الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلك الفصيلة البشرية

الهيموت عبدالسلام

2016 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


هناك فصيلة بشرية مغربية كلما هبّ الشعبٌ يصرخ من سطوة الاستبداد ومن هول الحكرة ومن مسلسل الطحن البشري كما حصل للشهيد "محسن فكري" بائع السمك بالحسيمة ،رأيتَ هذه الطينة البشرية تصرخ في وجوه المحتجين حاملةً فزاعةَ الفتنة ،والخطر على وحدة الوطن ، وخطرَ فقدان نعمة الاستقرار .

البعضُ من هذه الطينة حماسةً منها أو بإيعاز يحمل شاقوراً بل هناك من حمل مسدساً خلال مسيرات حركة 20 فبراير مهدِّداً المحتجين أمام أعين السلطات ،البعض الآخر من هذه الطينة لا يجد حرجا في أن ينعث المحتجين بالأوباش وخدام الأجندات الخارجية وجميع النعوت الجاهزة التي تتداولها العديد من المواقع الإلكترونية والأوساط التابعة لأجهزة الدولة.

الغريب في الأمر أن فئةً من هذه الفئات التي تناضل ضد من يناضل ضد الفساد والاستبداد تغرَق في الفقر والبؤس وشظف العيش أي أنها لا ترقى إلى الفئة التي تدافع عن مصالحها أو تدافع عمّن يحمي مصالحها، إنها فئة ضد مصلحتها وتماهت لحدٍّ بعيد مع قاهرها بلغة "مصطفى حجازي" في كتابه "سيكولوجية الإنسان المقهور".

إن المرء لَيَحار في معرفة نوعية الدماء التي تجري في عروق هذه الفصيلة التي تستكثر على أبناء جلدتها حتى الاحتجاج السلمي على مواطن طٌحن بشكل موغل في الوحشية ،إنه ليس من الأخلاق أن نصِف هذه الفصيلة بالحيوانات أو أن ننزع عنها صفة البشرية أونسقُط في النزعة التمييزية والعنصرية للكائن البشري.

ولكنه ومع الأسف أنه حتى الحمير تدافع عن نفسها بالرّكل إذا ما أمعن من يركبُها في الوخز، والقنفذ يقذف أشواكه السامة إذا ما تهدّده خطر، وأسماك الفقهة تُحدث الرعب بنفخ نفسها فِي وجه مَن يحاول افتراسها ، البوم تدوِّخ مهاجمها بالصفير حين يهاجم حيوان آخر عشَّها ، حتى الحيوانات التي لا تمتلك آليات الدفاع الذاتي فإن لها قدرات التخفي مثل الحشرات ،وقدرات هائلة في الخداع كما هو الشأن لدى اليرقات التي تتحول عيونها إلى عيون أفعى فلا تستطيع الطيور تميزها عن الأفاعي وبالتالي تسلَم من هجمات الطيور .

صفات التخفي والخداع تتقنهما كثيرا فئات المثقفين والخبراء والباحثين الذين يفهمون ويُحلِّلون كل القضايا ما ظهر منها وما بطن ،كل قضايا الدنيا إلا قضية "محسن فكري" وقضية أزبال إيطاليا وقضية الملاذات الضريبية في باناما وكل القضايا التي تتعلق بكرامة الإنسان المغربي فإنهم يبتلعون ألسنتهم ويدخلون سباتا شتويا .

حتى الدرس الكبير الأكثر جلاء والمثمثل في خروج أكثر من 50 مدينة سلميا دون تسجيل حتى تكسير كأس زجاج لهذه المسيرات في طريقها احتجاجا على طحن "محسن فكري" في شاحنة أزبال، والجنازة المهيبة بالحسيمة ومسيرة يوم الجمعة 4 أكتوبر الجاري التي شارك فيها حوالي 70 ألف مشارك في طراز غاية في التنظيم والحفاظ على المرافق العمومية وإبعاد كل تهم الانفصال وغيرها التي لوّحت بها تلك الفئات ،وحتى المقذوفات تم جمعها بعد نهاية التظاهرة التاريخية ، نفس الأمر مع مسيرات حركة 20 فبراير التي نظمت بشكل سلمي رغم هجومات البلطجة المخزنية ناهيك عن التدخلات التي أودت بالعديد من الشهداء .

كل ذلك ربما لن يُقنع هذه الفئة في الانخراط في أي حراك شعبي يتطلع فيه المغاربة إلى مجتمع الكرامة والحرية والعدالة والمساواة والتوزيع العادل للثروة رغم أنها هي المتضررة الأولى من سياسات الإقصاء والتفقير والتهميش ،هل وصل الأمر بهذه الفئة التي تحالف عليها الفقر والوعي البائس أن تقمصت شخص القاهر وسقطت في حب الجلاد وربما هي الفئة التي تقتل وتصلب من يحرِّرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه