الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هي والبحر ..

محمود الزهيري

2016 / 11 / 4
الادب والفن



تهادت في مشيتها الواثقة لتلتقي به وتصافحه وتعانقه بحرارة مشبوبة للقاء , وما أن وصلت حتي اقتربت منه وجلست علي صخرة من صخوره واستقبلته بشوق لايدانيه شوق وهمست إليه , فانفرجت أساريره وتبسم بإشراق , فسرت اساريرها حينما رأته بل شاهدته وشاهدت إنفراجة اساريره , وكأنه عشيقها الأوحد الذي لايوجد عشيق غيره , وحبيبها المتفرد الذي لايدانيه حسبيب , ولما لا ؟ : فهو من تشكوا إلي أمواجه الرائحة الغادية , ولا تغادره لمكان آخر لكي تشي وشاية للواشين والحاسدين , وتبث همومها وأسرارها لمحاراته وأصدافه , ولا تأمل في لؤلؤه , فمن إمتلكت البحر فقد إمتلكت مايحتويه , وهي علي درجة من الرضا والقناعة التامة بقبوله لها عشيقة وحبيبة وصديقة مخلصة , فماذا تريد منه غير ذلك ؟!
واستأذنت من البحر بلطف العشيقة وتودد الحبيبة بأن تقيم وتسكن بجواره طوال حياتها , فوافق البحر وأذن لها , فشرعت في بناء كوخ حجري من حجارة البحر الجميلة من بقايا المرجان , وزينته بالأصداف والمحار , وجعلت بابه في وجه باب البحر , وصنعت كوات صغيرة دائرية تري منها القمر حال ولادته وحتي إكتماله بدراً , وإلي أن يولد من جديد إنتظاراً لإكتماله بدراً كاملاً , فلها مع إكتمال القمر , والبحر والأمواج ونسائم البحر في شهر مارس آذار حكايا وحكايا لاتنتهي ولاتمل من حكاياها للبحر ووشوشتهالأصدافه ومحاراته , ولأنها عاشقة والهة فيحق لها أن تعشق كل الحالات التي يكون عليها البحر سواء في الليالي المقمرة أو الليالي ذات النجوم الزاهرة أو الليالي المظلمة الحالكة , فهي في هذه الليالي تسرح بخيالاتها وتسافر إلي أماكن بعيدة في سراديب الروح , وحشايا القلب , وتفتش في أقبية العقل وبراحاته اللانهائية , فتجد أنها في هذه الليالي وكأنها تتهيأ للولادة من جديد لتكون عروساً للبحر , ليست كأي عروس , وبالفعل هي كذلك , فمن حقها أن تتهادي في مشيتها وتتمايل بخطوها كتمايل موجات البحر في الرواح والعودة , وهي سامقة باسقة كغصن بان نضج واكتمل بنيانه وصار علي قوة وقدرة واحتمال , فلا تهن به رياح , ولا تقدر عليه أنواء أو أعاصير , وقدماها الحسناوان المقدودان وكأنهما شمع مصبوب بقالب منحوت من الروعة والإبداع وهما ثابتتان ثبوت الجبال الشم الرواسي وخصر منحوت منحول يفصل مابين الاعلي بعقل واع مستنير بإستنارات مبدعة مستوعبة للإنسان واحتياجات روحه وعقله وجسده , ولما هو موجود , وماذا يريد ؟, وكأنها محددة أهدافها في الحياة بعناية فائقة , كمن توقن بأنها ستحقق ما حددته من مطالب أو أهداف , وهي علي قدر من الوعي للتفرقة بين المطالب والأهداف , فليس كل مطلب هدف , وليس كل هدف مطلب , فالأهداف لديها تحتاج إلي رؤية متعاظمة حسب قيمة الهدف بالنسبة لها , وحسب أمثولته ومقارناته بالقيم والمثل العليا , ونصفها الآخر لم يكن ينظر إليه علي أنه مستودع للشرف والكرامة , لأنها أيقنت أن الشرف يبدأ من العقل وينتهي إليه , ومن لايمتلك شرف عقله , فحتماً سيفتقد شرف بمفهوم آخر مرهون علي ناصية نزوات ورغبات وشهوات الغير منتمين لقائمة شرفاء العقل , ولكنها أرادت أن تعلن عن حبها وهيامها وعشقها اللامحدود للبحر وعبقه وتاريخها معه وكأنها حورية من حورياته , متخذة قراراً بأن تكون راهبة عاشقة للبحر لتتخذ من كوخها البحري سكناً مواجهاً لوجه البحر تتأمل ملامحه وتقرأ طالعه وتهسهس إليه ليلاً وتهمس له نهاراً وتبث بأسرارها وكوامنها إليه , فهو وحده الجدير بهذا القلب , وهو وحده صاحب الإستحقاق الأول والأخير للإقتران بعقلها وروحها , فهل سيستمر هذا الخلود أم ستشي وشايات الواشين ووسوسة الشياطين لإفساد ماتم بينها وبين البحر ؟!
مازالت تتمني وتتمني أن لايعلم بأمرها واش , ولا بعشقها كاره , وهاهي وكأنه همها الأوحد الحفاظ علي البحر والسر !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب