الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الرئيس .. القرار المؤجل

رياض حسن محرم

2016 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لاشك أن تجربة التنظيمات السلطوية فى النصف الأخير من القرن المنصرم كانت فى أفضل أحوالها بائسة بامتياز "تجربة ثورة يوليو"، ففي 16 يناير عام 1953 صدر قانون حل الأحزاب السياسية "والتى تم إستثناء الإخوان منها" وصودرت أموال الأحزاب وممتلكاتها ومقراتها ، بعدها بإسبوع واحد اتجه النظام إلى التنظيم السياسي الواحد، بداية بهيئة التحرير "في 23 يناير عام 1953" والتي اعتبرت بديلاً عن الأحزاب السياسية، وكان الدافع الاساسي لتأسيسها هو خلق نوع من التعبئة السياسية الشاملة خلف قيادة الثورة، تلك الهيئة التى مارست قيادتها ذلك الدور المشبوه فى أزمة مارس 1954 " طعيمة والطحاوى" بعدها بدأ يخمد بريقها حتى إنطفأ تماما، وفى عام 1956 أعلن عبد الناصرنهاية المرحلة الانتقالية وطرح دستور جديد للاستفتاء عليه، حيث نص ذلك الدستور على "تنظيم جديد هو الاتحاد القومي ليكون البوتقة السياسية التي ينخرط فيها الشعب بكل طبقاته"، ذلك التنظيم الذى نص على أن تكون عضويته شرطا للترشح لعضوية النقابات والمجالس النيابية وغيرها وحرمان غير العضو من ممارسة العمل السياسى او الصحفى وذلك بعد إعلان قوائم المعزولين من أعداء الشعب " الإخوان والشيوعيين وأعضاء الأحزاب المنحلة وغيرهم"، وفى أعقاب إنفصال سوريا أعلن عبد الناصر إنشاء الإتحاد الإشتراكى فى 1962 وطرح الميثاق كمنهج عمل لهذا التنظيم الجديد الذى تميز عن سابقيه بضمان نصف مقاعد الهيئات المنتخبة للعمال والفلاحين مع تشديد عملية العزل السياسى وإحكام السيطرة على القوى السياسية الفاعلة، وبعد هزيمة 1967 بدأت القوى السياسية المختلفة فى النهوض مرّة أخرى وشهد رحيل عبد الناصر والتوافق حول شخصية أنور السادات تغييرا جذريا فى المواقف السياسية والتوجهات وعقب حرب 1973 وإقرار الإنفتاح كمنهج للمرحلة وتفكيك القطاع العام وحل الحراسات وعودة كبار الملاك، ما أدى الى وجود تنوع فى المصالح والتوجهات والسياسات إستوجب تمثيل سياسى وتنظيمى لهذه القوى الطارئة وهذا ما جعل السادات أن يعلن فى العام 1975 عن توجهه لإقامة منابر سياسية داخل الإتحاد الإشتراكى تم تمثيلها باليمين واليسار والوسط ثم ما لبث فى نفس العام أن أعلن مرّة أخرى تحويلها الى أحزاب تمثلت فى أحزاب الأحرار وحزب مصر وحزب التجمع، وبعد تجربة الإنتخابات البرلمانية فى 1976 التى أجراها رئيس الوزراء ورئيس حزب مصر "ممدوح سالم" والتى لم ترق نتائجها للسادات، وبسبب الإنتفاضة الشعبية فى يناير 1977 ، وبعد زيارة السادات لإسرائيل قرر أن يقوم بنفسه بإنشاء حزب يمثل نظامه فأعلن فى أغسطس 1978 تشكيل الحزب الوطنى الديموقراطى برئاسته ثم خلفه حسنى مبارك الى أن تقرر حله فى أعقااب الثورة الشعبية فى 25 يناير.
بسقوط الحزب الوطنى المدوّى فى 2011 وإنسحاب جبهة الإنقاذ من المشهد شهدت تلك المرحلة سيلا جارفا من الإئتلافات والتنظيمات والأحزاب مدنية الهوى لم تترك تأثيرا يذكر فى الواقع ما يسّر لجماعة دينية منظمة " الإخوان"من إختطاف الثورة والقفز الى سدة الحكم على رقاب الجمهور الأغلب من الشعب المصرى ليمر عام كئيب قبل أن يقوم الشعب بمختلف طوائفه وإنتماءاته بتعديل الأوضاع والإطاحة بهم ليدخل الواقع المصرى فى دوامة ما زالت قائمة من العنف والعنف المضاد وصعود المؤسسة العسكرية الى الحكم برئاسة وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسى الذى إعتمد فى شعبويته على تأييد قطاعات واسعة من الذين إعتبروا أن إنحياز الجيش للجماهير المضادة لتيارات التاسلم السياسى قد أنقذ البلاد من السقوط فى مهاو الدولة الدينة وفوضوه للتصدى للقوى الظلامية الإرهابية فى سيناء وباقى المحافظات مشكّلين ظهيرًا سياسيًا وشعبيًا له ما مكنه من الفوز بانتخابات الرئاسة بأغلبية مريحة دون الحاجة الى حزب سياسى منظم معتمدا على ظهير شعبى واسع وكما قال حينها "بأنه يحكم بلا ظهير سياسي وإنما بظهير شعبي فقط "، لكن مع تفاقم الأوضاع الإقتصادية وقمع الحريات والإنصياع لشروط صندوق النقد وآخرها تعويم الجنيه وتملق الرأسمالية المندمجة مع السوق الرأسمالى العالمى، ورجال الأعمال فى مواجهة الطبقة العاملة ومجمل الفقراء، أدى ذلك الى تآكل شعبية الرئيس وإرتفاع الإحتقان والسخط فى الشارع ما دعا الى العودة لأطروحة ضرورة وجود حزب منظم من بقية أنصاره لتشكيل قوة سياسية قادرة على تعويم الجنرال مرة اخرى.
المؤيدون لإعلان حزب السلطة يتكونون من بعض الإعلاميين المنافقين للرئيس وبعض المثقفين وعدد من السياسيين والكتاب من بينهم الدكتور مصطفى الفقى و الدكتورة هدى عبد الناصر التى دعت السيسى فى مقال لها منذ عدة أيام الى إنشاء حزب " 30 يونيو" زاعمة أنه سوف يحقق أغراضًا عدة، منها تشجيع المشاركة السياسية من جانب الجماهير وخلق التفاعل السياسي بين القيادة والقاعدة الشعبية، وإعطاء الفرصة لقيادات جديدة لكي تبرز من خلال العمل السياسي، بالإضافة الى تحفيز الأحزاب الأخرى على أن تجتهد سياسيا وتنافس الحزب الجديد، وتحقيق مزيد من الديمقراطية في النظام السياسي مشيرة إلى أنه لا يوجد بديل آخر عن إنشاء الرئيس لحزب سياسي. ، وأعتقد أنها ما زالت متأثرة بتجربة والدها فى صنع الإتحاد الإشتراكى وبناء منظمة الشباب الإشتراكى والتنظيم الطليعى، (رغم أن السيسى أعاد محاكاة منظمة الشباب فى التجربة المسخ " البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب "plp)، وحتى الآن يبدو أن الرئيس مترددا ويخشى من عواقب تلك التجربة الغير محسوبة جيدا والتى ربما تطيح به كما تم مع مبارك، نعلم جيدا أن الأحزاب التى تبنى من موقع الرئاسة ينضم اليها المنافقون والساعين الى الإستقواء بالسلطة لتمرير مصالحهم الشخصية، ويبدو أن السيسى مازال مقتنعا بأن الأحزاب والقوى التى تؤيده داخل وخارج البرلمان وعلى رأسها إئتلاف دعم مصر وحزب مستقبل وطن وغيره يلعبون بفاعلية دور الظهير السياسى، ويظلون رصيدا محتملا إذا إستحكمت الضرورة الوصول الى تشكيل حزب الرئيس.
كانت مفاجأة أن ينتهى مؤتمر شرم الشيخ دون أن يعلن السيسى عن حزبه الذى إعتبر الكثيرين أن سبب عقد المؤتمر هو الإعلان عن هذا الحزب، يبدو أن الرجل أعاد حساباته ورأى أن الوقت لم يحن بعد، وربما يكون فى تفكيره "كما هو واضح" عدم الإيمان بالأحزاب أصلاً ولا يرى فائدة لها وبالتالي يكتفي بالتأييد الشعبي وفى ظنى أنه يؤمن أكثر بتحقيق منجز على الأرض يخلد به ذكراه كما أقام عبد الناصر السد العالى، وأفترض أيضا أن يكون الرئيس يخشى من تأسيس حزب يحصره فى أنصاره فقط و يرى أن إنشاء حزب سوف يشكل قيدًا على حركته فقد يستقطب الحزب رموزًا سياسية وفكرية تضعه موضع المقارنة الذى يتعارض مع تلك الذات المتضخمة التى يعتبر صاحبها أنه وحده منفردا القادر على تحديد الخطوات الصحيحة لإنقاذ الوطن.
فى أثناء زيارته إلى الصين ديسمبر 2014، التقى مع المسئول الأول عن إدارة الحزب الشيوعى الصينى فى لقاء خاص فى أحد مقرات الحزب المركزية ببكين لم يحضره الصحفيون، وفى لقاء المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية بالإعلاميين والصحفيين شرح لهم نبذة مختصرة عما دار فى اللقاء، وذكر أن المسئول الحزبى الصينى طرح على الرئيس فكرة أن ينشئ حزباً سياسياً يساعده على الحكم، وأن الحزب الشيوعى الصينى على استعداد أن يساعد فى تدريب كوادر الحزب حال إنشائه "ذلك النوع من التفكير يعد متسقا من حزب يعتبر نفسه طليعة الجماهير"، وكانت إجابة الرئيس أن الوقت ما زال مبكرا لهذا الطرح، وأياً كان التفسير، فإن الظهير الشعبى أو المساندة الشعبية العفوية القائمة على علاقة شعورية ذات طابع خاص بين الرئيس وفئات عديدة من الشعب وإن كان لها بريق وتأثير خاص، فلها أيضاً حدود فى الفاعلية ولها سقف سوف تصل عنده فى لحظة ما، وقد يكون هذا السقف ومهما كان عالياً أقل من المطلوب لدعم الحكم واستقراره، وهو ما يتبدى جليا فى الوقت الحاضر.
بفيت ملاحظة أخيرة "خارج سياق المقال" لا أجد لها تفسيرا مقنعا، وهى أن بعض الرفاق من العناصر اليسارية والوطنية تحتفل بشدة لأى هزائم إقتصادية أو أمنية يواجهها الوطن بل وتتطوع لإطلاق الشائعات والشماتة فى ذلك ومن بينها أزمة الدولار وإرتفاع الأسعار، قد أجد تفسيرا أن يحتفى بذلك الإخوان ومناصريهم ولكننى لا أفهم هذا الموقف من عناصر لا أشك أبدا فى وطنيتها وغيرتها على الوطن، ليس ذلك هو الطريق الأمثل ولا تعتبر وسيلة نضالية، أدعو لهم بالهداية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النظام
هانى شاكر ( 2016 / 11 / 3 - 23:13 )

النظام
_____

ترجمة الكلمة بالانجليزية هى

Order , system

توحى بشيئ حى تحكم تصرفاته بعض القواعد، و له مدلولات وجود ... كإنتاج شئ ما سواء كان بضاعة او فكرة او ما شابه

فى رأيكم ، هل بقى فى مصر مقومات اى نظام ام اننا على مشارف الفوضى العامة؟

شكرًا استاذنا

....


2 - جرائم و فضائح السيسي
meziane ( 2018 / 2 / 7 - 23:46 )
يقول الله تعالىفي سورة الإسراء : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ-;- بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ-;- إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)
يقول الله تعالى في سورة الشعراء : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ(194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195)
يقول الله تعالى : مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
( 67) سورة آل عمران
يقول الله تعالى : إنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ ويقول الله تعالى : وَمَن يَّبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُّقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ - سورة آل عمران آية 19 و85
يقول الله تعالى: ( إنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) سورة النمل

اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ