الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درع الفرات: من الموصل الى الرقة

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2016 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



ثلاث محاور تتقدم خلالها القوى المشاركة بعملية درع الفرات المدعومة تركيّاً، لطرد داعش من مدينة الباب في المحور الأول، واستعادة منبج من ميليشيا صالح مسلم، والمحور الثالث ، هو الاستعداد للمشاركة في عزل الرقة ومن ثم تحريرها. فهل أجبرت " درع الفرات " واشنطن على تفعيل خطة تحرير الموصل ، ومن ثم الرقة ؟ سؤال يدور في الذهن، بعد مرور عامين على انطلاق عمليات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش، تبدى فيها أن استراتيجية الحلف في محاربة داعش، لم تكن ناجعة، وعلى العكس من ذلك، لم يضعف تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، تمدد واستفحلت أساليبه القمعية والإجرامية، ولم تؤدي الهجمات الجوية، سوى لتأثير محدود على قواعد داعش. بالمقابل أدى ذلك الى تضرر كبير للمناطق السكنية وخسائر فادحة بالمئات من المدنيين السوريين.
مجريات الأحداث وتطوراتها في الشمال السوري، تبدو كذلك، ساهمت في ضغط التردد الأميركي المتواصل، في النحو لإحداث تغيير محدود في استراتيجيتها، وفي القبول على مضض ودون تصريح بالموافقة، على ما اقدمت عليه تركيا، بعملية درع الفرات، عبر الجيش السوري الحرّ، الذي عملت جميع الأطراف على تقويضه، وفي مقدمها واشنطن.
وفي الواقع فإن ما حققته درع الفرات قاد إلى تعجيل عملية تحرير الموصل، وفي التفكير في إعادة توجيه البوصلة إزاء " قوات سوريا الديمقراطية" التي قادت عمليات عسكرية ضد الجيش الحر، وساندت النظام في حصار حلب. وهاهي اليوم تواجه تراجع الدعم الاميركي لها، وكذلك الروسي، في مناطق غرب الفرات، في الطريق الى تحرير الباب، من جانب، ومن تخصيص قوات التحالف للواء ثوار الرقة دفعة اسلحة، طالما حرمته منها قوات قسد.
هذه المعطيات، تشير الى أهمية النتائج التي أنجزتها عملية درع الفرات، من جرابلس ومنبج الى دابق، وأثر ذلك في تقزيم مشروعي : تنظيم داعش، وتنظيم بي ي دي الكوردستاني، اللذيْن سينكفئان الى شرق الفرات كمرحلة اولى.
لطالما سمعنا جعجعة دون أن نرى طحيناً، فقد أكثرت الولايات المتحدة الحديث عن تحرير الرقة، لكنها في الواقع لم تقم بأية خطوات فعلية، وكلما أعلنت قسد اقتراب موعد الهجوم على الرقة، تحركت قواتها لاحتلال قرى في غرب الفرات، دون أن يحدث أي شئ على خطوط التماس مع داعش، ما يعني بوضوح أن تحرير الرقة لا يشكل أولوية في سياسات واشنطن في المنطقة، وأن ما يحدث في الشمال السوري، هو مسألة مؤجلة بالنسبة لها، وهذا ما ادركته موسكو، فاستغلت كل التطورات لتوّسع من احتلالها، وتدعم قسد، لكن التقارب مع تركيا، حجّم الدعم الروسي الى مرحلة التجميد راهناً.
في الواقع، وخلال سنوات ثلاث مضت لا تزال الإدارة الأمريكية، تقدم في استراتيجياتها، الوضع في العراق على ماعداها من دول المنطقة، بكل ما تحفل فيه من تطورات كبرى. بدءاً بانتفاضة السوريين، واستخدام كل صنوف اسلحة الابادة المنظمة ضدهم، وصولاً الى قيام داعش، والاحتلال الروسي. وكل هذه المحطات الفاصلة، لم تدفع بالولايات المتحدة لجعل الوضع في سورية على قائمة التحديات التي تستوجب اهتماماً رئيساً، ينسجم – في الحدّ الأدنى – مع الوعود والتصريحات التي ما انفكت ترمي بها في كل مناسبة، مما شجع نظام الأسدية وروسيا وإيران، على المضي في تطوير سياساتهم العدوانية في سوريا.
العراق هي محور استراتيجاتها، بصورة مباشرة، منذ الحرب العراقية – الإيرانية، والتي لعبت فيها دوراً كبيراً مكّن الطرفين من مواصلة حرب عبثية طوال ثماني سنوات، انتهت دون انتصار لأحد، بخسارات كبرى للعراق، وبتغوّل فارسي لإيران، نشهد تصاعده حتى اليوم في صورة التهديدات الحقيقية التي تواجهها شعوب المنطقة العربية بأكملها.
وقد شكلت واشنطن في صراعها مع إيران، عامل تحفيز للأخيرة، للتوسع في المنطقة التي تعاني من اختلالات في التوازنات على كافة الصعد، من أسباب ذلك خداع الولايات المتحدة لحلفائها في المنطقة. خذلتهم في اللحظات الحاسمة، ومارست الكذب والدجل ، وورطتهم في اشكاليات لا يستطيعون حلها أو الخروج منها.
العراق كمنطقة تمازج حضاري، شهد عبر حكم أوباما تفاعل المصالح الإيرانية – الأميركية، التي انتجت وضعاً فريداً في هذا البلد المتفجر طائفيا وسياسياً، مكّن إيران من بسط سيطرة كاملة على نظام ومؤسسات الحكم فيه، مثلما قاد موقف واشنطن بالتراجع خلفاً في الحالة السورية، الى تقدم موسكو واحتلال سوريا، والاستفراد فيها، بالصورة التي نشهدها اليوم. الكلام الأميركي الفارغ، والموقف الهلامي، واحد من أهم اسباب الراهن المرير.
على الرغم من سيطرتها، وإدارتها للوضع في العراق، تركت الولايات المتحدة المجال واسعاً لقوى التطرف ان تعصف به، واعني بذلك ولاية الفقيه الإيراني، ولاية الخليفة الداعشي، واليوم مع الموقف الحرج وبالغ التعقيد في الموصل، لم تتمكن الولايات المتحدة من وضع سياقات عامة تمنع مآزق وإشكاليات عملية تحرير المدينة من داعش، فيما يتصل بمصالح الاطراف الإقليمية وتداخلها، خاصة بين العراق وتركيا، في ظل وجود إيراني كبير عبر ميليشيات الحشد، والجيش العراقي.
ولكن، ثمة مسألة بالغة الأهمية، طالما أن الحديث الأميركي والعراقي، يشير إلى طول أمد المعركة، ما يعني أمرين: هما فتح المجال امام انكفاء داعش نحو الجزيرة الفراتية السورية، ومركزتها مابين ضفة الفرات الشرقية في ريف حلب الى الرقة ودير الزور وجنوب الحسكة وصولاً الى الحدود العراقية. وهو إحياء لموقف أميركي سابق، بتجميع داعش في هذه المنطقة، نتلمس خطوطه، في توقف عملية طرد داعش من ريف حلب قبل نحو عامين، والتي قامت بها فصائل الجيش الحر، مدعوما من الإئتلاف الوطني، والتي توقفت عند حدود مسكنة.
الأمر الثاني، هو ان معركة تحرير الرقة، ما تزال معركة مؤجلة، مالم تفرضها عملية درع الفرات على جميع الأطراف الأخرى، وفقاً للتطورات اللاحقة. والخطة الأميركية بعزل الرقة، لم تزل مثار جدل واسع بين الأطراف التي تريد المشاركة فيها، والتضاد القائم بين قوات صالح مسلم الذي يرى في الطرف التركي قوة احتلال إن تقدمت باتجاه الرقة، وكما معروف فإن أنقرة بدورها ترفض مشاركة " قسد " لأنها تتبع لتنظيم إرهابي وفقاً لتصنيفاتها.
الأمر معقد، وواشنطن ليست في صدد حسم هذه المسألة الخلافية عاجلاً، خاصة وانها ترى في كلا الطرفين حليفين لها..وبالطبع أداتين لتنفيذ استراتيجياتها، التي تبدو مربكة إلى ابعد الحدود. واضح أن انقرة لن تنتظر الحسم الأميركي وقوات قسد لاتمتلك من القدرات والخبرات ما يؤهلها لمواجهة داعش في الرقة.

_____________
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة