الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللعب بالنار في لبنان ... فضيحة أبطالها جنبلاط المتوتر والحريري الصغير

سهيل حداد

2005 / 12 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


خلال الأسابيع الماضية وقبل تقديم ميليس لتقريره الثاني وبعد صدور القرار 1644، وتعليق وزراء تحالف حزب وحركة أمل مشاركتهم في اجتماعات مجلس الوزراء اللبناني على خلفية النزاع والاختلاف على إصرار تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي وطلب الحكومة اللبنانية تشكيل محكمة ذات طابع دولي في قضية اغتيال الحريري ومن ثم توسيع التحقيق الدولي ليطال التحقيق كل حالات الاغتيال منذ استهداف مروان حمادة وحتى مقتل جبران تويني ثم ما رافق ذلك من تصريحات نارية وهجومية ضد القوى الوطنية اللبنانية وسورية واتهامها بكل ما يحصل في لبنان. ويلاحظ المتتبع للمشهد السياسي اللبناني بأن تصريحات الحريري الصغير الذي اتهم سورية بالإرهاب بدون أن يهز له رمش وغير عابئ بمشاعر السوريين وتضحياتهم ومواقفهم تجاه لبنان وشعبه، وهو بهذه التصرفات الرعناء قد أساء لنفسه ولتياره ولأخلاق والده قبل أن يسيء للشعب السوري، وفضح ضعفه السياسي فبدا غراً في التعامل السياسي وصغيراً ومهزوزاً وغير متزن وغير كفؤ لا على حكم لبنان ولا على تياره.
أما تصريحات الثلاثي الهزلي جنبلاط وحمادة والعريضي التي تجاوزت كل المعايير والحدود السياسية واللباقة الدبلوماسية والأخلاقية وبدأت تتخذ طابعاً تصعيداً وهمجياً وسوقياً وشوراعياً فهي من جهة تطال كل رموز الوطنية المقاومة الشريفة في لبنان، لأن وجوهم يقض مضاجعهم ويكشف ألاعيبهم. ومن جهة أخرى تطال الشعب السوري وقيادته من خلال التهجم المشين على شخصية الرئيس والوزراء السوريين وعلى الإعلام السوري الرسمي وغير الرسمي ووصف السوريين بالحثالة والمساكين وإلى ما هنالك من ألفاظ لا تصدر إلا أشخاص فقدوا عقلهم ووعيهم واتزانهم. ولا يتوقف حمقهم عند هذا الحد بل إلى أبعد من ذلك بكثير في التغطية المفضوحة على أي دور إسرائيلي بما يحدث في لبنان. وهذا ما يدعونا للشك و للتساؤل عن أسباب هذا التغاضي وما هي أهدافه؟. ويطلبون بكل وقاحة وحقد من المجتمع الدولي معاقبة سورية. وهنا يلبون رغبة إسرائيل بلا شك.
أن هذا التيار السياسي الذي يشكل ما يسمى بالأكثرية النيابية في لبنان يعتمد هذا التصعيد منهجاً ودوراً تم التخطيط له مسبقاً في دهاليز البيت الأبيض وممرات الإليزية لتحقيق أهداف محددة ومعروفة أهمها زيادة الضغوط على سورية وإضعاف مواقفها القومية والوطنية وخاصة موقفها من الحرب في العراق ومسألة الصراع العربي الصهيوني، وذلك من خلال تأجيج الخلاف مع القوى الوطنية الداخلية في لبنان ورفض كل مبادرات الحوار التي تطرح على الساحة اللبنانية لتطويق هذه الأزمة السياسية التي خلقوها بأنفسهم، وخاصة محاولتهم التفرد في القرار اللبناني بهدف إخضاع لبنان لوصاية دولية تؤمن تطبيق القرار 1559 في تجريد المقاومة من سلاحها وسلاح المخيمات الفلسطينية وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وإخراج لبنان من دائرته العربية وجره إلى توقيع اتفاق إذعان مع إسرائيل تحت رعاية أمريكية، لإضعاف دور سورية ومواقفها تجاه الصراع العربي الصهيوني. وهنا بدأت تظهر إشارات واضحة في مفترق طرق المشهد السياسي اللبناني، مع وجود صرخات محذرة من انهيار الوضع الأمني والشعبي جراء هذا التعنت اللامنطقي وغير الوطني، وكأن الدولة مالت أركانها وبدأت بالسير السريع نحو الفوضى، وباتت على حافة السقوط والانهيار. وان رائحة الفتنة والطائفية بدأت تتسلل رائحتها النتة إلى الأنوف، وخيوط دخان الحرب الأهلية تلوح في سماء بيروت منذرة بانفجار لا يقدر أحد على إخماده أو التحكم فيه. إن عجز هذا التحالف الحريري الجنبلاطي وكذب ادعاءاته وسقوط خدعته الديمقراطية التي اشترها بالمال والعواطف، وإفلاسه سياسياً وشعبياً منذ استلامه السلطة التنفيذية في لبنان عن تقديم أي دليل مادي يقنع الشعب اللبناني بمبررات هذا الموقف المعادي لسورية، وعدم قدرتها على إدارة الدولة وتأمين المتطلبات الأساسية للشعب اللبناني وجو الأمن والاستقرار، وبعد فشلهم في جر المجتمع الدولي لمستنقع أخر شبيه بمستنقع العراق، وانكشاف ألاعيبهم وأهدافهم ومراميهم في جر لبنان والمنطقة إلى مصيدة التدويل ووضعها تحت الوصاية الأمريكية وهذا ما يرفضه وطنيو لبنان وأحرارها بعد انكشاف مساعي جنبلاط المتوتر والحريري الصغير لتدويل أزمة لبنان وتماهيهما في ذلك، ومحاولة إلهاء الشارعين السوري واللبناني عما يحدث في المنطقة وخاصة في فلسطين المحتلة والعراق، مما ساعد على انتشار حركة معارضة وطنية قوية وكبيرة في الشارع اللبناني بدأت تتسع وتتجه لتهدئة الأمور والأوضاع وتحسين العلاقات وإعادتها إلى طبيعتها مع سورية. ونظراً لعدم نجاح كل الوسائل التحريضية والاتهامية لسورية وحلفائها في محاصرة ومنع تغلغل وانتشار هذا الحراك الوطني الذي تجلى بتعالي الأصوات ضد هذه الفئة، وانسحاب وزراء تحالف حزب الله وحركة أمل وتمنع الرئيس اللبناني عن ترأس جلسات مجلس الوزراء، لجأ تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي وأعضاء من قرنة شهوان لاختراع طرق جديدة لمواجهتها وهي شن حملة إعلامية هوجاء على سورية وحزب الله وحلفائهم وتحميلهم كل أسباب عجزهم وفشلهم. وخلقوا حجج وذرائع لتبرير هذه الحملة منها:
- اتهام سورية بأنها تشن حرباً إرهابية على لبنان والنظام القائم فيه حالياً وتعرقل وجود اتفاق بين مختلف الأطياف السياسية اللبنانية بتحريضها حلفائها ضد هذا النظام؛
- المطالبة بترسيم الحدود كخطوة أولى يتلوها إغلاق تام للحدود وقطع العلاقات بين البلدين بحجة منع تهريب الأسلحة، ثم يتم استقدام قوى أجنبية لحماية لبنان من التدخل السوري وحلفائه؛
- محاولة إضفاء وإشاعة جو من الرعب والتخويف في صفوف الشعب اللبناني من خلال تسويق شائعات عن قوائم اغتيال تستهدف رموز هذه الفئة يتم تحضيرها في سورية وإنها وراء كل الاغتيالات التي حدثت في لبنان بعد صدور القرار 1559 لقمع أي صوت معارض لسورية في لبنان التي تسعى لحكمه من جديد.
ولكن الحقيقة غير ذلك فبعد تكشف تورط هذه الفئة بمحاولة تضليل التحقيق الدولي بقضية الحريري وتوريطها لجنة التحقيق بشهود مزورين لتوريط سورية لإضعاف موقفها الإقليمي والدولي. واستغلالها أي حدث في لبنان لاتهام سورية وقيادتها. وهنا يتضح دور هذه الفئة من تسييس اغتيال الحريري وغيره من الأحداث التي تمت بعد هذه الحادثة أكثر من السعي لكشف حقيقة مرتكبي هذه الجريمة وغيرها، وهذا ما جعلها مجالاً للريبة والتساؤل إذا لم يكونوا أعضائها وراء كل هذه الأحداث لأنها تخدم أهدافهم ومراميهم في السيطرة على لبنان وقراره. وسعيها الحثيث لضرب المقاومة وتجريدها من سلاحها ولو كان خطابها السياسي المبطن معاكساً لذلك. والذي اتضح معالمه في الفترة الأخيرة عند أول هزة. ثم توتير الأوضاع كلما ظهرت بوادر إيجابية في تحسين العلاقات مع سورية، وهذا ما تجلى في رفضها للمبادرة العربية والتهجم العنيف على الأمين العام لجامعة الدول العربية واتهامه بأنه أتى لتغطية سورية وحمايتها.
ولم تتوقف تصريحاتهم على التهجم على القيادة السورية فقط بل حاولوا عبر خطة خبيثة بتوجيه رسائل فتنة تحريضية للشعب السوري على قيادته. وعندما لم تنجح هذه الأساليب وكانت جميع الأبواب موصدة في وجههم وكل دعواتهم مرفوضة ومستهجنة من الشارع السوري بكل أطيافه. لم يتحملوا ذلك فصعدوا من تصريحاتهم بإطلاق عبارات نابية ومهينة ضد الشعب السوري فنعته جنبلاط بالشعب البسيط والمسكين والمغلوب على أمره، في حين نعته حمادة بالحثالة !!!. هؤلاء هم أحرار لبنان وسادتها الجدد وهذا هو مستواهم اللغوي والأخلاقي، وهؤلاء هم الذين كانوا يصدحون صباحاً مساءً بقصائد المديح بدفء السوريين وكرمهم، ومديح قيادتها ونهجها ومواقفها. وهم نفسهم الآن والذين يسمون أنفسهم حاملي يافطة الحرية والسيادة والاستقلال في لبنان يقدمون هذه الهدايا للسوريين قبل نهاية العام، وهم أنفسهم يسعون بكل الوسائل والطرق لإحداث شرخ بين الشعب السوري وقيادته من جهة وبين الشعبين الشقيقين في لبنان وسورية. ولكن الأمر انعكس ضدهم فشرفاء لبنان لهم بالمرصاد وسوف يسقطونهم ويعزلونهم في أول فرصة، وبوادرها بدأت تلوح في الأفق، حكومة متعثرة وفاشلة، وأكثرية غير قادرة على تأمين أمن لبنان واستقراره، والشارع السوري عصي عن أمثالهم فهو أوعى من تضليلهم ومراميهم. فجن جنونهم وانفضحت مأربهم وانكشفت طبيعتهم وحقيقتهم فهم فئة جمعتها مصلحتها وعمالتها، وأعماها حقدها وكرهها للعروبة وجشعها عن رؤية المخاطر الحقيقة التي يتعرض لها بلدهم، ولم تعد تميز بين مصالحها الخاصة ومصالح العامة والوطن، وهي الآن عصابة لا تفرق بين إدارة دولة وإدارة جمعية فئوية وطائفية، وتحاول اختزل الوطن فيها، وتمنح نفسها سلطات مطلقة من احتكار مصير البلد والذهاب بعيداً إلى عقد صفقات مع الأجنبي ضد مصلحته ومصلحة أبنائه ومستقبلهم وحريتهم وسيادتهم، أنهم جمعية للتسول بغية الحفاظ على استمرارية مصالحها الشخصية والمادية. وهذه الفئة تعبر عن نظام مأزوم فقد الشرعية والدور الرسمي فضلت طريقها وبدأت تلعب بالنار، ولا تدرك أن النار تحرق من يلعب بها أولاً. فسقوطه وانهياره محتم.
وأمام هذا المشهد الهزلي تسعى سورية عربياً ودولياً لتطويق هذه الأزمة لأن تدرك بأن هذا الوضع لا يخدم لبنان واستقراره ولأن أعمال هذه الفئة وتصرفاتها ورعونتها سوف تجره إلى أمرين لا ثالث لهما إما الحرب الأهلية الضروس التي سوف تأكل الأخضر واليابس وتفتت لبنان، مما يستدعي تدخل قوى إقليمية ودولية ويؤدي لزيادة التوتر في المنطقة وانفجارها، أو يضع لبنان مباشرة تحت وصاية دولية بحجة حماية أمنه من التدخل الخارجي. وفي كلتا الحالتين يذهب لبنان إلى ما خطط له بلا حدود ولا سيادة وتحت رحمة الفوضى المدمرة، واستمرار هذا الوضع المتوتر يجعل نظرياً من الإدارة الأمريكية وحليفتها إسرائيل المستفيدين الأساسيين من كل ما يحدث، ويبعد الأنظار عن أفعالهم في العراق وفلسطين، وهم من سيتولى التخلص منكم عند أول فرصة عندما تتحقق مصالحهما كما تخلصوا من كل من خدمهم وأنتهي دوره، وأنتم بيادق ليس إلا في لعبة الكبار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل