الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النُخب الثقافية العربية : آخرُ من يصِل

حازم العظمة

2006 / 1 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


النُخب الثقافية العربية، بعضها على الأقل ، آخر من يصل .. ، هم " يَصِلون " فعلاً و لكن دائماً بعد أن رجعوا جميعاً ... الدعاة و الوصوليون و أصحاب " الباب العالي " ، و البهاليل و الزمارون وحتى الفضوليون ، و المدعوون في كل الولائم ... إلى آخر ما هنالك

هم دائماً متأخرون بعشر إلى ثلاثين سنة عن ما يمكن أن يظنوه "نمطاً " ما جديداً ( أو ما يصلهم متأخراً على أنه كذلك ) أو ما رأوه على أنه " تقليعة" سياسية أو ثقافية ...
خذوا على سبيل المثال ما يدعى بـ "الليبرالية الجديدة "، الليبرالية هذه لم يتوصل إليها "ليبراليونا " إلا بعد أن انصرف عنها الجميع .. ،باستثناء أصحابها طبعاً .. ، أعني بوش و حوارييه و من يتبعونهم في شعاب أفغانستان ( بحثاً حثيثاً عن بن لادن .. )
وصلوا إلى الليبرالية بعد أن أصبح أصحاب العمائم "ليبراليين" ...
و كذلك مراكز " الأبحاث الاستراتيجية" التابعة لمنظمة التجارة العالمية ، و هيئات أبحاث " الشرق الأوسط "في وزارة الخارجية الأمريكية .. و فروعها، (القريبة و البعيدة)، ، كمركز أبحاث " ابن خلدون" – مثلاً- ..

لماذا الإستبداد في " وطن " ما يحرض ثقافة الكفاح ، و في وطن آخر لا يفضي إلا إلى الإسفاف و الإستزلام و السخف ... ؟ لا جواب عندي ..
ما من " مثقفين " عن جدارة ، و يستحقون هذا " الشرف "، إذا حككت جلودهم قليلاً اكتشفت تحت الجلد كائنات طائفية و إنتهازيين و أزلاما ً و ...

" المثقفون" الذين يستندون برِجلٍ على "الثقافة" و بالرِجل ِ الثانية ينطوّن في دوائر الـ ..أمن .

" المثقف " الذي كان يشعر أن الفؤوس إذ تهدم التماثيل في بيروت .. و في صيدا كانت "تقطع في لحمه " ... لماذا لم يشعر أن التماثيل حين نصبوها في بيروت و في صيدا كانت تمرغ أنفه في التراب ... أو في دمشق و حلب و درعا ...

و أولئك الذين استشعروا قدوم الجيوش " الإمبراطورية " ... و وجدوا- وكأنه اكتشاف مفاجىء- أن البراغماتية فلسفة "تناسبهم " .. ،و أن " الليبرالية" كانت هي عينها مذهبهم ...
أو ليست البراغماتية تلك هي نفسها فلسفة " الإمبراطورية "التي تقول : ماهو "مفيد " هو صحيح ، ما هو "مربح " هو الحقيقة ... و الجمال ... ،على طريقة جون شتاينبك الذي رأى القنابل و هي تنفجر فوق فييتنام من الطائرة الحربية التي خصصوها لرحلته " الإبداعية" ، رآها تشبه زهوراً تتفتح و سمّاها "زهور الحرية" ...

" مثقفون " و لكن في عشائر و طوائف و "حمولات" ، الواحد منهم قبل أن يعطي رأيه في أمر ما تجده يتردد ويناور و .. يشاور حتى يعرف إن كان هذا الذي يدور عنه الحديث من "عشيرته " أومن عشيرة "صديقة " أو " حليفة" أم ماذا ...

التفكير التبسيطي الذي لا يعكس سوى بساطة التفكير هو الذي الذي يقود "نخباً" من هذا الطراز ، فإن كانت " الحداثة" هي المفتاح –الطوطم فما عليهم سوى أن يتبعوا "آخر" ما وصلهم من " أفكار" و نزعات " حداثية" ، المشكلة في أن كل هذا يصلهم متأخراً بعشر إلى ثلاثين سنة و ليس بسبب ضعف الإتصالات ...

"النخب" الزائفة هذه صدّقت " إشتراكية" أنظمة الإستبداد العربية، و رأت كما رأى الجميع ، و كما عانى الجميع ، من النتائج الكارثية التي انتهت إليها ، و من ثم الإعجاب بالليبرالية لم يحتج إلى كثير من الدعاة و الفضائيات و " مراكز الأبحاث " حتى يستقل هؤلاء عربة الدعاية الأمريكية( ولو من ذيلها) حول "العالم الحر" و " السوق" و " صراع الحضارات" و " نهاية التاريخ" وصولاً إلى الإعجاب بكل ما هو أمريكي إبتداء من "مايكل جاكسون" مروراً بـ " ديزني لاند " و" منتدى دافوس " ..(النادي الذي لكبار "العصاميين"- المليارديرات) .. حيث
: " الإقتصاديون يقدمون للسياسيين أجندة إدارة العالم "
.
إلى أي حد لعب أصحاب الإشتراكيات الزائفة ، من القذافي إلى صدام حسين ... ،مروراً بدون شك بعبد الناصر و النظام السوري ... ، على تنفير الناس من الإشتراكية .. ، الجماهير الواسعة بعد أن غُيّب وعيها ،( منذ مئات السنين يستمر تغييب وعيها ) بانشغالها اللاهث وراء كفاف العيش ، اعتقدت أن ْ هذه هي" الإشتراكية " و غدت بسرعة حتماً ، بل بسرعة قياسية ( و أنا أجد أنها كانت محقة تماماً في ذلك ) ضد هكذا " إشتراكية" ، أي : إذا كانت هذه هي " الإشتراكية" فنحن ( هم الجماهير ) حتماً ضدها ... ، و أنا أيضاً ..

يكاد تمييز "الإشتراكية" عن مدلولاتها في اللغة البعثية أو الناصرية أو القذافية مهمة مستحيلة ، بل هي مستحيلة فعلاً .. ،هذا جزء من إفساد الكلمات الذي مارسته هذه الأنظمة ...

العالم يتجه إلى اليسار ، و الديموقراطية في آن معاً ، بعد أن تخلص اليسار من الديكتاتورية و الإستبداد،تلك النقائص التي أُلصقت باليسار بتأثير الحقبة الستالينية
، الفكر الإشتراكي هو بالأصل و بالعمق فكر ديموقراطي منذ ماركس ، وقبله و بعده ،و كان لا يمكن فصمه عن الديموقراطية التي هي في جذوره البعيدة
حقبة التسعينات التي بدا فيها و كأن الرأسمالية قد حققت نصراً، اعتبرَتهُ نهائياً ، تُطوى و تنقضي بسرعة
أمريكا اللاتينية ، و أوروبا الغربية تحديداً ، تتجه ببطىء ربما و لكن بثبات إلى أنظمة جديدة لها طبيعة يسارية و تقدمية و ديموقراطية حقاً ، حتى و لو بدا لليبراليين أنهم يتحكمون ، مؤقتاً على كل حال ، بزمام الأوضاع

يحدث هذا لأن العالم شاهد و اختبر النظام الرأسمالي المنفلت من عقاله بعيداً عن أية تحفظات أو حذر ... كما تريده امبراطوريات التجارة و الهيمنة الرأسمالية ، و بعد كل هذا التراكم التاريخي الذي راكم معه أيضاً نضالات الشعوب و الطبقة العاملة و المثقفين اليساريين العالم يتجه بتصميم نحو نظام جديد ينبذ الحروب و ينبذ الإستغلال و يرفض الهيمنة

النخب الثقافية العربية هل تتأخر ، كما فعلت غالبا، في فهم طبيعة العصر ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص