الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوض في مياه بحيرة دوكان العميقة

حمزة الجواهري

2006 / 1 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا أفضي سرا حين أقول أني لا أدعم فدرالية في الجنوب، لأنها سوف تشكل أرضية واقعية لتقسيم العراق، لكن ما يرد في هذه المقالة، في الواقع هو النظر بعين محايدة للمشهد العراقي وليس انحيازا لجهة دون أخرى، والكثير من الاستنتاجات التي توصلت لها من خلال تحليل الحقائق أعتبرها على حساب الشعب العراقي وليست من صالح العملية السياسية الجارية في العراق، لأني في الواقع لا أضع ما أتمناه كنتائج لتحليلاتي مثل يفعل المحللون العرب في العادة.
""مهما كانت نتائج الانتخابات سوف لن تعاد، لكن يمكن القبول بإعادة الانتخاب في بعض المناطق، وهذا يعني بقاء خارطة النتائج الحالية تقريبا كما هي، ربما يكون هناك تغيير بسيط على مستوى مقعد أو مقعدين""، هذا ما تقوله الأطراف التي حصلت على أفضل النتائج، وهذا يعني إن استمرار كتلة مرام بهذا النهج الذي تتبعه حاليا سوف لا تجني منه سوى الخيبة، فالكتلة تشكك بنتائج الانتخابات وتحاول زج المفوضية العليا للانتخابات في الصراع السياسي الذي يجب أن تبقى بعيدة عنه بمسافة كبيرة، لكن ما هو أهم هذا وذاك، هو ذلك النهج المتطرف الذي يتبعه قادة هذه الكتلة، فهو بلا شك سوف يؤدي لمزيد من تعقيد الحالة العراقية أكثر مما هي عليه الآن، لأن هذا التيار مستمرا بتصعيد مواقفه وسقف مطالبه من خلال التهديد بحرب لا تبقي ولا تذر، وما هو أكثر من ذلك أن العمليات العسكرية التي تستهدف العراقيين الأبرياء قد عادت مرة أخرى بوتائر عالية جدا بعد إطلاق تلك التهديدات، وكما اعتدنا عليهم، يفعلون ذلك ظنا منهم أن سوف يحصلون على تنازلات أكثر، نعم ربما ينجحون بالحصول على بعض المكاسب، لكن بالمقابل، ومن البديهي أن الأطراف الأخرى لا تمنح شيئا دون مقابل، وأضعف الإيمان هو أنها تتحصن بما يكفي لدرء أي خطر محتمل، وبالتالي مزيدا من الاستقطاب الطائفي والتأسيس لواقع موضوعي حقيقي لتقسيم العراق.
كانت الكتلتين الرئيسيتين قد أنجزت الكثير من خلال المفوضات المرثونية التي سبقت تشكيل الحكومة المؤقتة، لذا فهم لا يحتاجون إلا لقليل من الجهد للتوصل إلى اتفاقية تكون أكثر نضجا من سابقتها، خصوصا وإن ما يشتركون به أكثر مما يختلفون عليه، أضف إلى ذلك، إن جميع الخطوط الحمراء بالنسبة للكورد تعتبر مستباحة من قبل الأطراف الرئيسية في كتلة مرام تحديدا، وهذا ما سنأتي على ذكره في السياق.
قبل الانتخابات وبفترة قصيرة تأزمت العلاقات بين الطرفين الأقوى في البرلمان والحكومة، الائتلاف والكورد، إلى حد التراشق بالتهم من خلال التصريحات والتحركات السياسية، وهذا ما صفق له الكثير من أطراف المعارضة التي تأتلف حاليا في مرام، قيل وقتها إن أصل الخلاف يكمن بتوزيع الصلاحيات للحكومة التنفيذية التي يتقاسمها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، أضف إلى ذلك قضية كركوك وأمور أخرى صغيرة لم يتفق الطرفين بشكل واضح حولها.
لكن بالنظر للمسألة من خلال تجربة كتابة الدستور، والنظر لطبيعة الاصطفاف الذي كان الكورد فيه يتخذون موقعا قصيا من الإسلام السياسي الشيعي بما يتعلق بموضوع فصل الدين بالدولة ومشروع الفدرالية الجنوبية الذي انتهى الأمر به أن يكون مؤجلا، وربما لن يكون فيما لو استمر الاصطفاف على ما هو عليه أيام كتابة الدستور، بهذا يكون الائتلاف قد فقد الدعم من أكبر كتلة تقابله في البرلمان فيما لو استمرت الخلافات دون حلول واضحة، في حين مازال أمام الائتلاف الكثير من الفرص المتاحة والكثير الذي يجب أن ينجزه، لذا، وكما أعتقد، كان عليه أن لا يفرط بورقة كركوك التي تعتبر من الثوابت الكوردية وتأجيلها لهذه الفترة، وكما أعتقد إنه هو السبب الحقيقي وراء تلكؤ الجعفري بتفعيل بنود الاتفاق مع القادة الكورد بما يتعلق بكركوك. في الحقيقة هناك أوراق أخرى لا تقل أهمية عن كركوك وهي الموقف من الثروات الوطنية ومبادئ توزيع الأدوار بإدارة هذه الثروة، وكذا صلاحيات وزارة المالية التي تمنح المزيد من الاستقلالية للفدراليات فيما لو منحت دورا أوسع للفدراليات بإدارة عائدات البلد المالية. إن ما تقدم من أوراق يمكن أن يشكل قواسم مشتركة بين الطرفين في حال أصبحت فدرالية الجنوب واقعية من خلال الدعم الكوردي لها، وهنا مربط الفرس.
أحد الخلافات التي طفت على السطح من خلال أجهزة الإعلام بعد اجتماعات دوكان، هو أن الحكيم يرفض الطلب الكوردي بأن لا يكون الجعفري هو رئيس الوزراء القادم، وبالرغم من أن المجلس الأعلى له مرشحه وهو عبد المهدي، لكن ما أعلن هو أن الائتلاف قد رفض هذا الطلب. إن هذا الخلاف أجده نوعا من جلب الأنظار باتجاه آخر غير الاتجاه الصحيح، لأن الكورد يدركون أن الحكيم سوف يرفض هذا الطلب لعدة أسباب أولها، هو أن موقف الجعفري لم يكن شخصيا وإنما هو في الواقع يمثل الموقف الجماعي الذي أخذته كتلة الائتلاف من قضية كركوك وذلك لادخارها لهذه المرحلة وما تتطلبه من تحالفات، لذا طلب ترك الموضوع لآليات الكتلة باختيار مرشحها. أما ما يتعلق بتوزيع الصلاحيات بين الرئيسين، اعتقد إن الدستور قد انتهى منها أيضا، وهناك فسحة كبيرة لتعديل ما يمكن تعديله لو إن المحاصصة الحالية بقيت على ما هي عليه حاليا. لذا لا أجد أن هناك موضوعا كبيرا للخلاف بين الكتلتين إلا في شأن واحد فقط، وهو الموقف من مبدأ فصل الدين عن الدولة، أو علمانية الدولة، وهذا الأمر لا يجد الكورد به أمرا خطيرا إلى الحد الذي يفرطون بمصالحهم من أجله، ففي أسوأ الأحوال ينتهي الأمر بصيغة تشبه الصيغة السودانية باتفاقهم الأخير مع جماعة قرنق.
أما موقف الكتلة الثالثة، مرام، من كركوك فهو أكثر من واضح، بل هو موقف يعتبر مبدأي لذا على الكورد أن يقبلوا بالشريك القديم الأقل خطرا على مستقبل كركوك، هذا بالإضافة إلى موقف الكتلة من مركزية السلطة ومبدأ توزيع الثروة كما وردت بالدستور، فهو موقف الرافض لهذا المبدأ، في حين يجد الكورد أن إعطاء الأقاليم أو الفدراليات صلاحيات واسعة من شأنه تعزيز فدرالية كوردستان، وهو ما يقاتل الكورد من أجل الوصول إليه.
ربما لا يعنيهم الملف الأمني كثيرا في هذه المرحلة لكن في المستقبل وفي حال انتصار المشروع البعثي بالسيطرة على الجيش والقوات المسلحة، فإنه سيكون خطرا حقيقيا على مستقبل فدرالية كوردستان، وإن كانوا محصنين منه. لكن تمسك كتلة علاوي بالإمساك بالملف الأمني يعتبر من أقرى التهديدات التي ينبغي على كتلة الائتلاف الوقوف بوجهها والتصدي لها، لأن الإمساك بالملف الأمني سوف يجعل من مشروع كتلة علاوي المتمثل بإعادة تشكيل الجيش القديم أمرا واقعا ومهما كانت النتائج، في المقابل سوف لن يقابل بحسن نية من الكتلة الأقوى في البرلمان، وسوف ترفع أستار جبهاتها وتنشر مزيدا من مليشياتها ولن تستسلم لأي جهة، أيا كانت، أن تعيد حركة التاريخ للخلف، وهذا ما يجعل من التقسيم قاب قوسين أو أدنى ليصبح أمرا واقعا. وهكذا فإن التطرف من قبل هذه الكتلة التي لا تملك سوى التهديد بالعنف المسلح وقتل الأبرياء سيجعل من الآخرين أكثر تطرفا، بالمقابل على باقي الكتل أن تجعل من مطالبها أكثر واقعية وموضوعية، فالمطالبة بعلاقة أوثق للدين بالدولة سيكون أحد أهم عوامل تفتت العراق، لأن العراق فيه تيار علماني واسع وعلى القوى التي اكتسحت صناديق الانتخابات أن تدرك بشكل واقعي إن السبب وراء ذلك هو موقفها الواضح من اجتثاث البعث والجيش والقوات المسلحة القديمة، وليس موقفها أو رغبتها بربط الدين بالدولة وإقامة نظام إسلامي، ولو كان العراقي اليوم يدعمها سوف يكفر بكل شيء بعد أن يرى نظاما شموليا جديدا، ربما سيكون كما البعث بقسوته، أو أكثر.
من هو الخاسر والضحية في نهاية المطاف غير الشعب العراقي؟
قبل أن نضع حكما على هذه المباحثات التي يصفها أقطاب مرام على أنها زيارات مجاملة، علينا أن نراقب الأداء وردود الفعل السياسية، لا تلك التهديدات التي يطلقها المطلق، ذلك الرجل الذي يمثل الجناح العسكري الضارب في كتلة مرام والمحالف مع الرفيق أبو مصعب الزرقاوي.
الأمر الذي مازال عصيا على الفهم هو أن نرى أحزابا وجهات سياسية محترمة تصطف مع صالح المطلق والإرهابيين!!!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح