الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-السيد -جاك شراك- بتارودانت بالمغرب من منتجع - الغزال الذهبية - إلى القداس ب - الكنيسة

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2006 / 1 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


السيد "جاك شراك" بتارودانت بالمغرب
من منتجع " الغزال الذهبية " إلى القداس ب " الكنيسة "
كعادته يقوم الرئيس الفرنسي بقضاء عطلته الشتوية بتارودانت و هي غالبا ما تمتد لأسبوع في قصر " الغزالة الذهبية" و هو أحد المنتجعات بسهل سوس و الذي عبارة عن بناية فخمة وسط ضيعة من الحوامض ، و هي كغيرها من الضيعات التي يمتلكها كبار الملاكين العقاريين بسوس بجنوب المغرب تعتبر وسطا لاستغلال المرأة العاملة التي تسكن غالية العاملات فيها بأحد الدواوير المجاورة للمنتجع ، المنتجع لا يدخل إلا العاملات و العمال العاملون به خدمة لرواده من الطبقات العليا من المسؤولين الكبار للدول و البورجوازية و كبار الملاكين العقارين ، إنها مفارقة غريبة في هذا الموقع من مدينة تارودانت التي تعبر و باختصار عن التناقضات الطبقية بالمغرب و بشكل صارخ ، كيف تعيش الطبقات الشعبية بدوار " الزاورية " المحادي للمنتجع في فقر مدقع و المشكلة غالبيتها من العاملات الزراعيات بضيعة المنتجع ، و اللواتي يتعرضن للإستغلال المكثف من طرف صاحب الضيعة المنجع الذي لا يمكن معرفة اسمه و الذي تتضارب الأقوال حوله على أنه مسؤول كبير بالدولة المغربية و مسؤولين كبار بإحدى الدول الخليجية أو الغربية ...

فكيفما كان صاحب الضيعة المنتجع فهو من عائلة كبار الملاكين العقاريين بتارودانت ، التي تعتبر المدينة المرتع للمرأة لعاملة القابلة للإستغلال بالضيعات المجاورة للمدينة و ضواحيها ب " أحمر " و " أيت إعزا " و سبت الكردان " و " أولاد تايمة " و أولاد برحيل " و غيرها ، إنها بالفعل مدينة عمالية من فئة العاملات الزراعيات الرودانيات و من الوافدات من الأحياء الشعبية بالمدن التاريخية المغربية كمراكش و الصويرة و أسفي و غيرها ، يتم تسويق المرأة العاملة و تبضيعها و حملها على الشاحنات الصغيرة " فجرا " من المدينة في اتجاه الضيعات التي تتعرض فيها للإستغلال طيلة النهار من " طلوع الفجر " إلى " غروب الشمس " و بأبخس الأثمان أقصاها : 05 دولارات و هن تعلن عائلات .

إن الزائر لمدينة تارودانت و هو يريد معرفة واقعها عندما تكون هادئة وسط الليل و هو يتجول في هدوئها يتلمس كيف أنها جميلة و لطيفة و طيعة ، إنها مدينة لا تحب العنف و ترحب بزائريها بكل بساطة شعبية مما استمدته من تاريخها العريق الذي يمتد إلى ما قبل التاريخ ، و هي هكذا طيعة لأنها لم تقو على متابعة العراك بعد الجهد الذي طالما ضاع منها عبر العصور و هي تقاوم أشكال الأستعمار المباشر و غير المباشر من " بوكادور" مع الإستعمار البرتغال إلى " جبل صغرو " مع الإستعمار الفرنسي ...

إن الزائر لمدينة تارودانت التاريخية يكتشف أول ما يكتشف سورها الواقي الذي جله مشوه بالبنايات المهمشة التي تحاديه داخليا و خارجيا و لم يتم ترميمه إلا في واجهة المدينة من باب " إزركان " إلى مقر عمالة إقليم تارودانت ، على طول كيلومتر واحد تقريبا و تبقى 6 كيلومترات و نصف مهمشة و مشوهة و بعضها ساقط و البعض الآخر متداعي للسقوط دون أن يثير ذلك اشمئزازا في قلوب المسؤولين .

أما عن الزائر للمدينة الذي يرغب في اكتشاف كنه أسرارها و هو من هوات الساهرين إلى " طلوع الشمس " فيكون من المحظوظين ، الذين يكتشفون في أبوابها الخمسة الأصلية و الأبواب " الإصطناعية" المحدثة من طرف المجلس البلدي و في أزقتها و ساحاتها و شوارعها كيف تدب الحركة بالمدينة مع " طلوع الفجر " حيث تخرج المرأة إلى سوق الشغل " الموقف " منتظرا أحد خدام أحد الملاكين العقارين لتبضيعها ، و حيث الرجال راجعون بعد أداء صلات الفجر من مساجدها التي تفوق الخمسين و تبدأ الحركة اليومية بالمدينة بالدكاكين و الورشات الحرفية و المقاهي و يبدأ الزوار في اكتشاف المدينة نهارا و يعج الشارع بالمارات و المارين ...

كنت أبحث في جميع أصناف الزوار الذين تم ذكرهم و لم أجد للسيد " شيراك " مكان بينهم و حتى النزلاء بفندق " السلام " و هو عبارة عن دار أحد القواد الكبار مغرب الإستعمار المباشر الذي تم تحويلها إلى مؤسسة سياحية ، حتى هؤلاء الذين يخرجون صباحا لاكتشاف المدينة لم أجد بينهم مكانا للسيد رئيس الجمهورية الفرنسية ، الذي قضي أسبوعه هذه السنة بتارودانت في جو من " الأمن " المشدد الذي لم تشهده المدينة من قبل ، فقد نزل بالمدينة عدد كبير من القوات على اختلاف أنواعها و يقال أنه بصحبة " بوش الأكبر " بقصر " الغزالة الذهبية " ، لقد أصبح لدى الشارع الروداني عاديا وجود السيد" شيراك " في مثل هذا الوقت من كل سنة و لكن الشيء غير العادي هو الإنزال المكثف من القوات بهذا الحجم و النوع بهذه المدينة الهادئة البسيطة المزدحمة بالسكان .

من عادة السيد الرئيس أداء القداس ترحما على السيد " المسيح " بكنيسة المدينة في 25 دجنر من كل سنة الذي تزامن هذه السنة و يوم الأحد ، و الذي تمت في التعبئة الشاملة للقوات لتعبيد الطريق للسيد الرئيس من مقر إقامته خارج سور المدينة بمنتجع " الغزالة الذهبية " إلى " الكنيسة " داخل المدينة المزدحمة ، فتم إغلاق جميع الأبواب و النوافذ المطلة على الشوارع التي سيمر بها موكب السيد الرئيس ، و هكذا تم إغلاق الدكاكين و المقاهي و الطرق و الأزقة و الشوارع على طول المسافة الممتدة إلى كيلومترين تقريبا و يقال أن الصوامع خفظت من صوتها ذلك اليوم ، إنه زائر من الدرجة الأولى إذن رئيس دولة في عطلة.

و لكن ليست زيارة رسمية ؟ فكيف لهذا الحجم من القوات و التعبئة و بهذا الشكل البروتوكولي المفرط أن يتم ؟ أبلغ الخوف من " القاعد " هذا الحجم عند رؤساء الدول ؟ أوليس السيد" شيراك" في عطلة و من المفروض أن يكون هادئا في منتجعه بلا ضجة و لا ضجيج ؟ أم أنه في عطلته يتفقد فيها أحول المستعمرة السابقة التي يقال عنها أنها ضيعة تابعة له ؟ أم أنه في زيارة عمل مع أصدقائه و حلفائه في قلب سهل سوس ؟ أم أن شبح " القاعدة " يطارد الرؤساء حتى في عطلهم و نومهم ؟ أسئلة كثير هي و الجواب واحد و كنه أسراره لا يعلمه إلا الطبقات الشعبية التي تسعى من أجل إسعاد البرجوازية ، فهي تسعى في المعامل و الضيعات بسهل سوس من أجل تأمين الحوامض و الخضر الطرية و الورود للمقيمين ب " الشون إليزي " و غيرها من الأحياء الغربية الراقية ، و هي تسعى في مرتعها بالإحياء الشعبية المهمشة بتارودانت بلا مستقبل و لا أمل في تحسين ظروف عيشها و تأمين حياة أبنائها و التمتع يوما بالحقوق الأساسية و الحريات ، و هي تسعى من " طلوع الفجر " إلى " غروب الشمس " و تستمر الحياة و يستمر الإستغلال .

إلى متى يستمر الإستغلال/ إستغلال الطبقة العاملة و على رأسها المرأة العملة بالضيعات و معامل التلفيف و الأطفال بالورشات الحرفية دون سن التشغيل و دون الحديث عن الإستغلال المزدوج لهما ، إلى متى يبقى رؤساء الدول و على رأسهم السيد " شيراك " مصرين على غض الطرف و صم الآذان عن كوارث الليبرالية المتوحشة ؟ إلى متى يستمر استغلال الطبقة العاملة بهوامش باريس و غيرها من المدن الغربية الكبرى و بالدول التي تم تفقيرها من أجل تراكم أموال البرجوازية ؟ إلى متى يتم استغلال الطبيعة و الإنسان و التاريخ و الدين على حساب الطبقات الشعبية ؟ كان حريا بالسيد الرئيس أن ينظر بجانبه ساعة في منتجعه إلى سلطة البؤس و الفقر و التهميش المسيطرة على الطبقات اشعبية بدوار " الزاوية " و يتحرى في مدلول هذا المصطلح " الزاوية " الذي ينبع من عمق القاموس الديني قبل أن يتوجه لأداء القداس بالكنيسة ، و يرى كيف تحول هذا المصطلح التيولوجي إلى مرتع لاستغلال الإنسان للإنسان و بالإنسان لصالح الطبقة المتحكمة في السياسة و الإقتصاد .

على السيد الرئيس قبل التوجه إلى القداس بالكنيسة زيارة الأحياء الشعبية المهمشة بالمدينة و التي تعج بالأطفال المتخلى عنهم و عنهن ، على السيد الرئيس قبل التوجه إلى القداس بالكنيسة زيارة المرأة العاملة بالضيعات لتفقد أحوال استغلالها المكثف المزدوج ، على السيد الرئيس قبل التوجه إلى القداس بالكنيسة تفقد أحوال الإستغلال المكثف للأطفال بالورشات الحرفية بالمدينة ، عليه أن يفعل ذلك ليرى كم يبلغ ثمن تأمين الحوامض و الخضر الطرية و السمك و الورود للمقيمين ب " الشون إليزي " و ليرى بأم عين الكوارت الإجتماعية للنظام الرأسمالي الليبرالي الذي تحتضه فرنسا الأنوار و فرنسا الثورة و فرنسا الديمقراطية و فرنسا الكولونيالية و فرنسا نابليون و دوكول و ميترون و شراك ... و ذلك قبل القداس ترحما على السيد " المسيح " و قبل أن يطلق صيحته الرأسمالية في خطاب رأس السنة الميلادية 2006.

تارودانت في 31 دجنبر 2005
امال الحسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض


.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران




.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد


.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي




.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق