الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهدف من إسقاط الموصل هو إحياء تشالديران من أجل القضاء على تركيا

علي سيريني

2016 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


في تشالديران انحاز الكُرد إلى الدولة العثمانية ضد الصفويين فانتصر العثمانييون (الكُرد والترك) على الصفويين نصرا عظيما، وفر إسماعيل شاه الصفوي تاركا كل شئ وراءه حتى زوجته التي أنكحها السلطان سليم لأحد قادته. بذلك ضمن الكُرد 15 أمارة كُردية مستقلة دامت لقرون! اليوم يقف نصف الكُرد مع إيران الصفوية ضد تركيا ذات العثمانية الجديدة. يبدو أن هذا النصف، رغم بعده عن الدين وهتافه بالعلمانية ونبذ الدين، يرى في خامنئي وقاسم سليماني نماذج مثالية لتوطيد العلمانية والديموقراطية المرجوة بدبابات وطائرات أمريكية!
الهدف من معركة الموصل ليس القضاء على داعش، فهذا ليس هدفا غربيا آنياً أو إستراتيجياً. قلت هذا قبل أعوام. عين الغرب على إسطمبول وآيا صوفيا وإعادتهما إلى الغرب، لأن لهما معاني عميقة بالنسبة لأوروبا على المستوى الثقافي والسياسي والتاريخي. فغرب تركيا يعد موطن مملكة طروادة التي ادعى الرومان أنهم من أحفادها. لذلك حين دخل الرومان أرض اليونان، خلدوا ذكراهم وذكرى طروادة بتجسيد إحتلالهم كثأر من الإغريق عما فعلوه بطروادة قبل قرون!
الغرب اليوم يتأسس على بعدين، الأول هو بعد ثقافي ديني مبني على التراث المسيحي اليهودي، والثاني قانوني سياسي مبني على التراث الروماني. يعتبر الغرب تركيا الغربية (القسطنطينية: اسطمبول) جزءا من هذا التراث الذي يكوّن الهوية الغربية!
الغرب يبذل أقصى الجهود لإفشال نموذج أردوغان الإسلامي في تركيا وغيرها، لأنه هو النموذج الذي يخافه الغرب اليوم ومستقبلا. أما داعش فليس سوى الإسلام المحبب لدى الغربيين لأسباب:
أولا: إنه نموذج يشوه صورة الإسلام والمسلمين. ثانيا: يعطي التبرير للغرب من أجل التدخل العسكري في شؤون الدول الشرقية. ثالثا: يسبب دمار شعوبنا وتخريب دولنا وإفقار مجتمعاتنا بسبب الحروب والمآسي. رابعا: الحروب تخفض أسعار النفط بسبب التنافس في الحروب بين الفرقاء، تحت إلحاح تغطية الحروب ومتطلباتها، كما في أيامنا الراهنة. خامسا: باع الغرب ومازال كل الأسلحة القديمة والمكدسة للسلطات والقوى الشرقية التي تحارب معه ضد داعش، وبذلك أفرغ الغرب خزانات المال في دولنا إلى حد تعجز سلطاتنا الخاضعة للإرادة الأجنبية عن دفع رواتب الموظفين مع أنها دول نفطية، والمثال سوريا، العراق، إقليم كُردستان وإيران...الخ. إنحدرت هذه الدول إلى عجز كامل عن توفير عيش كريم، أو في أحسن الأحوال تدفع رواتب قليلة لا تفي بحاجة المواطنين.
اليوم، يمشط الغرب عبر طائراته ومدافعه الطرق أما القوى الشيعية الإرهابية، من أجل دخولها إلى مدينة الموصل السنية. الهدف من هذه العملية، في ظل الأجواء المشحونة بين تركيا والقوى الشيعية منذ عام 2011، هو تمكين الميليشيات الشيعية بقيادة إيران من الإستيلاء على الموصل وكركوك (كركوك أصبحت في جيب الحشد الشيعي بفضل تحالف حزب طالباني مع إيران والمسألة هي الوقت لا أكثر). هذا التمكين يقض مضجع تركيا إلى حد، لن تقبل الدولة التركية أن تقف مكتوفة الأيدي عما يجري بحق مدينتين، كانتا في العهد العثماني جزءا من ولايات تابعة لها، فضلا عن وجود تركماني كثيف في كلتيهما. والأهم تقع المدينتان بقرب الحدود التركية.
يهيئ الغرب من الآن دفع تركيا وإيران باتجاه حرب استنزاف تعيد سيرة الحروب العثمانية الصفوية، وكذلك إحياءا للحرب التي دارت بين العراق وإيران التي استنزفت البلدين. ويرمي الغرب في هذا إلى إضعاف وتخريب تركيا، من أجل تسهيل عملية إعادة الجزء الغربي إلى جغرافيتها التاريخية الثقافية، وللحيلولة دون استمرار النموذج الإسلامي الناجح والباهر الذي يتطلع إليه العالم الإسلامي بشغف ولهفة، وكذلك من إجل وقف تقدمه واستمراره وحتى لا يتكرر في البلدان الإسلامية المجاورة والأبعد منها. ومن أجل هذا الهدف التاريخي يتحالف مع العدو الأول للعالم الإسلامي (الأكثرية السنية)، وهو إيران وذيولها الشيعية في المنطقة.
الكُرد لن يحصلوا من الشيعة أكثر مما حصل الإمام الحسين من أجدادهم في كربلاء، حيث قطعوا رأسه. والكُرد في الأدبيات الفقهية الشيعية محتقرون على أي حال، وأبسط مثال هو ما جاء في الجلد الثاني في كتاب شرائع الإسلام للمحقق الحلي (أشهر علماء الشيعة في التاريخ) حيث يقول "لا يجوز البيع والمعاملة مع ذوي العاهات والجذام والأبرص والمجنون والأكراد". تركيا الأردوغانية منفتحة على الشعب الكُردي، وتريد أن تصحح ما أفسدته الأتاتوركية العلمانية لقرون. ولكن مشكلة الكثيرين من الكُرد هي أنهم تحولوا إلى أتاتوركيين حقيقيين ولكن بهوية كُردية، وفي نفس الوقت يحسبون جهلا أوعمدا تجربة أردوغان كإمتداد للأتاتوركية الطورانية!
على الكُرد أولا، ومن ورائهم العالم الإسلامي ثانيا دعم أردوغان وتركيا بالغالي والنفيس، والذود عنهما. فنجاح تركيا وإنتصارها، ضمانة لمستقبل باهر للمسلمين عموما ومن ضمنهم الشعب الكُردي خصوصا. وبخلاف هذا، فإن سقوط تركيا والتجربة الإسلامية الجديدة فيها، فتحٌ لأبواب جهنم على المنطقة وخصوصا على كُردستان، وسيكون آنئذ ما نراه اليوم في العراق وسوريا، بمثابة معارك الأطفال!
على أردوغان وأتباعه أن لا يترددوا في تحصين الموصل وكركوك، واستمالة الكُرد نحوهم. والأهم من ذلك عليهم بذل الغالي والنفيس من أجل الحصول على قوة الردع التي ترد القوى العالمية على أعقابها، إذا ما فكرت بالهجوم عليها. وخير مثال لتركيا هو كوريا الشمالية التي تعتبر أعنف وأشرس دولة بحق مواطنيها، وتنصب العداء للغرب، لكن لن تجد قوة عالمية تتجرّأ أن ترمي سهما أو رمحا نحو تخومها. والعاقل من يحمي نفسه قبل وقوع الكارثة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية


.. البنتاغون: لا يوجد قرار نهائي بشأن شحنة الأسلحة الأمريكية ال




.. مستوطنون يهتفون فرحا بحريق محيط مبنى الأنروا بالقدس المحتلة


.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي




.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي