الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (1)

عادل صوما

2016 / 11 / 1
الادب والفن


الاقتباسات اسلوب معروف في فروع الثقافة والفن كافة، وما يسترعي الانتباه في الاقتباس ان بعض الاعمال الادبية والفنية المقتبسة أو المسروقة نالت شهرة لم تحصل عليها الكتابات الاصلية، ما يعني ان عالم الابداع يعتمد ايضا على الإتصالات ودوائر الاصدقاء النافذين، الذين يعرفون كيفية تسويق المادة وفرضها على الناس. وقد حدثت الاقتباسات في الاديان ايضا، ففي الادبيات الابراهيمية تم اقتباس الكثير من الشرائع والطقوس والتعاليم، وكانت الاضافة الجديدة انهم نسبوا اقتباساتهم الى السماء، ناهيك عن التعالي على من سرقوا افكارهم واتهامهم بالكفر أو الجاهلية . والدراسة الموجزة باجزائها الثلاثة تتناول بعض هذه الاقتباسات.
بلوّرة اللؤلؤ
تعتبر رواية "البؤساء" لمؤلفها فيكتور هوغو من أهم وأشهر انتاجات تاريخ فرنسا الروائي، رغم ان الكثير من تفاصيلها جاءت كما هي في رواية "بائعة الحليب" لمؤلفها بول دو كوك الذي كتبها قبل 35 سنة من نشر "البؤساء".
إبتكر الكاتب البريطاني آرثر كونان دويل شخصية "شرلوك هولمز" في اواخر القرن التاسع عشر، وهي الشخصية التي وضعت الكاتب في دائرة الخلود، وجعلت شقته الواقعة في شارع بيكر ستريت في وسط لندن مزارا يقصده حتى الآن ألوف المعجبين يوميا، لكن إسلوب شرلوك هولمز البوليسي المنطقي ووضع الاحداث في تسلسلها حتى الوصول إلى حل للجريمة، إقتبسه دويل من إدغار ألن بو الكاتب الاميركي المبدع المولود في 1809 في قصصه خصوصا "جريمة قتل في شارع مورغ" والقصة المثيرة "الجعران الذهبي".
بنى ألكسندر دوما مجده الادبي على روايتين هما "الكونت دي مونتي كريستو" و"الفرسان الثلاثة". الرواية الاولى منقولة حرفيا عن محضر شرطة قرأه دوما وصاغه كرواية شائقة، لكنه غيّر مصير بطله الذي توفى في الدنيا بعد هروبه، وهو يحاول ان يثأر من الذين تسببوا في حبسه ظلما، وجعله يحصل على كنز كبير موجود في جزيرة مونتي كريستو ويستعمله ليثأر من اعدائه. وقد اقتبس دوما ايضا في روايته بعض ما جاء في مذكرات كازانوفا العاشق الشهير في المجلد الرابع، حين وصف الاخير تفاصيل هروبه من السجن بمساعدة الكاهن السجين.
كتب دوما في مقدمة روايته "الفرسان الثلاثة" ان "ابطال الرواية التي لنا شرف سردها على قرائنا ليس فيهم أي شيء اسطوري، فمنذ سنة وبينما انا منكب على بحثي في المكتبة الملكية لكتابّي تاريخ لويس الرابع عشر وجدت "مذكرات السيد دارتانيان" بالصدفة...". وقراءة بقية المقدمة التي كتبها المؤلف بنفسه تشير صراحة إلى أنه لم يقتبس موضوع روايته بكامله فقط من هذه المذكرات، بل اسماء الابطال الواردة فيها.
دافع الكاتب جاك لوران عن دوما قائلا: لقد إكتشف المتخصصون ما يدين به دوما لماكيه وبوشيه وأرنو وحتى أوجين سو. هذه التفاصيل لا تهمني، فهي مثل التفاهات التي توضع في القوقعة لتحريضها على تقطير وبلورة اللؤلؤ.
كتب الشاعر نزار قباني "القصيدة الشريرة"، وهي ترجمة حرفية لقصيدة بالعنوان نفسه من ديوان "أزهار الشر" لشارل بودلير، ويصف فيها علاقة إمرأتين سحاقيتين. كما ترجم الشاعر نفسه بتصرف قصيدة "مع جريدة" من ديوان "كلمات" للشاعر الفرنسي جاك بريفير، وعندما اشار الناقد جهاد فاضل إلى ذلك، كان رد الشاعر (المغرور للغاية) قاسيا إذ ألف كتيب عنه بعنوان "بقايا ناقد"، ورد عليه الناقد بكتاب "فتافيت شاعر"، لكن المعركة الادبية توقفت بسبب تدخل اصدقاء نافذين للطرفين.
منحوتات بدائية
إشتهر الرسام الايطالي كارفادجو بإسلوبه الواقعي البعيد عن الاساليب الاكاديمية لأنه لم يدرس الرسم في المدارس، وغم ذلك فقد تأثر دارسو الرسم به مثل الفنان الاسباني الشهير دييغو فيلاسكيز.
خلق الرسام الفرنسي جورج سورا ثورة في عالم الرسم، وذلك حسب نظريته تقسيم اللون والنور والظل إلى بقع متناهية الصغر، التي ادت إلى ظهور "المدرسة التنقيطية" في الرسم. وكان معاصره الرسام كاميل بيسارو يريد الوصول إلى امر آخر يدخله عالم الشهرة، لكنه إعتنق اسلوب سورا كما هو، الامر الذي جعله يجد الطريق إلى ما كان يبحث عنه.
عرض بيكاسو سنة 1927 لوحة "انسات من فينييون"، واعتبرها النقاد مرحلة جديدة في فنه بعد مرحلتيه الزرقاء والوردية، لكنها في الواقع دشنت مرحلة جديدة في الرسم الاوروبي، وأدت إلى ظهور ما يُسمّى "المرحلة التكعيبية". ويقول دارسو فن بيكاسو ان البداية كانت عندما رأى بيكاسو "معرض منحوتات افريقية بدائية" سنة 1906، وهي السنة نفسها التي رسم فيها الفنان لوحة "انسات من فينييون" وتركها غير معروضة في مرسمه لسبب غير معروف.
إقتبس الفنان سلفادور دالي إستعاراته الرمزية وتفاصليه التخيلية بكاملها من فنان هولندي ألماني مغمور هو جيروم بوسخ الذي سبقه بخمسة قرون، وتعامل مع النور وكان صاحب بحس فضائي جسّده في الايحاء بالعمق والمسافات العظيمة في لوحاته.
كل شيء قيل
احدثت مسرحية "السيد" لمؤلفها بيار كورناي ضجة ادبية وفي الاوساط المسرحية سنة 1636، لدرجة ان المسرح الفرنسي اصبح يؤرخ له بمرحلة ما قبل "السيد" وما بعدها، لأنها وقفت موقفا وسطا بين مفاهيم جماليات عصر النهضة، التي تحررت من مفاهيم المدرسة الكلاسيكية المتقيدة بالمكان والزمان والموضوع. هذه المسرحية سرقها كورناي كما هي مع إسمها ايضا من مؤلف اسباني معاصر له هو جييرمودي دي كاسترو.
سيطر جان راسين الكاتب والمسرحي الفرنسي في بدايات النصف الثاني من القرن السابع عشر على الحياة المسرحية، لكن هذا المؤلف اعاد صياغة مسرحيات وشخصيات اغريقية في أهم اعماله مثل "اندروماك" التي إقتبس فيها قصة اوريس وبيروس وهيرميون واندروماك ارملة هكتور بطل حروب طرادة. كما صاغ في مسرحية "فيدرا" قصة فيدرا وهيبوليت كما هي. وفي مسرحية "بريتانيكوس" إقتبس مسرحية رومانية تصف حقبة نيرون الذي وصلت جرائمه إلى حد قتل امه التي مهدت له طريق العرش من امام اخيه بريتانيكوس، ثم قتله لزوجته التي نهته عن جرائمه.
اخذ موليير معظم مسرحياته من ارستوفانيس الاغريقي، لدرجة ان مسرحية "البخيل" تكاد ان تكون نقلا حرفيا عن النص الاصلي، كذلك اخذ لافونتان الشاعر الفرنسي معظم قصص جرت على لسان الحيوانات من مؤلف إغريقي هو إيزوب، واعاد صياغتها حرفيا باللغة الفرنسية.
La Bruyere إقتبس معظم مواضيعه في كتابه الشهير "الشخصيات" من كتاب يحمل الاسم نفسه لكاتب إغريقي، وكان صريحا حتى أنه كتب في مقدمة كتابه مبررا ما فعله: "كل شيء قد قيل، وقد جئنا متأخرين جدا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 175 مليونا خلال أسبوعين


.. المخرج محمد الملا يكشف لصباح العربية أسرار من الفيلم الجديد




.. أسباب غياب الفنان عبدالله رشاد عن الساحة الفنية


.. -كان ودي نلتقي-.. دويتو يجمع بين الفنانين عبدالله رشاد ونوال




.. -نحتاج أكاديمية لتطوير مدراء الأعمال-.. الفنان الدكتور عبدال