الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش، بندقية للإيجار أنتهى دورها

عبدالخالق حسين

2016 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



لقد بات واضحاً، أن "داعش" أو ما يسمى بالدولة الإسلامية (IS) أو (ISIS)، هي نتاج مؤامرة محلية وإقليمية ودولية، لغرض واحد في البداية، وهو منع السيد نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق من ولاية ثالثة بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، عام 2014. وقد عقدوا الأمل في أول الأمر للتخلص منه، على الانتخابات عسى أن يفشل، ولما خاب آملهم، استخدموا هراوة داعش، حيث تم تسليم محافظة نينوى (الموصل) ومن ثم محافظة صلاح الدين (تكريت) وقضاء الفلوجة بدون إطلاق رصاصة واحدة، إذ تمت عملية التسليم وفق مخطط أتفق عليه خصوم المالكي في الداخل والخارج للتخلص منه. وكان لهم ما أرادوا، حيث استقال المالكي وتم اختيار الدكتور حيدر العبادي بديلاً له، والذي أثبت جدارته. وقد ذكرنا الأدلة على صحة ما نقول، في مقالنا الموسوم (تحية للجيش الذي أسقط "أسطورة" داعش)(1)، بمناسبة تحرير محافظة صلاح الدين (تكريت) في العام الماضي. ومن هذه الأدلة على سبيل المثال لا الحصر، نذكر أن الرئيس أوباما رفض مساعدة العراق في محاربة داعش، وحتى رفض تسليم الطائرات الحربية التي دفع العراق أثمانها، طالما بقي المالكي رئيساً للحكومة. ويشار إلى أن مسؤول إسرائيلي كبير، أنتقد الإدارة الأمريكية في حربها على داعش، قائلاً يجب عدم القضاء على داش، بل تركها لإشغال العرب، فوجود داعش ضروري لضمان أمن إسرائيل.

فمن الأخطاء القاتلة التي ارتكبها السيد نوري المالكي، هو اذعانه لضغوط إيران برفض بقاء عدد من القوات العسكرية الأمريكية في العراق ضمن اطار الاتفاق الاستراتيجي المعقود بين البلدين عام 2011، بذريعة أن بقاء هذه القوات يخل بالسيادة الوطنية. وبعد (خراب الموصل)، نحن إذ نسأل: أيهما أكثر إساءة للسيادة الوطنية، بقاء عدة آلاف من العسكريين الأمريكان لتدريب قواتنا العسكرية، ورفع قدراتها الدفاعية، وضمان ضد تجاوزات دول الجوار على حدود بلادنا، أم احتلال ثلث مساحة العراق من قبل عصابات الدواعش، شذاذ الآفاق، الذين دنسوا الأرض وهتكوا العرض؟ فأية سيادة هذه؟ إنها عقدة العناد والمكابرة، وسوء الفهم لمفهوم السيادة الوطنية في عصر العولمة، حيث تشابكت المصالح، والمشكلة الوطنية تعتبر مشكلة عالمية. فهاهي القوات الأمريكية تعود بطلب من الحكومة العراقية للمساعدة في تحرير المناطق المحتلة من الدواعش. والكل يعلم أن 80-90% من الدواعش هم من أبناء المنطقة، وأغلبهم من قوات الحرس الجمهوري الصدامي السابق.

لقد بالغ الإعلام العربي والغربي بقوة داعش، وجعلوا منها قوة أسطورية لا تقهر، التي "هزَّمت" الجيش العراقي المدجج بما قيمته عشرات المليارات الدولارات من السلاح الحديث. والغرض من كل هذا التهويل هو ابتزاز الحكومة (التي يهيمن عليها الشيعة، والموالية لإيران)، كما يردد خصوم العراق الجديد، وكسر هيبتها. هذا الكلام بالطبع سيضعنا في خانة (نظرية المؤامرة)، ... فليكن !.

وأخيراً، وكما هو المعهود دائماً، انقلب السحر على الساحر، فداعش انتقم حتى من أهل السنة الذين رحبوا بهم، فهتكوا الأعراض، وقتلوا منهم الألوف، وشردوا مئات الألوف، وأذاقوهم سوء العذاب، و وصل إرهابهم حتى إلى الدول التي خلقتها ودعمتها بالمال والسلاح، مثل تركيا والسعودية، كما وصل إرهابهم إلى أوربا وأمريكا وكندا. لذلك تم تشكيل التحالف الدولي لمساعدة العراق للتخلص من داعش التي انتهى دورها في تدمير العراق وسوريا.

فالجيش الذي حاولوا تدمير معنوياته، هو نفسه الذي قام بتحرير محافظة صلاح الدين، ومن ثم محافظة الأنبار بما فيها الفلوجة التي اعتبروها قلعة الدواعش "الثوار" كما كان يسميها بعض المشاركين في العملية السياسية، وهم في الحقيقة كانوا يمثلون الذراع السياسي لداعش في السلطة.

وأخيراً جاء اليوم المشهود، يوم تحرير الموصل "عاصمة الخلافة" لأبي بكر البغدادي، بعد تحضيرات دامت طويلاً، بصبر وحكمة، فانطلقت الشرارة في فجر يوم الإثنين، 17/10/2016، وإذا بالجيش يزحف نحو الموصل بأسرع مما كانوا يتوقعون، بشهاد القادة العسكريين العراقيين والأمريكان، وهذا يستحق الثناء والتحية لقواتنا المشتركة الباسلة.

لا أحد يدعي أن تحرير الأرض والعرض من رجس الأشرار الأنجاس عملية سهلة، وبدون تضحيات، إلا إننا شاهدنا انتصارات القوات المشتركة الرائعة على جحافل الظلام. فبشهادة الديلي تلغراف اللندنية "إنها علمت من سكان مدينة الموصل إن أعداداً من مسلحي التنظيم تفر ليلا، أنهم يذهبون إلى سوريا أو تركيا.(2)
ولكن يجب التحذير، أن داعش لها خلايا نائمة في كل المناطق التي فيها متعاطفون معها بدوافع طائفية، ينتظرون اللحظة المناسبة ليقوموا بدورهم التخريبي، وآخر هذه العمليات الإرهابية هي أحداث كركوك يوم 21 تشرين الأول الجاري، وبالتأكيد ستتكرر هذه العمليات الجبانة في مناطق أخرى.

إن قواتنا الباسلة تستحق كل الدعم والإسناد من الشعب، وعدم السماح للإنتهازيين الذين يزايدون على غيرهم بغطاء محاربة الفساد، كلعبة مقتدى الصدر الذي قاد المظاهرات بحجة محاربة الفساد عندما كانت القوات العراقية المشتركة تحارب الإرهابيين في الفلوجة. وحاول مقتدى أن يقوم بنفس الدور القذر مجدداً عند بدء عمليات تحرير الموصل، حيث دعى أنصاره للتظاهر بحجة الاحتجاج على فساد السلطة القضائية لأنها أصدرت حكماً في صالح نواب رئيس الجمهورية، عملاً بالدستور. وهذا يعني أن رغبات مقتدى وأتباعه (الجهلة، الجهلة) هم فوق الدستور. وحسناً فعل الدكتور حيدر العبادي، بتوجيه إنذار إلى الصدر بأنه سيعاقب إذا ما اعتدى أتباعه على مؤسسات الدولة وخاصة السلطة القضائية(3). ويبدو أن مقتدى بلع الطعم وألغى التظاهرة خوفاً من العقاب.

كذلك من الإنصاف القول أن الدكتور حيدر العبادي، لحد الآن تصرف بكل صبر وهدوء وحكمة يستحق عليها الدعم والثناء والمساندة من الجميع، إذ كما كتب أحد الأخوان بحق: (العبادي حاكم متوازن ورصين حتى الآن، فكفوا يا اولاد شوارع الثقافة والصحافة عن الطعن بأدائه الهاديء).

الدرس البليغ
موصل سيتم تحريرها قريباً بجهود القوات العراقية الباسلة، ودعم التحالف الدولي، ولكن بعد أن دفع العراق كل هذا الثمن الباهظ من أرواح أبنائه، وما تعرض له جميع مكونات الشعب من قتل وتخريب وهتك الأعراض، وتدمير المعالم التاريخية الحضارية للبلاد... وعليه هناك درس بليغ للجميع، وبالأخص لقادة التحالف السني، والسيد مسعود بارزاني، أن التحالف السري مع الإرهاب، وتسليم المحافظات الغربية لـ(داعش)، نكاية بالمالكي، ولتشويه صورة العراق الجديد، لن تزيدكم إلا وبالاً، إنها لعبة خطيرة قذرة أشبه بلعبة شمشون الذي هدم المعبد على رأسه قائلاً: (عليَّ وعلى أعدائي يارب.. وليكن من بعدي الطوفان).
فالعراق بلد غني بإمكانه أن يجعل جميع أبنائه يعيشون برفاه لو تمسك الجميع بالوحدة الوطنية، والنظام الديمقراطي الذي لا بديل له، ولا يمكن التنازل عنه. وليعلم الجميع أن انتصار الديمقراطية أمر حتمي لا بد منه إطلاقاً. وأية معارضة منكم للعراق الديمقراطي يعني جلب المزيد من الآلام والبلاء والكوارث على سكان مناطقكم. وأن السعودية وقطر وتركيا يستخدمونكم كدمى ضد مصلحة شعبكم، لذلك وللتقليل من آلام شعبنا، بجميع مكوناته، لا مفر لكم غير القبول بالنظام الديمقراطي ودعمه، والمشاركة بالسلطة بصدق وحسن نية، بلا خبث وتآمر. فمن يزرع الشر لا يحصد إلا الشر، ويا أهل السنة والجماعة، أهينوا لئامكم تُكرموا.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- د. عبدالخالق حسين: تحية للجيش الذي أسقط "أسطورة" داعش
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=816

2- الديلي تلغراف: عناصر داعش يفرون ليلاً من الموصل ويشكلون تهديداً لأوروبا
http://www.akhbaar.org/home/2016/10/219179.html

3- صحيفة عكاظ السعودية: العبادي هدد الصدر هاتفيا باستخدام القوة لفض التظاهرات
http://www.akhbaar.org/home/2016/10/219001.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جميل جدا وتحليل دقيق للاوضاع
Yahya Talib ( 2016 / 10 / 23 - 12:52 )
مقال جميل جدا وتحليل دقيق للاوضاع


2 - اولاد الثقافة يهيبون بك
علي عدنان ( 2016 / 10 / 23 - 17:07 )
يعجز العقل عن معرفة او اماطة اللثام عن سبب دفاعك عن القائد الضرورة الثاني رغم الماسي التي لانزال نعيشها بسببه وسبب المحيطين به من المصفقين والرقاصين من اقاربه وانسبائه وانت المثقف والكاتب الجماهيري والوطني الغيور
كانت اخر خطبة له بتجمع عشائري تثير السخرية حقا ولم اجد رد فعل لك عن قوله مثلا((هناك انقلاب عسكري واخر سياسي سوف يحدثان قريبا ولان السلاح موجود فالانقلاب العسكري لايحدث)) ثم يستدرك((الفلتة)) في زمانه((هناك حرامية للثورات يسرقون الثورة بعد ان تنتصر )) اي ان فوزه بالانتخابات مستخدما فيها السلطة والجيش والشرطة ومفوضية الانتخابات وقانون الانتخابات والاموال العامة هي ثورة قام بها شعبنا تمت سرقتها من قبل المناوئين له
ابشرفك سيد حسين ايوجد لغو فارغ وكلام سخيف مثل هذا واجهته في كل حياتك؟؟؟؟
اما عن الاولاد المثقفين صديقي العزيز فهم اخوانك واصدقائك والمدافعين عن مابقى من وطننا بعد ان حوله المتاسلمين الى قندهار بممارساتهم وسرقاتهم وخزيهم وقوانينهم السخيفة
ارجو مخلصا سيد حسين ان تقف موقف رجل شجاع وتضع الحروف في موضعها الصحيح فالتاريخ لايرحم وشعبنا الفقير المنهوب ((يشور


3 - داعش ، بندقية للإيجار
شاكر شكور ( 2016 / 10 / 23 - 21:45 )
نعم لم يكن من المناسب اقحام الشخصية الجدلية نوري المالكي في هذا الموضوع وفي هذا الوقت من انتصارات الجيش العراقي على الدواعش ، فيا استاذنا الفاضل د. حسين ، ما دام بديل المالكي وأقصد الدكتور العبادي شخص مثقف وحكيم ويحمل شهادة عليا ويتفوق على المالكي بكافة المهارات الا يعني هذا ان اعداء المالكي كانوا محقين بتبديل المالكي بدليل ان النتيجة جاء أفضل منه ؟ اليس المالكي هو من عيّن قادة الفرق الذين سلّموا الموصل للدواعش فلماذا تريد ان ترّجعنا الى عهد عبادة القائد الضرورة ليصبح الرئيس (لزكه) مزعجة على كرسي الرئاسة ؟ المالكي يجب ان يقدم الى المحاكمة لإدارته الفاشلة في الموصل لآن هناك نساء يزيديات اختصبن في عهده من قبل عصابة الدولة الإسلامية الداعشية وهناك آلاف العراقيين الذين شردوا من ديارهم وسرقت ممتلكاتهم لسوء ادارة المالكي حيث كان المالكي يعلم بأن الدواعش الحاضنة بقيادة المحافظ أثيل النجيفي كانوا موجدين في الموصل قبل اكثر من سنة من دخول الأجانب وسقوط المدبنة وكانوا يأخذون الجزية من الناس ولم يتخذ المالكي اي اجراء لأيقافهم ، تحياتي للجميع


4 - تعقيب على تعقيب السيد شاكر شكور
عبدالخالق حسين ( 2016 / 10 / 24 - 09:37 )
شكراً للسيد شكور على تعليقه، يقول: (لم يكن من المناسب اقحام الشخصية الجدلية نوري المالكي في هذا الموضوع) ثم يذكر سيئاته
المقال حول تنظيم داعش أسباب مجيئه ومحاربته، وليكون واضحاً على الكاتب أن يلتزم بالتماسك المنطقي للأفكار والتسلسل الزمنى للأحداث. وباعتراف الأخ المعلق أن للمالكي دور في مجيء داعش. فكيف تريديني واضحاً دون الإشارة إلى من كان سبباً للمشكلة؟ أما مطالبتي بعدم ذكر المالكي لأنه شخصية جدلية، فالسياسة كلها مثيرة للجدل، ولو التزمنا بشرطك هذا لما كتب أحد عن السياسة إطلاقاً، وهذا غير ممكن.
ولو تقرأ المقال بتمعن، ستجد أني انتقدت المالكي على أخطائه القاتلة، كما وامتدحت العبادي ودعيت إلى دعمه
أما قضية أن المالكي صار (لزقة) للولاية الثالثة، فالعراق يحكمه نظام ديمقراطي يحق لأي إنسان أن يرشح نفسه لأي منصب ولأي عدد من المرات حسب ما يسمح له الدستور. وفي حالة الرغبة في إبعاده يجب اتباع إحدى الآليات الديمقراطية التالية: إما عدم انتخابه، أو رفضه من قبل البرلمان، أو تغيير الدستور. أما اللجوء إلى هراوة داعش فهذه بلطجة وليست ديمقراطية.
آسف أخي العزيز، رضاء الناس غاية لا تكسب . تحياتي للجميع

اخر الافلام

.. البابا يحذر من الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي|#مراسلو_سك


.. في الذكرى 17 لسيطرتها على غزة...حماس تتمسك بـ-الرهائن- ورقة




.. انهيار السلطة الفلسطينية بالحصار المالي الإسرائيلي|#غرفة_الأ


.. انتخابات إيران.. هل يرجح الحرس الثوري كفة قاليباف على حساب ج




.. مساع دبلوماسية لتجنب المواجهات على حدود لبنان|#غرفة_الأخبار