الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطوفان أو جنازة في فوضى الأوان

عبدالوهاب عزاوي

2005 / 12 / 31
الادب والفن


-1-
الأرض بورٌ
والسماء تحجّرتّ
والبحر ينهش في فضاء الرب
خلف حمامةٍ

الأرض بورٌ
والنواح يسد قلبي بالرياحْ

الأرض بورٌ
والكل ماتْ
وأنا الوحيد الميت- الحي
الأخير على التخوم
والكل ماتْ....
والضوء يزحف
في القبور الجاثمهْ
فوق اعتلال الوقت
تنتظر اكتمال الملحمهْ..
وتعدّ أضلعها النحيلةَ
فوق أسراب العقاربِ
تنهش الضوء المخبأ
في العيونْ..

وبورٌ هي الروح
حين ارتميت
على الريح
أقرع صمت التراب
وأحفر للظل قبراً بكعبي
وأحضن هذا الهواء الجريح
لأرقص بين القبور
على فطرتي..
أوزّع أجواف قلبي
على قارعات الجهات
وأقرعها
كي تدقّ القيامة أثداءها
فأرقص ..أرقص
أطعن هذا الظلام
لغيمٍ تحجّر بين الأصابع
أسقي القبور دماً
فاض عن حاستي السادسهْ
وإيقاع قلبي يعلو
وروحي فوق اللهاث
تطير ..
لهاثٍ لموتى يمدّون ليلاً
من القبر ينمو
وأعناقهم تتكوّر فوق الشواهد:

(ربطنا أنفسنا إلى الأرض
ليدفننا الطمي
ولنحمي الزيتون
من السقوط الملحمي
لكن البحر تأخر عن موعده
فمُتْنا قبل أواننا
والسفن فرت قبل الأوان
تحكّ دماءنا
فيئنّ الخشب..
الأرض بورٌ ..
والطوفان لمّا يأت
ربطنا أنفسنا إلى الأرض
فلن نفرّ
ولن تفرّ
ندقّ التراب بأجسادنا
والإيقاع يعلو..)

الأرض بورٌ
وركبتاي تغرقان في البخور
والموتى يصعدون الفكرة
فيحنّ الخشب لترابه
وأنا أرقص
هناك -هنا
أنا الميت- الحي
وأنا المشيعون
وأنا الجنازة والقبر

-2-
لا مكان لأدسّ أصابعي
في هذي الريح
فالزمن الحي- الميت
تغرقه النبوءات...فينقسم
تغرقه الهيولى.. فينقسم
نصفاً فوق الغمام..
ينتظر الألوهة
ونصفاً تحت التراب..
ينتظر المنام
ولامكان ..لامكان
لأحدد سمت نبضي
والزمن ينقسم..

فوق الغمام ..
ينظر للموتى كالنمال
تزحف على بطونها
تعضّ ماتراه
تبحث عن اسمها

تحت التراب..
ينظر للهاربين كأسراب طيرٍ
لم تجد قبراً أو عشاً يجمعها
فتحلم بالطائر الرب
تموت عليه
في السماء
كلها
ليبقى وحده محلقاً

"موتٌ هناك ..موتٌ هنا"

فوق الغمام يوزّع الأرواح
في أقفاصها
فالجاذبية نسبيةٌ
والأرض نسبيةٌ

تحت التراب يصيد عيون الموتى
حتى يئنّ الشبك
يصيد عيون الموتى كالفراش
يفرشها ليقرأ تاريخ الأرض-البلد-
الحي- البيت- الغرفة- العين- السجن..
والحلم أمضى من الدم
فالحلم في سرّ الأرض
حرية كامنة
والطوفان نسبيّ
يصيد عيون الموتى ليقرأ
تاريخاً عارياً من كلّ زخارفه:
(طعمَ السواد
في عين أرملةٍ
حدودَ الهواء في الرئة..
في عين خائف
شكلَ الملكوت
قبل أن يولد
أو بعد أن يموت
في عين أعمى)
والشبك يئنّ
والخشبُ يحكّ لحومهم
فيحنّ
هناك- هنا
وأنا الميت- الحي
وأنا المشيعون
وأنا الجنازة والقبر


-3-
أرقص وحدي
على قرع قلبي
أُهيل علي النبوءات
وموتاي ينضجون
تحت العيون
وصبّار أكتافهم
يتشبث بالرياح
وهم يتدحرجون بخوراً
يطوف قناديلَ
تكمل الملحمة:
ميت 1:
" الماء في جلدي يحكّ الليل
من عقبيه
كحجري صوّان
فتولد أمي بين شرارتين
ويبدأ قلبي خببه
فبرّ صدرها يرشفني
والله يقترب"

ميت3:
" عندما كانت الحياة أخصب
كان الموت أبسط
يأتي مجانباً أحبابه
ويتلو عليهم من الرب سورة
ويغفو في مآقيهم
ليقطفهم بسلام "

ميت4:
" أشيخ قبل الأوان
وحبيبتي تبكي هناك
فأغرق أصابعي في كبدي
أنشل قمراً زائداً
أزرعه في شعرها "

ميتة4:
"لحبيبي ضوءٌ في شعري
يسيل على كتفي ّ
ويغرق نهدي بالبكاء
فأموت سهواً
نصف موت
ونصفه الآخر
لدى حبيبي هناك
ففي صدري دروب إليه تسير"

ميت0:
" دمٌ صافنٌ ..دمٌ صافنٌ "

ميت4:
" عندما يسودّ الدم
وتزدحم الروح بالوجع
يقع القلب من الحزن فجأة
فيزهر قمران في عروتها
ويتسع الليل في كفي "

ميت3:
" عندما كنا رجالاً
ورؤوسنا تعاند غمام الدرب
كنا نطلّ على فضاءٍ مستحيلٍ
كنا نعدّ أنفسنا
لمعجزاتٍ لنْ تصل "

ميت5:
" عندما كنت طفلاً
ابتلعت بذور البرتقال
لتنمو الأشجار في بطني
واقفةً
فأقطف قمراً
من حليب السماء "

ميت 4:
" الدرب- البيت- الباب- العين-
الظهر- سكينان- ظلامٌ... ظلام ْ "

ميت0:
" دمٌ صافنٌ ..دمٌ صافنٌ "

ميت5:
" عندما كنت طفلاً
لبست سمرتي
وخرجت أسأل عن الله
على حد المحيط
وماعدت
والله لما يصل "

ميت2:
أيها البعيد
كم أكرهك ..
وكم أحبك
وكم أغرق فيك
حين أتجاوز
حاستي السادسه "

ميت 4:
" حريقٌ ...حريقْ
عيناي لا تبصران
عيناي لا تبصران "

ميتة4:
" الكف- الروح- النفس- الشفة
نهداي يحترقان
نهداي يحترقان "

ميت0:
" هناك رأيته يبصق حلمه
من ذروة موته
ثم يرفع بقعة الضوء الساقطة
على الأرض
يلف بها جرحه
ويغيب ..يغيب
دمٌ صافنٌ هي الأرض
دمٌ صافنٌ هي الأرض "

ميت2:
" سأسند الأفق باصبعين
فالسقوط احتمال الملحمة "

ميت0:
" الأرض- الأرض "

ميتة4:
" الأرض- النعش- الحبيب
لحظة حنينٍ
ظلامٌ على النهد
عريشةٌ فوق الظلام.. "

ميت 0:
" الأرض ..الأرض
ربطنا أنفسنا إلى الأرض
فلن نفرّ
ولن تفرّ
والخشب من أزيزٍ أدماه يئنّ
والريح تزحف في جحور الموتى "

الموتى جميعاً:
" الأرض- الأرض
دمٌ صافنٌ فوق المكان
دمٌ صافنٌ
صافنٌ
صا.. "

وأنا الميت- الحي
وأنا المشيعون
وأنا الجنازة والقبر
تغرقني النبوءات
قدمي يفخخها التراب
ولامكان ..لامكان
لأحدد سمت نبضي

الأرض بور
والسماء تحجرتْ
والبحر ينهش ما تبقى
من فضاء الرب
خلف حمامةٍ
وأنا الميت- الحي
أصعد إيقاع قلبي
في انتظار الملحمة..

9/2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل