الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى جريمة ساحة السباع عام 1968

فاضل عباس البدراوي

2016 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أن عاد البعث الفاشي مرة ثانية الى الحكم، بنفس القطار الذي جاء به في انقلاب 8 شباط الاسود عام 1963 لكن بطريقة أخرى.
وقد كشف عن ذلك أمين سر حزب البعث في ذلك الحين، وأحد قادة ومخططي انقلاب شباط، على صالح السعدي، عندما صرح بأننا وصلنا الى الحكم بقطار أمريكي، أما انقلابهم في 17 تموز من عام 1968، فقادة البعث حينذاك (أحمد حسن البكر وصدام حسين التكريتي) قد كشفا حقيقة انقلابهم المشؤوم، حينما اعلنا في انقلابهم يوم 30 تموز، بأن عبد الرزاق النايف الذي نصب رئيسا للوزراء وقائد الحرس الجمهوي ابراهيم الداوود الذي نصب وزيرا للدفاع، هما عنصران مشبوهان مرتبطان بالمخابرات الاستعمارية، والكل يعلم ان المنفذين الحقيقيان للأنقلاب هما الشخصان المذكوران، أذن ان أسباب الانقلاب كان الهدف منه، خدمة مصالح الامبريالية العالمية، وأدات تنفيذها هو حزب البعث، لتاريخه الاسود في التآمر على ثورة 14 تموز المجيدة، وقمعه الهمجي، للقوى الوطنية والديمقراطية في مقدمتها، الحزب الشيوعي العراقي، وكان هدف الامبرياليين، هو سحق القوى التي تناضل منذ عقود ضد هيمنتهم ومشاريعهم المعادية لتطلعات شعبنا الوطنية. هذه المرة حاول البعثيون أيهام الشعب، بأنهم جاءوا بنفس جديد وانفتاح مزعوم على القوى الديمقراطية، وعلى الحزب الشيوعي العراقي بالذات، وقد اصدر مجلس قيادة ثورتهم، عدة قرارات، منها اطلاق سراح السجناء والمعتقلين الشيوعيين واعادة المفصولين الى وظائفهم، كبادرة حسن نية حسب مزاعمهم. رب سائل يسأل، ألم يكونوا صادقين في هذا الامر؟. الحقائق التي تلت تلك السنوات تجيب بكلا، وسبب تلك الاجراءت كانت لأستمالة القوى الوطنية والشيوعيين بصورة خاصة، لأنهم كانوا يعانون من عزلة كبيرة من لدن جماهير واسعة من الشعب العراقي، الذي كان يتذكر جرائمهم الشنيعة بحق خيرة ابناء الشعب العراقي قبل خمسة أعوام من انقلابهم الاول، لذلك كانوا بحاجة لفترة تمويه لتوطيد اركان حكمهم، ثم ليعودوا الى مسلكهم الاجرامي ذاته لأنهم مجبولون عليه.
في 7 تشرين الثاني من ذلك العام، أخبرني الرفيق الراحل أسكندر رضا (أبو مناضل) الذي كان حلقة وصل بيني وبين الحزب الشيوعي، وكنت أقدم له تبرعاتي الشهرية وأحيانا أستلمها من بعض الاصدقاء ليرسلها الى الحزب، كذلك كان يقوم بأيصالي الادبيات التي تصدر عن الحزب وحتى الداخلية منها، بالرغم من قراري بعدم أعادة الارتباط التنظيمي بالحزب بعد انقلاب شباط الأسود، لأسباب شخصية لست بصدد ذكرها الان، رغم مفاتحتي بأعادة الصلة منه ومن رفاق آخرين، لكنني فضلت أن أبقى صديقا وفيا للحزب بدلا من الارتباط التنظيمي. أعود لأقول بأن الرفيق أسكندر أخبرني بأن الحزب سينظم احتفالية في ساحة السباع الكائنة في شارع الكفاح، بمناسبة ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية، فبالرغم من أنني غير ملتزم بالقرارات الحزبية كما أسلفت قررت المشاركة في ذلك التجمع وكان عصر يوم 7 تشرين الثاني، بدأ الاحتفال بكلمة من القائد النقابي الراحل صادق الفلاحي بالمناسبة، ولم يكن قد أكمل كلمته حتى أحاطت بنا عدد من قوات الشرطة ودخل الضابط المكلف بتفريق التجمع، طالبنا منا بالتفرق، لكن قوات الشرطة لم تستعمل أية أجراءات تعسفية بحق المتجمعين، في هذه الاثناء هاجم عدد من شقاوات البعث الفاشي التجمع السلمي واحاطوا به من كل جانب، كان على رأس هؤلاء المجرمين، كل من الشقاوة المقبور، جبار كردي والشقاوة، سامي نوح الوادي، فأخذوا يكدسون من يلقون القبض عليهم بسيارة لوري، وكنت من بين الذين القي القبض عليهم، وتمكن عدد من المحتفلين بالتخلص من ايدي هؤلاء المجرمين كان من بينهم الراحل صادق الفلاحي، بعد فترة أخذ هاذان المجرمان بتفحص وجوه المعتقلين، حيث قام المجرم جبار كردي بسحب المناضل الشيوعي الشاب الشهيد وليد الخالدي من بين الذين زجوا في سيارة اللوري، وقد علمنا بعد ذلك ان المجرم قام بقتل الشهيد وليد الخالدي بدم بارد، وكنا قد سمعنا صوت اطلاقات نارية، تم نقلنا الى مركز شرطة أمام طه القريب من موقع التجمع، وقد اخبرنا أحد مفوضي الأمن بأنه تم قتل أحدكم وكان يكيل الشتائم للبعثيين ويقول أنهم جاءوا مرة أخرى ليمارسوا قتل الناس. كان عددنا أكثر من عشرين شخصا، من بينهم، الكادر الشيوعي الرفيق الراحل عبدالحافظ تركي الهيتي الناشط في نقابة المعلمين، والرفيق الراحل حازم عبدالرحمن العاني الذي كان قد جاء توا من المانيا الديمقراطية بعد ان أكمل دراسته في مجال الصيدلة، وكان قياديا في اتحاد الطلبة العام، كذلك التربوي والاديب المندائي الاستاذ ياسين حمادي الناشئ وعدد آخر من الشباب. وقد نقلنا في نفس الليلة الى مديرية الأمن العامة في مقرها القديم في منطقة بارك السعدون، كانت غرف الاعتقال مكتظا بالمعتقلين، كانوا من مختلف الجهات السياسية، قياديون من الحركة الاشتراكية العربية، منهم المحامي محمد حسين رؤوف، الذي استشهد في منطقة العامرية بعد سقوط النظام على يد العصابات الارهابية، كذلك نوري نجم المرسومي الذي كان سكرتيرا عاما لأتحاد نقابات العمال (بعد ذلك تحول الى بعثي واصبح مديرا عاما في وزارة الثقافة). اضافة الى العامل النقابي عبد جاسم الساعدي، الذي كان متهما بقيادة اضراب عمال الزيوت النباتية (الدكتور عبد جاسم الساعدي) وعدد من العناصر المنشقة عن البعث العراقي (جماعة البعث السوري)، ولما لم يكن هناك مكان للننام فيه افترشنا الممر المقابل لغرف المعتقلين، بعد بضعة أيام تم استدعائنا نحن جماعة ساحة السباع كما كانوا يطلقون علينا، وضعونا في صفين ووضعوا معنا المجرم جبار كردي، وجاءوا بالمناضلة الموصلية، رهبية محمد لطيف القصاب لغرض تشخيص الذي اطلق النار وقتل الشهيد وليد الخالدي، (يبدو انها كانت معتقلة ايضا في سجن النساء) وكان ضابط الأمن باسل الأعرجي(وهو من الضباط البعثيين) يشرف على عملية التشخيص، وقد أشرت رهبية بكل هدوء على القاتل جبار كردي، فأخذ المجرم يهذي بكلمات ضد السيدة رهبية الا انها لم تهتم به، ثم تم تغيير أماكننا وطلب منها التشخيص مرة أخرى فأشارت الى المجرم جبار كردي للمرة الثانية ولم تهتم لتهديداته (فالحقيقة كانت هذه عبارة عن مسرحية) والدليل على ذلك هو بالرغم من تشخيصه تم اطلاق سراحه وأغتيل بعد سنوات على يد مخابرات صدام، لطمس معالم الجرائم التي كان ينفذها بأمر من صدام شخصيا، حيث أكد عدد من اللذين شاركوا في تلك الأحتفالية، انهم شاهدوا صدام يتجول في محيط الساحة في ذات الوقت الذي جرى فيه تنفيذ الهجوم على المتجمعين.
هكذا استهل البعث الفاشي جريمته في عهده الجديد في (ظل ثورته البيضاء المزعومة) لتمتد جرائمه بحق الخيريين من ابناء شعبنا، طيلة سنوات حكمه الأسود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي