الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زنوبه

غازي صابر

2016 / 11 / 9
الادب والفن


زنوبه
غازي صابر
في لجة الأشياء وزحام الحياة ربما لاننتبه لأحوالنا ولا نتعرف حتى على مكنونات أنفسنا من حيث القوة والضعف وربما حتى الكسل والهزال في حياتنا الخاصه وهذا ما حصل معي فأنا دائماً أكتشف نفسي بعد حين وبعد أن تمر الحكايات والمواقف وأجد نفسي فجأة أستعيد شريط حياتي وكأني أطل عليها من فوق تلة أو جبل .
صحيح أني كنت في بداية الشباب لكني لم أعرف أني أملك وسامة وشيئاً من الجمال وأن هذا كان سبب إقتراب فتيات ونساء الجيران مني ، فواحدة لا أدري كيف علمت أني لوحدي في البيت ودخلت وجلست جنبي وعلى سريري وهي تشكو معاناتها مع زوجها وإنها بحاجة الى أي مبلغ من المال ولم أتمالك نفسي وقتها حتى منحتها كل ما أملك من مصروفي اليومي لكنها بقيت تشكو من برودة زوجها ونسيانه لها وحتى عندما يأتيها في الفراش فهو في عجلة من أمره دائماً .
وإخرى طرقت باب بيتنا مرة وكأنها تعرف أني من يفتح لها الباب وطلبت مني أن إركب لها مصباح معطوب في بيتها وذهبت معها وكأني منقذ لها من ظلام دامس وهناك إلتصقت بي وأنا أحاول تركيب المصباح الجديد و في النهاية إتضح لي أن جسدها هوالمعطوب وليس مصباح الدار . .
حدث هذا ربما لأن عائلتي تسكن في حي شعبي ولاحدود بين الجيران لكن الوهج الجنسي دائماً كان هو الحاضربيني وبين الأناث وهذا ما توصلت اليه وأنا أستعيد كل اللقائات مع فتيات ونساء الجيران وحتى الأقارب .
ومن بين الفتيات كانت هناك فتاة تصغرني بسنتين إسمها زنوبه وهي وهج من الجمال بوجه دائري أبيض وعينان عسليتان وشعر أصفرضفر بجديلتين ، لم تكن طويلة ولاقصيره وليست بدينة ولاضعيفه بل كان خصرها هو الأكثر إثارة فيها .
كانت تأتي لبيتنا وتمازحني وفي الطريق وعندما نلتقي كانت تغازلني وتبتسم بدلع أو أمام بيتينا وهي تطيل النظر وكلما حاولت أن أمسكها وإقبلها تهرب مني .
وشاء القدر أن نرحل عن الحي الى منطقة إخرى ومرت ثلاث سنوات ودخلت الجامعه وأرتديت الزي الجامعي وشعرت بالنضوج والترفع على الكثير من الأمور وبدأت إفكر بالسياسه والأحزاب .
في صبيحة أحد الأيام وأنا أستقل كعادتي باص نقل الركاب ذو الطابقين متوجهاً صوب الكليه وأول محاضرة لي كانت قبل الظهر وكالعاده الباص قليل الركاب وأنا أسأل نفسي في أي مقعد أجلس حتى رأيت زنوبه تجلس في أحد المقاعد وهي تبتسم لي وتدعوني للجلوس الى جانبها .
حين وقعت عيني في عينها كنت بين الدهشة والفرح والخوف وقد صبغت وجهها بالمساحيق وأحمر الشفاه فكانت نور على نور .
سألتها عن حياتها فأخبرتني إنها تزوجت ولديها طفلتين على الرغم من أنها في العشرين وزوجها يطلب المزيد من الأبناء وهي ذاهبة للمستشفى للبحث عن حل لإيقاف الإنجاب ومن دون علم زوجها ،إتهمتني بالجحود لأني لم أتواصل معها أو أسأل عنها ولا حتى أزور محلتي القديمه وأن زواجها كان بدفع من عائلتها وهي لاتحب زوجها وإنها تفكر دائماً أني معها .
كان لقائي بزنوبه في الباص وهي متوهجه وفي نظراتها أشواق قويه حتى بدأت تعصر كف يدي فشعرت بشئ من الخوف وأنا طالب جامعي ومحط أنظار كل ركاب الباص .
توسلت بي أن أذهب معها الى المستشفى وهي لاتطلب غير السيرالى جانبي وقد تمسك يدي عندما يخلو الشارع من الماره وبين العطف والذكريات حققت طلبها وخرجنا من المستشفى في الأعظميه وطلبت مني أن نتمشى على كورنيش دجله وهناك جلسنا في حديقة مطلة على النهر وتحدثت معي عن سنوات الجورة بيننا وكيف إنها كانت تحترق شوقاً للقاء بي وإنها كانت تحلم أن تكون زوجة لي حتى دنت مني وأخفت رأسها على صدري وغطت رأسينا بطرف عبائتها وبدأت تشم رقبتي وشعري وقبلتني بحرارة لم أشهد لها مثيل في حياتي كانت تحاول أن تأكل شفتي وكل شئ فيها كان ساخناً وهي متلهفه وبعطش لايوصف .
ــ خذني معك الى أين تشاء ،أتوسل اليك أنا أحترق ولا أحد يطفأ نار جسدي وروحي غيرك أنت الحلم الذي ضاع مني وعثرت عليه اليوم ولا أريد أن أفقده مرة إخرى ؟
شعرت بالخوف والحرج أكثر مع هذه النار الملتهبه والجميله وهي تلتهمني بكل شوق حتى حركت ما في دواخلي من غرائزوذكريات مكبوته .
فكرت لأي مكان ممكن أن أذهب معها وأنا الطالب الفقير والذي لايملك غير مصروف الجيب ولا قدرة لي على الحصول على أي مكان للأنفراد بها وتحقيق رغباتنا وأحلامنا الجياشه كي نطفئ نار تتهوج في جسدينا منذ سنوات .
وإفترقنا بحكم الوقت الذي مر سريعاً وفي داخل كل منا حزن دفين وإتفقنا أن نلتقي مرة إخرى لكن الزمن لم يمنحنا هذه الفرصه وبقيت أحلامنا دفينة في روحينا مثل زهرة أينعت فجأة وإنقطع عنها ضوء الشمس والماء فباتت وريقاتها تتساقط ورقة إثر إخرى كسنوات العمر التي أشرفت على النهايه . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب