الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبارتيد الثقافي بالمغرب: التمييز ضد الامازيغ قضية ثابتة

انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان

2005 / 12 / 31
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


تجمع المواثيق والاعلانات الدولية لحقوق الانسان على أن التمييز بكل انواعه الثقافية والسياسية وبأي سبب كان يعتبر ضمن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ويشير الى ذلك على سبيل المثال الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يعلن صراحة بأن جميع الناس يولدون احرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ولهم حق التمتع بالحقوق والحريات الاساسية بغض النظر عن لونهم وجنسهم ولغتهم ودينهم واصلهم الاجتماعي والعائلي كما ان أحكام الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تتوخى القضاء على التمييز بسبب العرق أو اللون أو النسَب أو الأصل القومي أو الإثني، تعتبر التمييز جريمة دولية يعاقب عليها دوليا .في المغرب يمكن الحديث عن نوعين من التمييز احدهما عام يتعرض له الشعب المغربي قاطبة وهو التمييز بسبب الاصل الاجتماعي او الطبقي تحديدا والثاني يتعرض له الامازيغ على وجه الدقة والتحديد ويتعلق بالتمييز على اساس العرق واللغة.
فالتمييز الطبقي الذي تعاني منه الشرائح الفقيرة والمضطهدة جلي وملموس في المحاكم ولدى الادارات العمومية والخاصة فيكفي ان نرجع الى معدلات الرشوة بالمغرب لنعرف ان الفساد الذي ينخر المجتمع المغربي مؤشر قوي من بين مؤشرات وجود اختلالات بنوية تعيشها الادارة المغربية وكلنا يعرف تمام المعرفة كيف يتم شراء بعض الاحكام القضائية اوتوقيف تنفيذ احكام قضائية لصالح الفقراء ومن لا حامي لهم ، وظاهرة استفحال الرشوة تعتبر بالاظافة الى كونها جريمة جنائية الا انها كذلك تعبير عن وجود تمييز بين المواطنيين على اساس الاصل الاجتماعي والطبقي على وجه الدقة والوضوح رغم ان الدستور المغربي يعتبر المغاربة سواسية امام القانون ، فكلنا على ما اعتقد سمع بقصة الموظفة في شرطة تنظيم المرور التي ارادت ان تقوم بدورها في تطبيق القانون لكنها صدمت جراء ذلك من طرف مواطنة اخرى لكن من الدرجة الاولى فحكمت عليها المحكمة لكنها اطلق سراحها بفعل اصلها الاجتماعي وجاه اسرتها فيما ماتزال الشرطية تقبع في المستشفى , فلو كانت الشرطية هي الفاعل لحكم عليها بالاعدام فورا لانها من الطبقات الشعبية التي يطبق عليها القانون نصا وحرفا وحتى اجتهادا في التشديد.وهذه الحادثة خرقت فيها الدولة المغربية الفقرة الاولى من أحكام الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تتوخى القضاء على التمييز بسبب العرق أو اللون أو النسَب أو الأصل القومي أو الإثني،
اما التمييز الخاص الذي يعاني منه الامازيغ فهو خطير ومزدوج بالاضافة الى التمييز الاول يعانون من تمييز بسبب اللغة ويتجلى ذلك بوضوح في المجالات التالية:
*القضاء : لايتمتع الامازيغ بحق التحدث مباشرة والدفاع عن انفسهم في دعاوى مصيرية بدون وسيط مثلهم مثل الاجنبي فكما تلجأ المحاكم المغربية الى الاستعانة بمترجمين لفائدة الاجانب تلجأالى مترجمين للأمازيغ في محاكم بلدهم فهل من تمييز افضع من ذلك ؟ اما مشاكل المواطنيين مع محاضر ضباط الشرطة القضائية فحدث ولا حرج حيث ان الامازيغ الذين لايعرفون العربية –لغة الماضر-يكونون ضحايا سوء فهم الضابط او سوء تعبيرهم بلغة ليست لغتهم لذلك فهم ضحايا في كلتا الحالتين، وكلنا نعرف قوة الاثبات الذي تتمتع به للأسف الشديد حجية محاضر الضابطة القضائية في اثبات الاحكام .
*الدستور : الدستور المغربي لا يعترف باللغة الامازيغية كلغة رسمية وهو انتهاك صريح لحق شعب بكامله ذو تاريخ وحضارة عريقين والدستور في حالته الراهنة يكرس التمييز بين المواطنين على اساس اللغة وهو خرق فاضح للمواثيق الدولية لحقوق الانسان وخاصة منها الاتفاقية الدولية للقضاء على كل اشكل التمييز العنصري وكذلك يتعارض مع احكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسنة 1966 والذي ينص صراحة في مادته الاولى على مسؤولية الدول في اعطاء الحق لشعوبها في تحقيق مصيرهم السياسي والاقتصادي والثقافي الذي يتضمن احترام هويتهم ولغتهم . وعليه فالدستور المغربي الحالي لا يستجيب لتطلعات الشرعة الدولية لحقوق الانسان ولا يعبر عن واقع سوسيو ثقافي مغربي حقيقي.
*التعليم : حكمت التعليم المغربي منذ الاستقلال السياسي ما سمي بالمبادئ الاربعة والتي من بينها التعريب لذلك اصبحت المدرسة المغربية رائدة التصفية المنهجية للثقافة والثرات الامازيغيين وتحكمت المقاربات الايديولوجية القومية في التوجهات العامة للتعليم المغربي حيث تعاقب وزراء حزب الاستقلال على وزارات التربية والتعليم فشنوا حربا شعواء على الامازيغية واعتبروها خطرا محدقا يجب اماتته والتخلص منه لانه على حد تعبيرهم يهدد الانتماء المغربي الى الوطن العربي الموهوم لكن المفارقة ان مقرري التعريب في المدرسة المغربية وفرضوا فرضا تعسفيا التعريب والتخريب على ابناء الشعب المغربي هم انفسهم من ارسل ابنائهم الى المدارس الاجنبية للتعلم والمعرفة الحقيقيتين وبلغات العلم والمعرفة والنتيجة كانت منطقية استحواذ ابناء البوليتكنيكات على المناصب السامية بالمغرب وتشرد ابناء الشعب المغربي ضحايا التعريب فحقا اذا عربت خربت!! وبعد التحولات الدولية التي اعقبت تحركا ميدانيا حقوقيا للحركة الامازيغية وخاصة بعد مؤتمر فيينا 1993 الخاص بحقوق الانسان والذي عرف حضور الحركة الامازيغية بقوة كل هذه العوامل مجتمعة فرضت على الدولة المغربية تعاملا تكتيكيا مع الحركة الامازيغية فتم في ذلك السياق اقرار تدريس الامازيغية واحداث نشرة للهجات لكن التكتيك الاستيعابي لم يثن الحركة الامازيغية عن المطالبة بالتأصيل الدستوري والحقوقي للامازيغية في التعليم والاعلام والادارة وهو مطالب ما تزال معلقة رغم ما يروج عن تدريس للأمازيغية في بعض المدارس المغربية لكن الأكيد ان رغبة حقيقية لم تتوفر بعد لدى النخب الحاكمة للتعامل الجدي والمسؤول مع الامازيغية كقضية وطنية مصيرية . التعليم المغربي اذا يكرس التمييز من حيث ان جميع المواثيق الدولية لحقوق الاانسان وجميع النظريات التربوية والنفسية تؤكد اهمية التعلم بلغة الام لضمان تحصيل علمي واستمرارية دراسية موفقة وهو ما يحرم منه الطفل الامازيغي الذي لا يتمتع بحقه بالتعلم بلغته الام وبذلك يتناقض التعليم المغربي مع ابسط الحقوق المنصوص عليها دوليا.
*الاعلام : التمييز في الاعلام على اساس اللغة واضح ولا يحتاج الى اجتهاد كبير فالصحف الامازيغية لا تتمتع بأي دعم رسمي من الدولة كما ان الصحفيين الامازيغ في وسائل الاعلام السمعية والبصرية يعانون من ضعف الامكانيات المادية والتقنية كما ان نسبة الامازيغية في الاعلام العمومي لا تتجاوز 10 % وهو رقم هزيل مقارنة مع تعداد الامازيغيين بالمغرب وحتى البرامج الامازيغية لا تكون في الغالب الا برامج تكرس دونية الامازيغية او يغلب عليها الطابع الفرجوي كأن الامازيغ سلعة سياحية لا مطالب لهم ولا افكار .كما ان منع انشاء قنوات امازيغية يعتبر تمييزا وتضييقا على الحرية الاعلامية .
باختصار شديد يمكن الحديث في المغرب حقيقة بدون مبالغة ولا مزايدة عن تمييز يتعرض له الامازيغ بالمغرب بسسب لغتهم وبرعاية دولتية فكيف يمكن الحديث عن دولة المواطنة والحقوق في ظل احتكار لغة وحيدة للسوق اللغوية واستمرار ربط المغرب بجذور مشرقية لا صلة تاريخيا له بها ولا مصلحة له منها فيما الثقافة المتوسطية اقرب اليه وافيد اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
اما ما نقترحه لتجاوز هذا الوضع المنتهك لحقوق الانسان فهو التالي :
*1- تدابير ذات طابع عام
-تعديل دستوري يتضمن اقرارا رسميا بالأمازيغية لغة رسمية واعتراف بأمازيغية المغرب في ديباجته انسجاما مع التاريخ والواقع السوسيو لسني المغربي.
-اقرار نظام فيديرالي كآلية لحماية الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية لمجموع مكونات المغرب في ظل وحدة وطنية .
-تضمين الدستور تأكيد على سمو المواثيق والاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية وهذا من شأنه ان يحمي حقوق الاغلبية والاقلية.
2-على صعيد القضاء:
-اقرار القضاء كسلطة مستقلة والغاء كل اشكال الامتياز القضائي .
-مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية للقضاء على كل اشكال التمييز العنصري وتنفيذ مقتضياتها.
-تكوين القضاة وجعل اللغة الامازيغية كلغة رسمية داخل الادارات بما فيها القضاء وتسجيل محاضر الضابطة القضائية بلغة المشتكي او المتهم .
3-على صعيد التعليم :
-تعميم تدريس اللغة الامازيغية كلغة موحدة اجبارية لجميع المغاربة .
-ادماج الامازيغية في مراكز تكوين الاطر التربوية وفي المدارس العليا .
4-على صعيد الاعلام :
-دعم الاعلام الامازيغي ماديا وتقنيا من طرف الدولة المغربية ورفع الحصار عنه
-دعم الصحفيين الامازيغ وتحفيزهم وتوفير كل الشروط الضرورية لعملهم.
-السماح للقطاع الخاص بإنشاء قنوات خاصة لأن من شأن ذلك ان يطور الاداء الاعلامي المغربي من جهة ويفسح المجال للإعلام الامازيغي الحر والمستقل للانفتاح وتطوير القدرات الامازيغية.
واذا كانت الدولة المغربية هي المسؤولة فعليا عن حرية وكرامة وصيانة حقوق مواطنيها فإن الحركة الامازيغية والفعاليات الديموقراطية مطالبة بتنظيم جبهة وطنية لمناهضة التمييز اللغوي ضد الامازيغ , حتى نستطيع ان نفخر بمغرب الحقوق والحريات.

انغير بوبكر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم