الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل عام وقادة العراق متفقين

لميس كاظم

2006 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يمر العام الجديد على معظم شعوب المعمورة باسما، فرحا، إلا الشعب العراقي، إذ يمر عليه العيد هذا العام حزينا، متشائما، فيبكي أبناءه على ذويهم الذين غابوا بدون ذنب يذكر سوى أنهم ولدوا في وطن أسمه العراق. فكل الشعوب تحتفل على رنة الكؤوس ويدبكون على أنغام الموسيقى وهم يودعون العام القديم إلا الشعب العراقي إذ يشعل شمعة القديس وتقرأ الأيات الكريمة إبتهالا على أرواح من غاب عنهم في هذا العام وبدلا من أن يحتفلوا في المراقص والشوارع، يسحبون أنفسهم خلسة الى المقابر حيث الذكريات الأليمة.

كل الشعوب تضحك وتحتفل وترقص وتبتهج وتتعانق وهم يسمعون دقات الساعة تشير الى أخر لحظات العام القديم الذي سيفارقهم بمحبة وسلام وسيدخلون العام الجديد ووجوهم فرحة وهم يشاهدون الصعادات الأحتفالية في سماء بلادهم، إلا الشعب العراقي إذ يبقى، نائما، خائفا، مختبئاً من صعادات الملثمين والملثمات التي ستفجر شوارع بغداد وبقية المدن. وبدلا من أن يروا الصعادات الأحتفالية تزين سماء العراق، تمطرهم السماء بدماء وأشلاء من بقايا أجساد عراقية تطايرت نتيجة تفجير بهائم بشرية أو سيارة مفخخة.

كل الشعوب عندهم أمنية تفائلية فرحة يأملون تحقيقها في العام الجديد إلا الشعب العراقي فله أمنية عراقية حزينة، قديمة هي أن يعود السلام والتأخي بين العراقيين جميعا وان يكون الوطن هو ثوب العيد الجديد الذي يرتديه كل ابناءه من الشمال الى الجنوب.

كل الكتاب يكتبون بلغة الحب وقلم مليء بخمرة الحياة الفاتنة وخواطرهم تفائلية، مبتهجة، إلا الكتاب العراقيين فيكتبون خاطراتهم بلغة الموت الأليم، منتحبين على شهداءهم وأعزاءهم وبقلم حاد كالسكين التي تفتح جراح العام القديم وأمنتيهم ضعيفة الأمل، مسكورة الخاطر في تحقيق عراق خالي من الحروب والأحتراب.

كل عواصم العالم لابسة حلتها الأحتفالية الجديدة ومزينة بأضوية العيد ومحتفية بليل سعيد، وهن يستقبلن أهلها وضيوفها بفرحة العام الجديد إلا بغداد ستبدوا حزينة، فقيرة، هجرها الفرح منذ سنين ويمر عليها العيد فيبكي على شوارعها المهدمة المظلمة، وحضارتها المسروقة وبدلا أن تتطاير منها رائحة الحب، تتطاير منها روائح القاذورات النتنه وجيفة المياة الاسنة التي أنتفضت علنا بوجه حراسها. وحدائقها خالية من الماء وورودها جافة من أزهارها العبقة وبيوتها هجرها الدفء والامان.
يسألها العيد أن وجهك الباسم الذي تغزل به الشعراء والعشاق والكتب...أين لياليك التي طال مساءها في صفحات التأريخ... أين شهريار التي اوقفت الموت على أعتاب قصورك... كيف هرب الحب من قلوب أبناءك؟

يستقبل العراقيون العام الجديد بخوف وحذر مرتقب، من ما ستولده لهم الأيام القادمة، الحبلى بالمفاجأت الجديدة. فهذا أول عام يكون الشعب العراقي قد أنجز مهمته الأنتخابية بسلام تاركا القرارا لقادته الذين قد يتفقون أو يفترقون على تقاسم المناصب السياسية والغنائم الوطنية. ففي العام الماضي، كان العراقيون يرتقبون يوم ال 30 من كانون الثاني لينتخبوا ممثليهم الجدد. لكن في هذا العام أهدى العراقيون أصواتهم كعيدية وطنية الى قادتهم على أمل أن يكون العام الجديد خالي من ماكنة الموت التي تسير في كل حي وشارع.

في هذا العام ينتظر العراقيون بفارغ الصبر من قادة العراق أن يتخذوا القرار الوطني السليم الذي من المفترض أن ينهي ماكنة الموت الجماعي والأحتراب السياسي. ويأملون أن يرتفع الساسة الى مستوى المسؤولية والأتفاق على القاسم الوطني العراقي ويحمون المواطن ويرفعون شأنه مثلما أوصلهم بأصعبه البنفسجي الى هذه الكراسي الوثيرة.
يأمل العراقيون أن يكون العام القادم، عام الوحدة الوطنية الحقيقية، الذي سيبني عراقا موحدا خالي من النفاق السياسي وإلغاء الاخر والحقد الحزبي والفكري والطائفي البغيض. ويكون عاماً جديداً يجمع كل قادة العراق الجدد على مائدة العراق الطيبة والوفيرة بخيراتها.

عسى أن يكون العام الجديد مشرقا في وجوه قاد العراق ليتسامحوا ويتصالحوا ويتفقوا على حماية الوطن والمواطن. فما أجمل العراقيين وهم متلاحمون، متحدون، غيورون على بلدهم بدون هتافات سياسية عتيقة.
عسى أن يكون العام الجديد فائضا بالأمل وأن يتخلص قادة العراق من ولعهم المفرط بكرسي الحكم وأن يفكروا بأمن وبمصالح الوطن المهدورة.

كل عام وبغداد الحزينة بأمان وسلام.
كل عام وشوارع وبيوت العراق منيرة بالأضوية الأحتفالية السعيدة.
كل عام والعراقيون فرحون وهم يتحممون بماء دافئ ويرتون من ماء عذب ويغسلون ملابس العيد بماء دجلة والفرات العذبين.
كل عام وشوارع العراق خالية من الملثمين والملثمات والمليشيات الذين يحاولون أن يبطئوا زمن العراق الجديد.
كل عام وعراقنا الحبيب بخير وسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح