الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق

أمجد السوّاد

2016 / 10 / 25
الادب والفن



مِن أيِّ جُرحٍ تُرى قد مَسَّكَ الألمُ
وأنت مُذ أُســرِجَتْ والنارَ تلتَحِمُ
مِن أيِّ جُرحٍ صَنَعْتَ اليومَ قافيةً
وأنت بينَ حروفِ السيفِ مقتسَمُ
أراكَ تبحَثُ عن أرضٍ تلوذُ بها
إمّــــا وطأتَ تــُراباً نـزَّ مـنهُ دمُ
وكنتَ تَعبُرُ والأشلاءُ باسِــــقةٌ
تمشي على الشّوكِ تؤذيهِ فينتقِــمُ
كم غَرَّبَتكَ ســنينٌ لازمـانَ لها
وكم سَلكْتَ دروباً ضوءُها ظُلــَمُ
تشعَّبَ الظّلُ في عينيكَ والتصَقتْ
خُطى الضَّياعِ فضَلَّتْ مُقلَةٌ وفــمُ
وغادَرَتْ حافِرَيكَ الرَّيحُ لاهثــةً
خَلفَ السرابِ فزَلَّتْ بالرُّؤى قدَمُ
ياموقداً من سِراجِ الهمَّ جذوَتـَهُ
قفْ عِندَ ضوءٍ عليهِ الأرضُ تنقَسِمُ
قفْ عندَ عينٍ رموشُ النّخلِ تنسُجُها
نصلاً تسَربَلَ فيهِ الحُبُّ والخَرَمُ
قفْ عندَ راءٍ ربيعُ الضَّوءِ ينثرُهُ
حولَ الفراتينِ كفُّ المـاءِ والكَلِمُ
قفْ عندَ ألفِ زمانٍ نامَ في فمها
مدىً تقاصَرَ عنهُ السُّورُ والهَرَمُ
قفْ عندَ قافِ قراءاتٍ لرائَعَـةٍ
مِدادهــا الخالدانِ العلمُ والقيَمُ
عِـراق أيُّ حُروفٍ أنتَ تملِكُها
جُرْحٌ تَفَتـَّحَ معقودٌ بـهِ الألـمُ
عِراقُ كلُّ حُروفِ المجْدِ تجمَعُها
في راحَتيكَ فأنتَ المـاردُ العَلَمُ
يـاوجهَ بارِقَةِ الأيّـامِ غُرَّتـُهُ
صفرُ القِبابِ عليها تسجُدُ السُّدُمُ
أنت الَذي ملءُ عينِ الكونِ بؤبؤُهُ
كنجمةٍ في مدارِ المَـجدِ تنتَظِمُ
وأنت مَنْ خاضَ بَحْرَ النّارِ مُدَّرِعاً
بمركبِ الهَدْيِّ موجَ الموتِ تقتَحِمُ
كيفَ اتَّخَذتَ لَهُم كَـفّاً تُقَبـِّلـُها
وكانَ أصغَرُ كفٍّ منك فوقَـهُمو



ياعقرَبَ الزَّمَنِ المكسورِ يابلدي
أأنتَ زهوي أأنت الفَخْرُ والشِّيَمُ
أأنتَ بابلَ من صهيون تسـحَبُها
كأنَّ أسـيادَها من هولـكَ النَّعَمُ
أأنتَ طوفانُ نوحٍ سـيلُهُ عَـرِمٌ
لِلُجَّـتَيهِ بِسَـقفِ الكونِ مُـلتَطَمُ
كيفَ ارتَضَيتَ ملوكَ الغَيِّ آلِـهَةً
وأنتَ نَسْـلُ الَّذي حُطَّتُ لـهُ قَدَمُ
فصُرتَ فوقَ صدورِ العُربِ تسحَلُهُ
لَمَّـا هَوى غيلَةً الآلـةُ الصَّـنَمُ

إنهضْ فإنَّ جراحي مَرَّةً عَبَرَتْ
على الطّفوفِ فظلَّ الجُّرحُ يَبتَسِمُ
إنهَضْ حقيقةَ عَشرٍ ردَّها عنَتاً
على الأُبـاةِ عبيدُ اللهِ لا الحـُلُمُ
إنهضْ بهابيلَ رؤيا مُرَّةً عَلِقَتْ
بها الحبالُ كسوطِ الرّبِ ترتَسِـمُ
هذي دماكَ على الأظفارِ شاهدةً
بِجُرمِ قتلكَ بالكذبِ الّذي زَعَعموا
فاصرخْ وإن غَلَّ حبلُ الجُّورِ حنجُرَةً
بِحَرفِ موتِكَ سقفُ الخوفِ ينهدِمُ
واقرَعْ بصوتِكَ فالآذانُ مغلَقَـةٌ
أنتَ القتيلُ فَـمَنْ بالقَتـْلِ نتـَّهِمُ

تُرى المَغوليُّ مَنْ هَدَّ الحَضارَةَ أمْ
خَلْفَ الكواليسِ أسيادٌ لَهُم خَدَمُ
أنا كَسَرتُ مرايا الصَّمتِ فانكَشَفَتْ
وجوهُ حِقدٍ بثوبِ الحُبِّ تلتَثِمُ
لأنَّ إبنـةَ صهيونيَّةٍ فَـزعَتْ
مِنَ الحِجارَةِ غيمُ الغَربِ يرتَزِمُ
وعِندَ صورَةِ مَذبوحٍ على فَمِهِ
حَليبُ مذبوحَةٍ كُلُّ الهُداةِ عَموا

عراقُ مالي إذا شَدَّ الضَّياعُ فمي
وَقَـبَّلَتْ مُقلَتَيَّ البيـدُ والأكـَمُ
أغفو على وَجعِ الذّكرى تَحَسَّسَهُ
يدُ الصّبابةِ جُرحاً ليـسَ يلتئمُ
عِراقُ يبكيكَ كَهْلُ الرّوحِ مُحتَسياً
مِن خمرةِ الوَهمِ كأساً مِلؤها العَدَمُ
وابن الفُراتين لا يبكي مهادنـةً
وليسَ خوفاً ولكن همُّـهُ ديـَم

عراقُ اشكيكَ اطواقاً أُكابِدُها
عماً تشابكَ فيهِ البُكمُ والصَّمَمُ
تاهَتْ إليكَ ظُنوني وهي ساريهٌ
أأنتَ عتَّمتَ دربي أم هُوَ العَتَمُ
أبحرتُ نحوَكَ والأضلاعُ أشرِعَتي
نهْبَ الرِّياحِ وقلبي زورَقٌ هَرِمُ
وَمِنكَ روحي جَناحٌ ريشُهُ زَغَبٌ
نهرٌ ذبيحُ الخُطى بالخوفِ يصطدمُ
ضَيَّعْتَني بمدى الصَّحراءِ اُغنيةً
مسفوكةَ اللَّحنِ لا سحرٌ ولا نغَمُ
أنا وأنتَ وطفلٌ لستُ أبصُرُهُ
صِنوانُ في قَفَصِ النِّسيانِ نُكتَتَمُ

أنا الرَّضيعُ الَّذي في ثَغره عَلِقَتْ
منْ حلمَةِ النَّخْلِ بُقيا كيفَ أنفَطِمُ
أنا الّذي كَسَرَتْ ساقَ الزَّمانِ لهُ
يدٌ ومنهُ على كتفِ الرّدى قَدَمُ
أنا ابنُ نَجْمِ حضاراتٍ لها انفَتَحَتْ
العاتماتُ رضوخاً وهوَ يضطَرِمُ
أنا ابنُ بغدادَ إذ تيجانُهُمْ زَحَفَتْ
مِنْ تَحْتِ اقدامِها وارتَجَّتِ الاُمَمُ
أنا العراقيُّ لو قامَتْ أجنَّـتـُهُ
بِبَعضِ تاريخِها تُستَصغَرُ القِمَمُ
أنا العراقيُّ هذا لَـحْمُ قافيَتي
إنْ تأكُلوهُ فإنَّ العَظْمَ لي قَـلَمُ
أنا رَشاشُ دمٍ منْ ضَرْبَةٍ قَصَمَتْ
ظَهْرَ الفتى غيلَةً والمخلَبُ الضَّخِمُ
أنا الّذي حَزَّ سَيفُ الغَدْرِ أورِدتي
أنا الذَّبيحُ الّذي في أكلهِ انقَسَموا

عِراقُ ضَعْ نابكَ المكسورَ في رِئَتي
دَعِ الهوى المُستَباح النَّزْف يُخْتَتَمُ
ضَعْ نَصْلَ جُرحِكَ فوقَ القلبِ يلثُمَهُ
حَدَّ الرَّدى فكلانا اليومَ منهَزِمُ
لَو كانَ جُرحُكَ عُمْراً خُذْ بِهِ عُمُري
لكنَّ جُرحَكَ عُمْرَ الكونِ يلتَهِمُ


الارطاوية/جزيرة العرب 1992








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال


.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص