الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينما يحاكم القضاة الأدب عوض النقاد

مولاي عبد الحكيم الزاوي

2016 / 10 / 25
الادب والفن


حينما يحاكم القضاة الأدب عوض النقاد
إلى روح عزيز بنحدوش
"رحيل في درى الذلقراطية"
تواصلنا كثيرا عبر الفايس، كان كل واحد منا معجب بالآخر، كنا نأمل أن نرفع حيفا عن روايته "جزيرة الذكور" التي أثارت غير قليل من جدل، في بنية قبلية متكلسة، وعنجهية قضائية تكيف الأحكام وفق لائحة التسعيرات، اتفقنا على ترتيبها الشهر القادم، غادرتنا في لحظة ارتجاج عقلي، فلترقد في سلام أيها المبدع الشهم، فالمبدعون لايرحلون بقدر ما يخلدون للراحة.
أحببت البحر كثيرا، كنت لا ترتاح إلا له، تناجي همومك معه لعالم يقاضي المبدعين ويغض طرفه عن المفسدين، كلما كنت ألمح صورك كانت ذاكرتي تعود بي إلى شخصية "سانتياغو" بطل رائعة ارنست همنغواي " الشيخ والبحر"، كنت دائما أسألك هل يمكن للأدب أن يريحنا من متاهات الحياة.
أجد نفسي مدينا ولو بنذر يسير بأن أكتب عن روايتك الصاخبة عفوا الماتعة، عن همّ يعتورني في لحظة احساس بغبن الرحيل، وغصة في حلق الوداع، عن رواية حاكمت صاحبها قبل أن تبدأ مشرحة النقاد في الدوران، عن رواية أثارت مسكوتا أراده أصحابه دفينا في أقبية الظلام.
كتبت عن المرأة في مجتمع باترياريكي لا يعترف لها بحقها في الحياة، في مجتمع صحراوي يردفها بكلمة" حاشاك"، أثرت نقاشا كان مفروضا أن يقبر في دهاليز النسيان، عن أطفال سميتهم أشباح، فنقرت بتسميتك نعرة الحاقدين، وفجرت تواطؤا مفضوحا بين رجالات السلطة ومهاجري منطقة تازناخت بورزازات، عن تحايل وتزوير عن سبق اصرار وترصد، طمعا في تعويض مادي من بلدان الإقامة.
ألم تسأل سقراط يوما صديقي عزيز، هل من الممكن لرجل تعليم أن يخرج من قسمه ويعلم الناس قيم المواطنة والتسامح؟ هل يمكن أن يغير من أدواته الديداكتيكية ليعلم رجلا تجاوز السبعين من عمره وامرأة بلغت الستين؟ إنهم أرادوك أن تبقى سجينا لقوالب وبراديغماتهم التربوية، أن تلقن الجهل وتقتل الحياة حتى تكون شاهدا على جريمة التدجين بهذا البلد السعيد.
تحدّيت القدر، وطبعت الرواية على نفقتك الخاصة، أردت أن تكون شعلة في جنح الظلام، أن تكون صوت من لا صوت له، وأن تجابه الأعيان والأسياد، عبرت بها إلى بر الآمان، ضننت أنك ستنتشي بنشوة الإبداع، وستلقى ترحيبا في صالونات المقاهي، فإذا بك تواجه تهما تشي بك إلى القضاء، وتعتبرك من مطلوبي العدالة فورا.
تعلّلت بأنك استوحيت شخصيات روايتك من عمداء الرواية بالمغرب، استوحيت شخصية "ادريس" كما في سيرة أوراق الذهنية لعبد الله العروي، قلت لهم بأنك استلهمت شخصية "موحا" كما في رواية" حرودة" للطاهر بن جلون، عبرت بهم إلى شخصية "علي" كما في رواية "دفنا الماضي" لعبد الكريم غلاب. ونسيت بأنهم لا يقرأون ويكرهون المبدعين.
ظللت وأنت قيد حياتك تحاكم الفراغ، تقاضي المجهول، لا أحد كان يواجهكك في قاعات المحاكم، فقط حكم قضائي جائر لقاض ظن نفسه ناقدا حصيفا، فإذا به من محاكمة البناء الدرامي للرواية، يشهر سيفه من مقصلة قانون الصحافة.
إليك أيتها الروح الشامخة أتوجه بمرثيتي لعلي أربأ عن فراغ تركته قائما:
نم يا رفيقي
فأنت في المرايا شهيد وبطل
على بشرية ثكلى بالمحن
تستغيث بالقلم
ينجيها مما فعله القدر
بمستقبل الحجر والبشر
لوطن نخره الزمن
وأضنته ضروب الوهن
وليكن في نومك يا رفقي صرخة يأس وضجر
لمن به ذرة بشر
لكل من يعبث بالأمل
ويغتال الحلم
وأشهدنا يا رفيقي نحن جبناء هذا الوطن
على تقاعس مقتدر
في عيش كدر
كيوم حشر منتظر
فما عاد ثمة صبر
على وضع يحتضر
مولاي عبد الحكيم الزاوي
الاثنين 24 أكتوبر 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??