الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنة ليست مرتعا ... لمن يبتاعها مجانا

محمد علي مزهر شعبان

2016 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الجنة ليست مرتعا .. لمن يبتاعها مجانا
محمد علي مزهر شعبان
دون ادنى شك، ان فرضية الدين المعامله كانت هي الاولوية الاولى في ما أُنزل من قواعد سلوك سماوية وارضية، وان التعامل بالمسؤولية هو البوابة الواسعة للولوج الى الجنة والخلود في الارض . السؤال هل البكاء او التباكي وباقي الشعائر العظيمة منها وما يثار عليها الاشكال على سيد الشهداء الحسين ع، تفتح لنا جواز المرور الى هذا المبتغى المنشود؟
حين اذهب الى امير البلغاء وامين الامناء علي ع وهو يمنحنا الوصفة الحقيقية لمستقر يتوخاه ويتمناه الناس حيث يقول : لا تكُنْ مِمّنْ يقُولُ فِي الدُّنْيا بِقوْلِ الزّاهِدِين ، ويعْملُ فِيها عمل الرّاغِبِين ، فإِنْ أُعْطِي مِنْها لمْ يشْبعْ ، وإِنْ مُنِع مِنْها لمْ يقْنعْ . يعْجزُ عنْ شُكْرِ ما أُوتِي ، ويبْتغِي الزِّيادة فِيما بقِي ، وينْهى النّاس ولا ينْتهِي ، ويأْمُرُ بِما لا يأْتِي .يُحِبُّ الصّالِحِين ولا يعْملُ بِعملِهِمْ ، ويُبْغِضُ الطّالِحِين وهُو مِنْهُمْ .
اذن لزومية فهم الكيفية في الوصول الى المبتغى، سواء بمفهوم السلوك اليومي بالمعاملات، او بمفهوم جزاء الثواب للمستقر الاخير . فالجنة لا تشترى، بطمع من يبتاعونها مظاهرا، ولا من يلجؤون اليها رهبة فيضحون عبيد الخوف والرعب . هي دار من تطهرت نفسه من شوائبها، وتنظفت خوالجه من احقادها، وتساوقت اعماله مع قواعد دخولها، وهي الارض التي تحصد غلتها في اخرتك فيما تزرع في دنياك . اذ يقول ع : لا تعْملْ شيْئًا مِنْ الْخيْرِ رِياءً ولا تتْرُكْهُ حياءً .
هنا يركز الامام ع على ع على ماهية العمل الصالح كسلوك طبيعي منبثق من لوح الذات، ليؤسس الى طبيعة العقود بين الناس حينما تتحد الذات بكل نقاء وصفاء مع ارادة الرب، حتى نطل على الوجود الذي ابدع الرب في خلقه، وجعلنا سادة المخلوقات فيه،حيث يقول هذا المعلم العظيم، وهو يوصي اصلابه الاطهار: يا بُنيّ إنْ اسْتطعْت أنْ لا يكُون بيْنك وبيْن اللّهِ ذُو نِعْمةٍ فافْعلْ ، ولا تكُنْ عبْد غيْرِك وقدْ جعلك اللّهُ حُرًّا.
اذن لاتكن عبدا لخوفك من نار، اذا تطهرت جوارحك وتسامت افكارك، وارتقت ارادتك في حب الخير والوطن واخيك الانسان . والا بم تفسر قول هذا العظيم : عبدتك لا خوفا من نارك، ولا طمعا في جنتك، انما رايتك اهلا للعبادة فعبدتك . اين تضع هذه الصلابة في الموقف. اي نار تضم في قعورها عظيم رفض كل مؤدياتها ؟ واي جنة لا تعشق في ان تفتح كل ابوابها للذي اوصل الدنيا بالاخرة فعلا قبل القول ؟ واي جلباب تلبس هذا الرجل في الاهلية للارادة الالهية .
ولنسئل من تكفل امر ديننا المرجع الاعلى السيد علي السستاني دام ظله عن أمر في غاية الاهمية، رغم تعدد الممارسات الصميمية منها والعارضه المشبوبه بكثير من الشبهة واللغط في عاشوراء، وحتى نطل على مرسى يؤسس لشعارنا في ان نرتقي الى حيث ماهية الرسالة الحسينية .
السؤال: ما هو رأي سماحة سيدنا ومرجعنا بصحة الحديث الوارد عن الإمام جعفر الصادق ع: من بكى أو تباكى على الحسين (ع) وجبت له الجنة ؟
الجواب: نعم ورد في أحاديث متعددة ـ جملة منها معتبرة ـ الوعد بالجنة لمن بكى على الحسين (ع) كما في بعضها مثل ذلك لمن تباكى عليه أو أنشد شعراً فتباكى عليه. ولا غرابة في ذلك إذ الوعد بالجنة قد ورد في أحاديث الفريقين في شأن جملة من الأعمال، ومن المعلوم أنه لا يراد بذلك أن يشعر المكلف بالأمان من العقوبة حتى لو ترك الواجبات وارتكب المحرمات، وكيف يشعر بذلك مع ما ورد من الوعيد المغلظ في الآيات بالعقوبة على مثل ذلك، بل المفهوم من هذه النصوص في ضوء ذلك أن العمل المفروض يجازى عليه بالجنة عند وقوعه موقع القبول عنده سبحانه، وتراكم المعاصي قد يمنع من قبوله قبولاً يفضي به إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار.
وبتعبير آخر : إن العمل الموعود عليه يمثّل نقطة استحقاق للجنة، وفاعلية هذه النقطة تماماً منوطة بأن لا يكون هناك نقاط مقابلة توجب استحقاق النار بارتكاب الأعمال التي أوعد عليها بها.
وأما ثبوت هذه المكانة للبكاء على الحسين (ع) : فلأن البكاء يعبر عن تعلقات الإنسان وكوامن نفسه تعبيراً عميقاً، لأنه إنما يحدث في أثر تنامي مشاعر الحزن وتهيّجها لتؤدي إلى انفعال نفسي يهز الإنسان، ومن ثم فإن البكاء على الإمام (ع) يمثل الولاء الصادق للنبي (ص) وأهل بيته الأطهار وللمبادئ التي نادى بها ودعا إليها واستشهد لأجلها، ومن المشهود أن حركته (ع) قد هزت التاريخ وزلزلت عروش الطغاة ورسخت القيم الإسلامية في قلوب المؤمنين، ولم يحدث ذلك إلاّ في أثر التمسك والتعلق بذكره نتيجة حث أئمة أهل البيت (ع) بمثل هذه الأحاديث.
وأما التباكي فليس المراد به إظهار البكاء أمام الآخرين بل هو بمعنى تكلّف الإنسان البكاء على ما يراه حقيقاً به، ولكنه يواجه لحظة جفاف في قلبه ومشاعره فيتكلف البكاء عسى أن يستجيب قلبه وتتدفق مشاعره لنداء عقله، وبهذا المعنى أيضاً ورد الوعد بالجنة لمن بكى أو تباكى عند ذكر الله سبحانه وتعالى كما نبه عليه غير واحد منهم : العلامة المقرم (ره) في مقتل الحسين .
اذن هي معادلة موزونة الاطراف ..... مشاعر نبيلة لاعظم مصيبة ، طرفها الاخر عمل صالح ومسعى فالح وما اوجب الله من فروض اولها الامانة والمعاملة، ومواطنة ترتقي بكل اباء في الدفاع عن العرض والارض، ومحاربة الفساد والمفسدين والطغاة، والعدل وسلوك يلتزم بالقانون ونبذ الوكالة عن الرب في ان تذبح وتقتل . فالجنة ليست مرتعا لمن يريد ان يبتاعها مجانا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خسائر الجيش الاسرائيلي في ارتفاع .. بعد الإعلان عن -هدنة تكت


.. إسرائيل وحزب الله.. الحرب الاستخباراتية| #التاسعة




.. الحرس الثوري الإيراني: نتائج الانتخابات ينبغي ألا تؤدي إلى إ


.. استطلاعات بريطانية تحذّر: حزب المحافظين يواجه انقراضًا انتخا




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية والعسكرية في قطاع