الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزياء وغناء في فندق شط العرب

نعيم عبد مهلهل

2016 / 10 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أزياء وغناء في فندق شط العرب

نعيم عبد مهلهل

هذا أعلان منشور في صحيفة الآهالي في 8 آذار 1954 سأنقله بالنص : ( حفلة بالو ساهرة في فندق شط العرب ــ البصرة )
يوم الخميس المصادف 11 / 3 / 1954من الساعة التاسعة حتى بعد منتصف الليل .ويوم الجمعة حفلة خاصة للسيدات من الساعة الثانية حتى الرابعة والنصف مساء .ستقوم أدارة محل الأمباسي ( ملكة المطاعم ) بأقامة حفل رقص غربي في فندق شط العرب وسيكون المنهاج عرض الأزياء الباريسية ومن ضمنها ازياء الشواطئ ( المايوهات ) من قبل ملكات الجمال وهن : ملكة جمال العالم وملكة جمال النرويج وملكة جمال حوض البحر الأبيض المتوسط وملكة جمال باريس .
وسيتغرق عرض الأزياء ساعة ونصف وبعدها عزف موسيقي من قبل الأوكسترا الشهيرة ( ماريو اريكوني ) مع المغنية العالمية ( رين ميديا ) فندعو الجمهور لحجز المقاعد لأنها محدودة .
سعر بطاقة الدخول للحفلة الساهرة ديناران والحفلة النهارية دينار واحد .
سعر العشاء 600 فلس . الشاي الكامل 150 فلس . قدح الويسكي 200 فلس .
تباع البطاقات في فندق شط العرب بالبصرة .
( انتهى الاعلان )...
هذا اعلان حضاري في زمن كان العراق فيه لايمتلك 50 قناة فضائية .وليس فيه محطة تلفزيون واحدة ، وجهاز الراديو ( الفيبس والسيرا ، وسمينز ) لاتقتنيه سوى المقاهي الكبيرة وبيوت الذوات .. والسيارة لم يقتنيها سوى كبار الملاك والتجار وهم بعدد الاصابع في كل مدينة ، وكل الفلام التي كانت تعرضها سينمات روكسي والوطني والحمراء والكرنك هي بالأسود والأبيض .
وقد تكون تفاصيله مليئة بالتابوهات التي لو ظهرت الان في اعلان اي جريدة لهجمت عليها جيوش الله واحرقت الجريدة ومكائنها وعامليها من رئيس التحرير حتى منضد حروفها .وربما يشمل الحرق قراءها وموزعيها وكل ذي صلة ..!
وقد يكون هذا الاعلان احتوى مفردات ماجنة وربما هو كتب للغرباء والسواح والجاليات الاجنبية كما يحصل الان في المناطق الخضراء والمسورة في بغداد والبصرة حيث هُيئت امكنة تُمارس فيها الحياة كما يتعود عليها الاوربيون ،ولكن نادلها عراقي يتعرض للذبح في ايةِ لحظة ـــ وكثرٌ منهم ذبحوا ــ لانهم يعملون في تلك المناطق .طباخون أو ندلاء ومترجمون و..الخ ...
المهم الأعلان بروحه الحضارية ( الكافرة ) يريك المقدار المتسع من التحضر والحداثة والانفتاح الاجتماعي في مدينة هي منذ ان خلقها الله .نافذة العراق مع العالم .ومكان خصبٌ للتبادل الحضاري والتلاقح والتعايش .مدينة وعت المَدنيةَ قبل أن يعيَّ كُتاب الدساتير الحديثة التمدن .
كانت البصرة حاضرة لخيال لاينضب من الاحلام لقصاديها واهلها .وكان مكانها الاسطوري والساحر يمنحها تميزاً لتكون مدينة ثقافة وموسيقى وعرض ازياء وتَعبدٌ وثمالة واختلاط كوني من الزنوجة حتى شهوة الشوق الجرماني عند زوجة المدير البريطاني لدائرة موانئ البصرة ، تلك التي نقل وقائعها بصدق ولذة ودهشة الكاتب البصري المرحوم كاظم الأحمدي في روايته المهمة ( أمس كان غدا ).
هذا الاعلان الذي يستحيل اليوم ان تعيش البصرة مفردة واحدة من مفرداته بسبب تبدل المشهد والظاهرة الاجتماعية كان موجدا في يوم ما .ولم يعترض عليه أحد او يجاهر حزب او شخصية ليطالب متصرف المدينة ليمنع مثل هذا ( المجون ..!) الحضاري لأنه كان يٌمارس ضمن رقعة الضبط المجتمعي ومساحة الحرية وعدم الاجبار لتكون موجودا في الحفلة ...ولهذا كانت تسعيرة العشاء والشاي وبقية المقبلات ثابتة ولاجدال على تغيير سعرها ..وكل شيء كان في العلن ...وواضح .. ربما عكس ما يحدث اليوم ..كل هاجس فيه من هذه الفواحش هو تابوه وممنوع ..ولكن في الخفاء يكون ما افضع منه ....( وبطاقة التموين والفساد الأداري وتسرب الخشخاش حتى الى الأقسام الداخلية لطالبات جامعة البصرة ) بعض ادلة هذا الخفاء الملوث بخطاب الوطنية الذي تحقق في اعلانه العريض في طرد المحتل والتخلصُ من دخان الازمنة السابقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا