الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقامة الخمرية في القوانين القرقوشية

مؤيد عبد الستار

2016 / 10 / 28
كتابات ساخرة


ديباجة
روى لي صديق شاعر - لا أذكر اسمه كي لا ينال عقوبة من محكمة او نائب في البرلمان - قال وهو الشاعر النجفي الذي ينظم القوافي كما ينظم الخراز عقد اللؤلؤ ، له أجمل الاشعار في رثاء الامام ، وله الفية من الابيات التي تنهل من مآثر اهل البيت الطيبين الكرام ، قال وكان صادقا في حديثه انه كان يشرب ابنة العنقود ، ولما كان لا يستطيع الحصول عليها في النجف حيث يعمل ، كان عليه ان ياتي بها من بغداد ، وقد ابتكر حيلة يحتال بها على نقطة التفتيش التي تفتش حقائب المسافرين وامتعتهم - كانت نقاط التفتيش منتشرة في مداخل المدن ومخارجها منذ استيلاء الطغمة البعثية على الحكم -
وكان وهو المعمم يجلب قنينتين من العرق المستكي من بغداد ، يضعهما في علبة احذية باتا ، يخفيهما في حقيبة للتمويه ، ويضعها تحت قدميه حيث يجلس في السيارة بين الركاب .
وفي أحد الايام فتش الجندي المكلف بتفتيش السيارة التي كان يستقلها مع الركاب وفتح الحقيبة ثم فتح علبة الاحذية فوجد فيها قنينتي العرق المستكي ، فقال لمن هذه الحقيبة ، يقول شاعرنا : نظرت اليه بثبات وقلت له ، انها لي .. نرجوك لاتفضحنا .. فضحك الجندي لما رآني معمما بعمامة سوداء .
اغلق الحقيبة ولم يفتش امتعة الركاب الاخرين وسمح لنا بالمغادرة دون ان يتخذ اي اجراء .
رواية اخرى رواها لي أديب نجفي معروف في ستوكهولم ، قال انه كان مديرا ببغداد ، وفي أحد الايام كان عائدا الى البيت فـمـر في شارع المتنبي ليشتري بعض الكتب ، اذ كان من عادته ان يـمـر على المكتبات الشهيرة في الشارع ويلتقي اصحابها المعروفين يومذاك .
يقول ، صادف مروري امام دكان بائع العرق الذي في راس الشارع من جهة شارع الرشيد ، وهو محل معروف لبيع المشروبات الروحية في شارع المتنبي .
يقول شاهدت عمامة سوداء على رف من رفوف دكان العرق ، فجلبت انتباهي ، كوني نجفيا واعرف قدر تلك العمامة ، فتوجهت الى صاحب الدكان وعرفته بنفسي وسألته عن سبب وجود هذه العمامة السوداء فوق رفوف دكانه ، لان وجودها غير مناسب ، فقال لي انها للسيد الفلاني ، وانه رهنها عندي مقابل قنينة عرق .
يقول الاديب الراحل : اعطيته دينارا ، وهو سعر بطل العرق يوم ذاك ، واخذت العمامة منه واعدتها الى صاحبها الذي اعرفه حق المعرفة .
هذا السيد الذي رهن عمامته من عائلة نجفية معروفة ، لابنائها اليوم مراكز مرموقة في السلطة ، وهم يعرفون جيدا انه كان يتعاطى المستكي والزحلاوي في حله وترحاله .
وبما ان العرق اصبح محرما بقانون برلماني وقاض لا يعرف من يتناول الكحول من الناس ظنا منه ان العلمانيين هم الذين يعبونه عبا فقط ، اتيت على ذكر هذه الاحداث التي حدثت في السبعينات من القرن الماضي ، وما زال بعض شخوصها احياء ، وهناك منها الكثير .
بعد هذه الحقائق دعونا نحلق في دنيا المقامات الخيالية عسى ان تشفي الصدور النيابية بدلا من الخمور التي لم يحرمها الله وانما دعانا لتجنبها فقط ، ولكن الحاكم بامره بطيحان ابن هيجان حرمها ظلما وعدوانا في تفسير منه وتأويل ناسيا ان الامام التقي كان يقول ان القرآن حمال اوجه .
المقامة الخمرية في القوانين القرقوشية
بعد ان هدأت النفوس وغابت شمس النهار ، اجتمع رهط الندامى في شارع ابي نؤاس ، وهات يا نادل المزة وتعالي يا هند بالكاس ، فطارت الرؤوس في سماء مزينة باللؤلؤ والمرجان ، وخامرت الارواح نشوة الهمس والحنان ، ورقصت هيفاء البان على اعذب الالحان التي عزفها امهر المطربين ودق لها الدنبك و الدف اصحاب الحان .
ومن بين سجف الحانة اندلع شبح عضو البرلمان ، بـطيحان ابـن هـيـجان، واذا به يقذف المجلس بقانون البهتان ، ليحطم الاقداح ويخرب الخوان الذي اجتمع حوله الجلاس والاخوان .
أطلق قانونه القرقوشي ، ليحرم العرق الزحلاوي والمستكي ، وما يتبعه من فودكا و من ويسكي، و مشروبات ما لها مثيل تجعل الصاحي سكرانا ، وتنسي العاشق المتبول شجانه، وتجعله يحلق في دنيا العشاق يلهو ويطوف في حدائق الجنان ويطير في سماء العشق ولهانا ، ويغني :
اذني لبعض الحي عاشقة // والاذن تعشق قبل العين احيانا
لقد ظن البرلماني بطيحان ابن هيجان انه بهذا القانون يحارب اهل العلم والصولجان ، ويسرق منهم جمهورهم ويؤلب عليهم رجال الدين والمواطنين ، ظنا منه انهم اهل سكر ونزوات ، وما درى انهم اهل علم ومعرفة وعرفان ، فالعلمانيون يا بطيحان ، يحاربون الفساد ويتظاهرون ضد اللصوص ، يفضحونهم سواء أكانوا من الانس او من الجان، اللصوص الذين يمهرون جباههم بمحروق البطاطا والباذنجان ، كي يَـسموا وجوههم بسيماء اهل التقوى زورا وبهتانا وما هم باهلٍ لتقوى وايمان .
كانوا من قبل يمارسون الشعوذة وياكلون السحت الحرام وياخذون الربا ، يسرقون المواطن ، يخدعون ابناء الريف والمدينة والنساء والصبيان ، واليوم امتدت ايديهم الى كنوز الدولة ، فسرقوا ما استطاعوا من ثروات البلاد من نفط وغاز وخام وطعام ، واجهزوا على ثروات ما كان لها ان تسرق ولا كان لها ان تختفي تحت جبة او عمامة او في جيب سارق ملعون في الدنيا والاخرة الى يوم يبعثون ، وسيقلع ابناء العراق قلعا كل محتال دجال من ارض الرافدين المعطاء وان غدا لناظره قريب ، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .

كتب في العشرة الاواخر من محرم الحرام 1438 هجرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال


.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا




.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د