الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهد من ذاكرة الانتفاضة

سعد محمد موسى

2016 / 10 / 29
الادب والفن


مشاهد من ذاكرة الانتفاضة
المشهد الاول
في منتصف الثمانينات وفي زمن طغيان السلطة وبشاعة الحرب العراقية الايرانية العبثية .. كنت حينها طالب فن في اكاديمية الفنون الجميلة .. وكان يزوني حينها الكثير من الاصدقاء لاسيما من مدينة الناصرية في القسم الداخلي بمحلة العيواضية ثم انتقل القسم الداخلي فيما بعد الى باب المعظم.. ومن ضمن الاصدقاء حينها جاء لزيارتي الصديق الفوضوي "عيسى جفن" وفي احدى جلسات السمر طلب جفن بان اقدم له مساعدة !!
تفضل ياصاحبي : انا اريد ان اقوم بعملية تجميل الى انفي: اجاب عيسى
وما العيب في انفك- اجبته
فاردف قائلاً لقد سمعت بالفنان والجراح علاء بشير انه عبقري بجراحة التجميل وبحكم علاقة الفن بينكما ربما يمكن ان تساعدوني بنحت انف جميل لي !!
اصطحبت عيسى في اليوم الاخر الى عيادة علاء بشير في المنصور وبعد كلامي مع استعلامات العيادة طلب الدكتور ان ندخل الى غرفته
عرفت نفسي للدكتور وقد اعجبتني شخصيته البسيطة والمتواضعة وشرحت له سبب قدومي الى العيادة.
وبعد الحديث اخبرني الدكتوربشير بان انف صديقي طبيعي ولايحتاج الى عملية تجميل .. لكن الحاح الصديق عيسى بطلب عملية التجميل للانف جعل الدكتور يستمع الى صوت عيسى الصاخب والجهوري وهو يلقي بخطبتة المؤثرة!!
-اريد انف اوربي شكله اقنى انيق او على الاقل يشيه انف اغريقي او روماني .. فملامح انفي الافطس المتوحش لاتعجبني لانها تقربني من سكان الاقوام الافريقية القادمة من اقاصي الغابات :اجاب عيسى !!
ابتسم بشير وهو يستمع لطلب عيسى وابدى الدكتور استعداده لاجراءالعملية..
بعد ان قدم بشير صور مختلفه لنحت انوف في كراسة كانت تضم تصاميم متنوعة لصناعة الانوف .. لكن بنفس الوقت اعتذر بشير: قائلا ان العملية الجراحية تحتاج لتأجيل لانه كان مشغول حاليا بمعالجة القادة العسكريين الكبار في معركة "البسيتين" القائمة في جنوب العراق .
ثم همس عيسى باذني ان اخبر الدكتور عن كلفة العملية الجراحية !!
وبعد اخباري الدكتور تبسم قائلا : لابأس من ذلك طالما انك فنان وصديق من جماعتنا فلا تقلق حول كلفة العملية الجراحية لانف صاحبك .
قي هذا المساء تذكرت الحوار بحزن بعد ان مات عيسى في الدنمارك بانفه الافطس دون عملية جراحية وتدور السنوات المحملة بالعذاب العراقي .. فاتذكر لقائي بعيسى جفن مرة اخرى في احداث انتقاضة آذار مرة اخرى عام 1990!!
وكانت لي مع عيسى جفن حكايات رحلة طويلة .. فبعد دخول الحرس الجمهوري الى الناصرية واحتلالها.. نزحنا جنوبا نحو ناحية الفهود وعلى مشارف الاهوار تعقبنا رجل مع صبية فكان يصيح خلفنا الرجل .. توقفوا ايها البعثيون .. ثم اقتادونا الى باحة مدرسة فارغة فتم زجنا في مخزن صغير كان يستخدم لحفظ القرطاسية وادوات المدرسة .. مكثنا انا وعيسى في المحتجز بينما رفيقنا الثالث طارق حربي اخلوا سبيله وكان ضيفا في بيت "سلام عبود".. بقينا دون طعام ودون افرشة او سؤال وفي اليوم الاخر جلبونا للتحقيق امام شاب صغير نزق اعتقد انه كان من اعضاء احد الاحزاب الاسلامية كان يجلس وراء طاولة ادارة المدرسة وهو يتلاعب بالمسدس باصابعه المزينة بالخواتم فوق الطاولة .. واثناء الحديث .. استشطت غضبا اثناء التحقيق وانا كنت اتكلم بثقة وترفع ..وبعد ان تاكد هذا المحقق من سلامة اقوالنا وحديثي معه عن الرحلة مع الادلة الكافية اطلق سراحنا .. فعرجنا حينها الى قضاء سوق الشيوخ بعدها !!
بقينا لمدة اسبوعين ونحن مختفين في مسجد سوق الشيوخ نلتحف سجاد الجامع لتدفئة اجسادنا الخاوية .. وكان امام الجامع الشيخ مفزوعا وقلقا ما بين انتصارات الثوار حينا او مابين قدوم الحرس الجمهوري ثم عرفنا ان شيخ الجامع فيما بعد انه كان جاسوسا بعثيا !!
كنت في مرحاض المسجد حين سمعت صرخات واطلاق النيران خرجنا مرعوبين وطلبوا منا مجموعة ملثمين في الظلام ان نصطف امام بوابة الجامع بطابور فكان هنالك اعرج ملثم اطلق فوهة بندقيته في وجهي في غياهب الظلام بقصد قتلي .. فصرخت متوسلا ان لايضغط على سبابة البندقية ويقتلني لاني معارض للنظام وطلبت منه ان يأخذنا الى الجامع الكبير والى سيدهم كي يحكم بيننا .. كنت حينها مع عدة رفاق وكنت احمل بخنجر بحري مخصص للغواصين اهداه لي اخي حين كان يخدم بالقوة البحرية في البصرة.. كنت اوثقه برباط جلدي على ساقي الايمن واثناء التفتيش لم يتبهوا لوجود الخنجر .. واثناء وجودي في المسجد لمحت ابن عمي "علي عبد الحسين" وكان حينها مصابا بجرح في ساقه اثناء احدى مهامه القتالية ضد الحرس الجمهوري .. تفاجأ بوجودي في الجامع وانا اصرخ محتجا ضد الاوغاد الذين داهمو مكان تجمعنا في المسجد والذين اوشكوا ان يقتلوني بالخطأ !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل