الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار الآلهة ..!

ميشيل زهرة

2016 / 10 / 27
الادب والفن


تحت تلك الشجرة العملاقة كنا جالسين من خجل تساقط أوراقنا ، و الفصل خريف ..على ضفة نهر موغل في السرمدية ..كانت الشمس تتسرب ، كلصّة ، من بين الأغصان المتشابكة في انتشاء ..تعزف أنشودة الأبدية ..موسيقى البدء الخالد في الروح التائقة إلى الفطرة التي تشدّ الكائنات إلى أسّها القابع في السويّة العميقة من ذاكرة الكائنات.
هناك كانت المياه تغازل اليابسة في تحدٍ جريء . قالت ، و في عينيها عتب حزين :
عندما كان الشيوع ..كنت ترحل إلى صيدك بعد أن نتلو معا تضاريس عشق الحياة . كنت تحمل تعويذة الإذن من الضحية لتقدم ذاتها أضحية على معبد حبنا الجميل ..فتحمل قوسك و نبالك ، لا لتقتل الطريدة ، إنما لنحيا بها ..يومذاك لم يكن ( العدد ) قد ولد في سومر بعد ..! و لم تحمل أزميلك كقلم لتطعن به لوح الطين كأسفين شقّ خصب علاقتنا . في البدء كان الشيوع ..ثم جئت بالعدد لتوطد ملكك ..ثم جاء الكلمة ..و كنت الإله . ( تموز ) يا عشقي الأول و الأخير . ها أني أنزل إلى الظلمة عبر أبوابها السبعة ، عبر دركات الظلمة ، بحثا عنك ..! أخلعُ ما على جسدي في كل بوابة أصلُها ..!! حتى و رقة التوت الأخيرة ، لأكون الشاهد و الشهيدة على خط تلاقي الماء مع اليابسة العطشى ..!
في خشوع مهيب ، أمام جلالة مجدها الخالد يتساقط ورقة تلو ورقة ..! ليقول بإيماءة الجسد : ها هو البرق قد بدأ يا سيدتي ..و الغيوم تلبّدت في سماء الروح . و هبت الريح لتعزف لك أنشودة الشوق ..و الشمس مالت للمغيب ..و النهر ارتفع منسوبه في اهتياج حنون ..و داعب أقدام الشجرة العملاقة التي امتدت في الماء عميقا في وثوق .
مجدني ..قالت .! و هي واثقة من مجدها الأزلي ..! ألستُ الكاهنة التي قفزت من مبيض أمها إلى المعبد الذي انتظرتك فيه قبل عبورك في دهاليز البربخ المظلمة ، لكي نلتقي في ذاك المعبد الخالد ، لنرفع صلاة امتزاجنا شكرا ، و امتنانا لأمنا الحياة ..؟؟ ..آه يا من لا شيء أنت بدوني ..و أنا و أنت سواء .! كم كانت دربك طويلة قبل الوصول إلي .. أيها الأمير القادم إلي مصارعاً الظلمات ، يدفعك هيام اللقاء ..! هناك في الظلمة أقمنا قداسنا ، و دخلتني بعد عناء ..لأضمك في حنو ماكر في نواة الروح ..فامتزجنا ..و أخصبنا الحياة بجديد سوف يحبو على دربها. يقول و هو في صورة فارس منهك أرهقه المسير :
ها هو البرق يضيء المكان ..و الرعد يعصف في أرجاء الغابة البكر ..و يوشك المطر على السقوط ..و النهر يرتفع ماؤه ..قشعريرة تجتاح كياني يا بهية بين الكائنات ..كوني ردائي الذي أتدثر به ..و لأكن لك الرداء الذي يحفظ حرارة الوصل ..ما هذا التوق الذي يعصف بي ..؟؟ يدفعني إليك مثل رضيع إلى صدر أمه ..! و ينهمر كشلال عظيم ..و يشتعل البرق ليضيء المكان البكر في غابة بكر ..و يتوهج الرعد كصوت ( بعل ) الراعد شبقا فوق الضفة .. مثل نواح كان الوصل .. مثل حنين نادم ..مثل موت في لحظة ، لتولد من الموت الحياة..! مثل ماء ينشّ في تربة عطشى ..! تئن الضفة ، و تمتصّ النهر ..و ينخفض منسوب النهر رويدا ..! و يتلاشى الفجر ..و مازال النهر يجري ..و الضفة تمتصّ الماء لتزهر من جديد سويقات تحمل أوراقا خضراء ، تعلوها ورود حمراء ، اسمها شقائق النعمان .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟