الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيار الديمقراطي في المغرب

محمد محسن عامر

2016 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


كان ليكون يوما عاديا لبائس من المغرب يلاحق لقمة العيش من أجل الخبز , كان سيبدأ ككل يوم فجرا رتيبا في الميناء من أجل اقتناء بعض الأسماء و بيعها على أرصفة الشوارع مع جموع البائعين من أجل دفع يوم أخر من البؤس للإنقضاء بسلام . هكذا كان ليكون يوم بائع الأسماك محسن فكري لو لم تشأ الأقدار أن يكون المثال , المثال عن مدى تقيح المجتمع المغربي و مدى انحلال نظام المخزن المغربي المتخم بالتوافق الإخواني و هوس المحافظة على النظام القائم المهدد دوما بالانفجار و انهيار المبنى المتهالك على رؤوس ساكنيه.

من أجل تفادي ارتدادات الربيع العربي التي اتجهت من تونس نحو الشرق و هددت الطبيعة التقليدية للأنظمة الاستبدادية الحاكمة , أصبح الإتجاه نحو انفتاح ديموقراطي مهمة ملحة للنظام المغربي الذي يملك تركة تاريخية ثقيلة من الاستبداد السياسي منذ تولي الحسن الثاني لمقاليد الحكم في المغرب . الشروط الإجتماعية التي تدفع للإنتفاض و التمرد الإجتماعي التي أوجدت الثورات العربية موجودة دوما في استقلال عن المجال السياسي الحالي و الإرادات الذاتية , بالتالي فالعبوة الانتفاضية قابلة دوما للانفجار طالما ظلت الأزمة الاجتماعية و الاقتصادية التي هي من استتبعات التكوين الطبقي للمجتمعات العربية . الإتجاه نحو إنفتاح ديمقراطي غير معلوم الأفق و معزول عن العمق الإجتماعي أوصل إلى الحكم قوى سياسية عبر آليات التمثيل الديمقراطي الإنتخابي الليبرالي معادية للديمقراطية أي الإسلاميين . خيار النظام المغربي كان واضحا و قائما على حسابات الخارج أساسا : المناخ الإقليمي الربيع عربي قائم على تدعيم دور الإخوان في السلطة باعتبار أن الإسلاميين القوة "المدينة" الأكثر تنظيما و الأقدر على تعريف نفسها كلاعب سياسي يستحق دور شريك . خيار تدوير المجال السياسي العربي في سياقات متجانس مع التمشي الإقتصادي العولمي يحتاج ضرورة إلى قطع الطريق أما تجذّر ممكن للحراك المواطني نحو بوليفارية معادية للمصالح الغربية في العالم العربي و هو ضمير موطني مستقل ورأي عام وطني . بالتالي تقاطعت إرادة المحافظة على الموقع الهيمني للنظام المغربي مع الخيار الإقليمي و الدولي القائم . القبول بتشريك الإسلاميين داخل قبة التقليدانية الاجتماعية و السياسية من أجل خلق .ستاتيكو مهيمن سياسيا يقف على قاعدة اجتماعية صلبة مدعومة من المحافظات الإجتماعية

لقد عجزت حركة الإحتجاج الإجتماعي التي انطلقت في 20 فبراير/شباط 2011 في مؤسسة نفسها و تحولها إلى قوة سياسية جذرية قادرة على تحويل التمرد الإجتماعي غلى مشروع سياسي قادر على دحض السياسي / الإجتماعي القائم و تفعيل مشروع دولتي / سياسي جديد . في مناخ الإهتزاز الزلزالي الإجتماعي حاولت حركة الرفض الإجتماعي المغربية تكوين قوة سياسية معارضة تحت اسم حركة 20 فبراير تحت شعار ديمقراطية الدولة و المجتمع . إلا أنها فشلت أو لنقل عجزت على التجول إلى القوة السياسية النقيض لعدة أسباب . أولها أنها افتقدت للتجانس السياسي حول المكونات و المطالب , إذا نحت نحو تمشي اجتماعي مواطني تارتا و جذري راديكالي تارة أخرى . بالإضافى إلى افتقادها أو عدمة قدرتها على خلق قيادات سياسية مركزية حقيقية برؤية سياسية واضحة المعالم . بالإضافة إلى تحالف النظام الحاكم مع الإسلاميين و قبول التكوينات الكبيرة لليسار المغربي بلعبة ديمقراطية برغماتية على المقاس بدون حسابات الأفق .

المشهد السياسي المغربي الذي يؤسس يوميا شروط تحويل المأزق الإقتصادي و الإجتماعي إلى لحظة تأزم ثوري يتجه إلى عملية فرز تاريخي موضوعي مستقل عن إرادات النظام و إرادات الفاعلين السياسيين فيه . إنه يبحث داخل الصراع الإجتماعي على بدائله التاريخية , أي إلى طريق دحض القديم السياسي و مرتكزاته الاجتماعية نحو جديد هو حتمي الحدوث , لا بالمعنى الكلاسيكي للحتمي بل بمعناها الضروري . صحيح ان الاحتجاج الحالي المتنامي ذو طابع عفوي من الناحية السياسية و لكنه مفعم بحب الحرية و الصدق الثوري . إرادة تحويل الموت المأساوي لمحسن فكري إلى صرخة ضمير مجتمعي ضد النظام و تكوينه الإجتماعي و تحالفاته التقليدية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح