الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين كلينتون وترامب

ناجح شاهين

2016 / 11 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بين جونسون ونيكسون
أو
بين كلينتون وترامب
ناجح شاهين


كان الشاعر أحمد فؤاد نجم قد كتب محتجاً على قلق الإعلام العربي مطلع السبعينيات بخصوص نتائج الانتخابات الأمريكية، وهل سيذهب الديمقراطي جونسون ويأتي الجمهوري نيكسون أم لا:
جونسون روح
نيكسون جاء
قولوا هأوأ
أو قولوا هاء
على صحافتنا الغير غراء
لكن عادة متابعة نتائج الانتخابات الأمريكية لم تتوقف لا عربياً ولا عالمياً. والمدهش أن تلك الانتخابات ما تزال تشكل محور اهتمام البشرية كلها. ربما في هذه اللحظة نجد أنفسنا في الموقف ذاته الذي وقفه أحمد فؤاد نجم قبل أكثر من أربعين سنة. فاليوم علينا أن نقرر هل نحن مع ترامب أم كلينتون. وقد سبق لنا أن عشنا لحظة ساحرة كما الحلم عندما كان شاب أسمر لا تنقصه الوسامة ولا البلاغة والرشاقة اللغوية مثلما البدنية، واسمه رائع على نحو مذهل، باراك حسين، وأصوله فيها شيء من الإسلام، عندما كان يقدم نفسه مرشحاً فوق العادة لتخليص العالم كله من الشرور وصولاً إلى رعي الحمل إلى جوار الذئب في أمان ووئام. يقال إن صبايا وشباب من الجبهة الشعبية وغيرها من فصائل اليسار قد سافروا من رام الله إلى نيويورك ولوس أنجلوس وبالتيمور من أجل دعم المرشح/الأمل حسين أوباما. أما أصدقائي من اليسار الفوضوي والماركسي الأمريكي فكانوا يهتفون في وجهي: "تصور يا ناجح، اسمه هسين، وأصوله أفريقية ومسلمة، يا للروعة! هذا هو التغيير العظيم." طبعاً كان أصدقائي يصابون بالصدمة وهم يرون ردود فعلي غير المبالية تجاه انتخابات رئيسهم وكل ما يتصل بها. بالطبع تمكن "هسين" من الإقامة في البيت الأبيض مدة ثماني سنوات دون أن يفعل شيئاً حيال التأمين الصحي أو التخفيف من ويلات الحروب أو تحرير معتقلي "غوانتانامو"....الخ. وذلك لا يجب أن يفاجئ أحداً: الولايات المتحدة هي البلد الأكثر استقراراً في العالم، ومن المضحك بالفعل أن نتوقع أن تغير الحزب أو الرئيس يمكن أن يغير أي شيء في الثوابت السياسية الأمريكية. لكن أليس هناك من فروق بين كلينتون وترامب أو بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في هذه اللحظة؟

في البداية نقول: في أمريكا تستعصي الفروق بين الحزبين اللذين لا ثالث لهما على كبار المحللين والخبراء. ولعل موقف نعوم تشومسكي الطريف بالفعل يعبر عن الموقف خير تعبير:" الفرق الوحيد بين الديمقراطيين والجمهوريين هو أن الحزب الديمقراطي يقبل الشاذين جنسيا وأما الجمهوري فلا يقبلهم." ربما أن الرجل يبالغ قليلا، ونرجح من جانبنا أنه بالإمكان البحث عن قبضة من الفروق من عينة الفرق الذي يذكره تشومسكي نفسها، لكن بالتأكيد ليس أكثر من ذلك.
هيلاري صوتت إلى جانب احتلال العراق، وتمتعت بتدمير ليبيا وتصفية رئيسه القذافي على نحو بشع، بل إنها لا تخفي ميولها المريعة إلى التمتع برؤية "إسرائيل" وهي تقتل 200 ألفاً من فلسطينيي غزة. هذا جنون، جنون كامل، لكن ليس ترامب هو رمز الحكمة والحب، إنه يمارس جنونه على نحو خطابي بنبرة عالية ومزعجة ولكن في اتجاه آخر.
من جانبنا نميل إلى تحليل النظام الأمريكي على طريقة مفكري مدرسة فرانكفورت. وهو تحليل يؤكد أن المواطن قد تم تضبيطه وإخضاعه لآليات النظام الرأسمالي . وليس خافياً أن النظام هو نظام النخبة المتنفذة. ولم يعد أحد من الناس يجهل أن الرئيس الأمريكي والحزب الذي يحكم مجرد أدوات لمصالح الرأسمال العملاق. أما الانتخابات فهي مجرد طريقة لتحديد مواقع القوى وحجمها واتجاهاتها ومكان تمركز ثقل الرأسمال في لحظة معينة. وهنا لا مجال لإنكار دخول الحظ في العملية الانتخابية، لكن يجب أن لا يتوهم المرء أن تغير الإدارة من حزب إلى حزب يغير أي شيء في المستوى الجوهري. ربما أن رئيساً جمهورياً كان سيشارك بشكل أكثر مباشرة في تدمير ليبيا، لكن ذلك بالطبع ما كان سيغير من جوهر ما حصل. أياً كان الحزب أو الرئيس فإنه بالطبع لن يقف مطلقاً حجر عثرة في طريق تحقيق مصالح أي من الشركات العملاقة.
فيما يخص اللحظة الراهنة فإن وجود ترامب على رأس الإدارة الأمريكية ليس كله شراً محضاً، وعلينا أن لا نتطير منه أكثر مما يجب. فالواقع أن كلينتون بحكم ضعفها المفترض بوصفها أنثى، وصورة زوجها بوصفه "الفتى الوسيم play boy مضطرة أن تظهر الكثير من الحزم ضد العرب والمسلمين وخصوصاً فيما يخص فلسطين والعراق وإيران ولا بد من إضافة روسيا إلى هذا الفريق. وربما ستنال سوريا الكثير من عناية كلينتون العدوانية. أما ترامب فخطابه يذكر بروح الولايات المتحدة الانعزالية حتى مطلع القرن العشرين، وهو خطاب له شعبيته في لدى بسطاء أمريكا الذين يتوهمون أن بلدهم يتحمل أعباء لا داعي لها لنشر الحرية والديمقراطية والتقدم في أرجاء المعمورة. على الرغم من ذلك نود أن نؤكد أن الولايات المتحدة ليست رهناً لإشارة هذا المرشح أو تلك المرشحة، وإنما باستراتيجية يرسمها خبراء يعملون في السياسة والاقتصاد والحروب ولا علاقة لها بترهات رؤساء قد يبلغ بهم الجهل أن لا يعرفوا الدول المجاورة للولايات المتحدة كما كانت حالة رونالد ريغن الممثل الفشل وخلفه بوش الابن الذي لا يضاهيه أحد في إسفافه السياسي واللغوي في تاريخ أمريكا، حتى أن بعض الأمريكان شبه ضعف إنجليزيته بضعف عربية بعض مشايخ السعودية والخليج.
لنتذكر أن الرئيس الأمريكي الجمهوري نيكسون، ولنغفر له فضائحه، هو الذي تمكن في نهاية المطاف من إخراج العالم وبلاده من ويلات الحرب في فيتنام. صحيح أن الفضل في ذلك هو بالأساس للمقاومة الفيتنامية، ولكن يجب أن لا ننسى أن الديمقراطيين قد فشلوا في التقدم نحو هدف إنهاء الحرب. اليوم ليس بغريب كل الغربة عن الأمس والمقاومة العربية في سوريا والعراق ولبنان تحقق شيئاً من التقدم بدعم ايراني وروسي وتبدي الكثير من الصبر والشجاعة بما يسمح لنا بتخيل أن يعاد سيناريو فيتنام ليس منة من ترامب وإنما انحيازاً إلى ما هو أسلم للمصالح الأمريكية.
إن اصطفافاً عالمياً في وجه مشروع الأمركة الذي يحمل الاسم الحركي العولمة وتنسيق الجهود العربية في الحد الأدنى قد يؤدي إلى انكفاء الوحش الأمريكي المنفلت من كل الضوابط على نفسه. وأما إطلاق الأمنيات بسقوط ترامب أو نجاح كلينتون فلا يفيد في شيء. ولنختم بالتذكير أن الأمريكان البسطاء قد انتخبوا رجلاً أحمق هائج اللغة والشخصية اسمه جورج بوش مرتين، ثم جاءوا برئيس لا نظير له في الثقافة والدماثة واللغة الراقية المعبرة اسمه هسين أوباما. لكن بخلاف الفروق في اللغة والمظهر ولون البشرة لم يكن هناك اختلافات ذات وزن يذكر بين فترتي بوش وفترتي أوباما على الرغم من أنهما يمثلان النقيضين في كل شيء تقريباً. ها هو أوباما في لحظاته الأخيرة يتدخل ل "تحرير الرقة". ليس هناك من شيء ننتظره من انتخابات الولايات المتحدة، علينا أن نعمل من أجل أن يحس الأمريكي العادي أن سياسة القوة والغطرسة لا تعود عليه بالربح أو على الأقل بالربح المطلق. ولعل السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو تصعيد المقاومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد| اعتراض قذائف أطلقت من جنوب لبنان على مستوطنة كريات شمو


.. حصانة جزئية.. ماذا يعني قرار المحكمة العليا بالنسبة لترمب؟




.. المتحدثة باسم البيت الأبيض تتجاهل سؤال صحفية حول تلقي بايدن


.. اليابان تصدر أوراقا نقدية جديدة تحمل صورا ثلاثية الأبعاد




.. تزايد الطلب على الشوكولا في روسيا رغم ارتفاع سعرها لعدة أضعا