الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة من جورج إلى المهدي

منعم وحتي

2016 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


رسالة متخيلة من جورج ابراهيم عبد الله إلى المهدي بن بركة.

آه المهدي،

كنت ذلك الطفل، جورج إبراهيم عبدالله، ذا الأربعة عشر عاما، حين دبروا جريمة اختطافك في 29 من أكتوبر عام 1965، شاءت الأقدار أن أحتك بعد ذلك مع الفكر الاشتراكي، و أن ألتحق بفرق المقاومة الفلسطينية، وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وأستنير بكتابات حركات التحرر العالمي، وضمنها منشورك الخالد : "الاختيار الثوري".

لم أكن يوما أعتقد أنه سيتشابه مسارانا، في نفس الديار، ومع نفس تحالف الأجهزة الاستخباراتية لإسقاط رأسينا.

آه المهدي،

استهوتني سيرتك، و صوتك الجهوري حين كان يصدح نصرة لقضية فلسطين و تحرير الاوطان المستعمرة غصبا، و أنت على بعد خطوات من انعقاد مؤتمر القارات الثلاث بهافانا، وقد كنت العقل الذي لا ينام، لتوحيد دول الجنوب المستعمر، لتتنفس رياح الحرية، لكن عيون الذئاب لاتنام أيضا، تظل تتربص الفرصة للقضاء على ضحيتها، في جنح الظلام، مخابرات الموساد لن تغفر لعقل يوحد جهود العالم لتحرير فلسطين، و مخابرات س.ي.أ لن تغفر لدينامو يوحد دول فقر الجنوب ضد جشع رأسمال الشمال.

أكيد، أن مسرح الجريمة سيكون بعيدا عن تربتي هذين الكيانين، لكن أيديهما منغمسة حتى الكوعين في دمائك الزكية، وكانت النكبة في باريس، في مدينة الأنوار، عفوا في زقاق الظلام بباريس، والخيوط الدموية تمتد لأجهزة البوليس الفرنسي و المغربي و دخل في الحبكة القاتلة حتى أشباه الفنانين، و المرتزقة، فكم من الأعداء تجمعوا حول دمك الطاهر، الذي بكاه فقراء العالم، أيتام رجل وهب حياته للحرية.

آه المهدي،

في نفس الشهر، و في نفس الدولة، و على يد نفس التحالف الاستخباراتي، وعلى نفس الهدف، أجد نفسي خلف القضبان منذ اختطافي في 25 أكتوبر 1984 بمدينةليون الفرنسية، الجريمة دفاع عن حرية فلسطين و لبنان، استخبارات فرنسية أنجزت الكمين، موساد و س.ي.أ، أنجزوا الغطاء الخلفي للجريمة، وتبادلوا أدوار التمطيط و اختلاق الوقائع، لأرزح لأكثر من جيل من الزمن خلف القضبان الفرنسية الصدئة، صدئة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، صدأ إغماضها العين على اختطافك أمام أنظارها، صدئة لأنها أخفت معالم الجريمة صونا لمصالح عملائها بالمغرب و أمريكا و الكيان الصهيوني، صدئة لأنها أخفت حتى وثائق و أرشيف الاختطاف، ونفس ذلك كان أيضا معي، إخفاء كل شيء، لأن لوبيات الضغط تشتغل من بعيد، تشتغل على إقبار صوتك، وصوت من يعبر عن آمال الشعوب.

آه المهدي،

فأنا جورج ذو الأصول المسيحية، أعلن دمي امتدادا لدمائك ذات الأصول المسلمة، فحين التضحية في سبيل القيم الإنسانية، فلا مجال لحروب التكفير و الرايات السود، فلواؤنا حرية و انعتاق الشعوب.

فهل يا مهدي بن بركة، يمكن لشخص واحد أن يفزع قطيعا من الذئاب ؟
لم يسمحوا لي بأن أسمع ردك.
لكن صدى صوتك من قلب جبال الأطلس يتردد في زنزانتي الرطبة :
" إنهم يخشون جرأة بوحنا بالحرية ".

ملحوظة لها علاقة بما سبق :
لم تترك لنا خسة قابضي أرواح الأبطال في الليل الدامس، وأجسادهم خلف الزنازين، إلا مخيالنا، ذاكرة موشومة بالمجد، مقابل ذاكرة مثقوبة بالخزي، فكانت الرسالة متخيلا، يحاكي الواقع كما هو.

منعم وحتي / المغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم