هو معلوم طبيعة النظام الحاكم تجبره بحكم تكوينه البنيوي إلى مجرد إدارة دائمة للأزمة الإجتماعية و الإقتصادية و التي تعبر هي نفسها عن هذه الأزمة و نتاجا سياسيا لها . إذ ذاك هناك مسار حتمي تتجه فيه الحركة الإجتماعية , ألا و هو التأزم الثوري و هذا بكل بساطة ما تدفع السلطة نفسها و جمنة نحوها مع مزيد تعميق الأزمة . لذا و كما ظهر التضامن المواطني كأدة كفاحية سلمية ضد تمشي السلطة فإن مزيد تعميق أزمة جمنة سيدفعها حتما إلى التحول إلى جمنة غراد جديدة و ستنتقل أنفونزا الإنتفاض من جديد نحو جمنة و ما بعد بعد جمنة .
جمنة هذه المدينة التي تقبع في عمق صحراء الجنوب تقاوم صلف النظام كغزالة الشيبانية في مواجهة عنجهية الحاكم , إنها تستقي من شعرية الصحراء قيم التصعلك الطبقي ضد حكم المسيطرين و قوانينهم الجائرة , ضد عدل أعور بكفة واحدة يرى بعين واحدة ما يريد أن يراه المسيطرون . إنها حقيقة التمرد مجردا , واضحا , مشعّا كضوء في بلّور ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟