الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفوذ الصهيوني والإنتخابات الأمريكية

جعفر المظفر

2016 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


النفوذ الصهيوني والإنتخابات الأمريكية
جعفر المظفر
في زمن الحرب الباردة, أي قبل إنهيار الإتحاد السوفيتي, وبالذات في المراحل التي سبقت حرب الخليج الثانية التي أدى لها الغزو العراقي للكويت, كان النفوذ الصهيوني في الداخل الأمريكي على أشده. لقد كانت أمريكا حينها بحاجة إلى تفعيل الدور العسكري الإسرائيلي لغرض الحد من خطر الحركات الوطنية المتعاطفة مع السوفييت ولضمان أمنها النفطي, وكانت عقدة الهزيمة في فيتنام قد هيمنت على الداخل الأمريكي بحيث ظن السياسي الأمريكي حينها أنه لم يعد يملك غير الجيش الإسرائيلي لسد الفراغ التي خلقته تلك العقدة.
وبفعل ذلك فإن تأثير الصهيونية في الداخل الأمريكي قد تضخم إلى الحد الذي جعل كثيرا من المحللين يتساءلون عن : مَنْ يخدم مَنْ, في العلاقة بينهما. هذا الواقع لم يؤثر بإتجاه إبتعاد المرشحين الأمريكين عن عرب الداخل الأمريكي, سواء على مستوى الرئاسة أو على مستويات متدرجة في الأهمية كالكونغرس, وإنما أيضا خلق عقدة خوف من إمكانية أن تؤثر علاقة المرشح الإيجابية مع العرب بإتجاه تخلي الصهيونية عن دعمه وحتى بإستعدادها للوقوف ضده. إن كتاب (من يجرؤ على الكلام) الذي كتبه السيناتور الأمريكي بوب فندلي يشرح كيف أن المرشح الرئاسي والنيابي كان حريصا على أن لا يقترب من العربي أو المسلم في الداخل الأمريكي لكي لا يثير حفيظة اليهود فيحفزهم بالتالي لإستنفار نفوذهم السياسي والمالي والإعلامي ضده.
إن أهمية الناخب المسلم لم تكن متراجعة فحسب وإنما كانت سلبية التأثير جدا على فرص المرشح للفوز. غير أن حرب الخليج الثانية سرعان ما غيرت كثيرا من موازين القوى وجعلت القرار الأمريكي متقدما على قرار الإيباك. لا يعني ذلك أن القرار الأمريكي صار نقيضا لقرار اللوبي الصهيوني المؤثر, ولا يعني ذلك أيضا ان الطلاق قد حصل بين القرارين, ولا يعني أيضا أن النفوذ الصهيوني المالي والإعلامي في الداخل الأمريكي قد تراجع بحدة, لكنه يعني أن السياسي الأمريكي صار أقل صهيونية تأسيسا على تراجع الحاجة الأمريكية للدور العسكري الإسرائيلي في حسم نزاعات الشرق الأوسط بعد أن دخلت أمريكا بشكل عسكري مباشر في المنطقة وصار حكامها العرب تحت اليد وفي الجيب أيضا, وهذا كان أدى بدوره إلى تبادل الأدوار في معادلة مَنْ يؤثر على مَنْ, أمريكا أم إسرائيل.
إن غزو صدام للكويت قد أدى إلى متغيرات جوهرية على صعيد الساحة العالمية. الدخول الأمريكي المباشر إلى الساحة العربية ومنطقة الخليج الفائقة الأهمية على صعيد القرار النفطي الإستراتيجي والتسليم السياسي للنفوذ والإرادة الأمريكية من قبل الأنظمة العربية وضع المنطقة العربية في وضع المتسابق على طلب الود الأمريكي. الأمريكان لم يسجلوا نصرا حينها على صدام حسين وحده وإنما أفلحوا أيضا في وضع خاتمة حقيقية لنفوذ الحركات الوطنية والتقدمية في المنطقة.
من ناحيته كان النصر العسكري في حرب الخامس من حزيران عام 1967 قد ضاعف أهمية إسرائيل على صعيد صنع القرار الأمريكي في المنطقة. أما دخول صدام إلى الكويت ومن ثم حجم الهزيمة العسكرية والسياسية التي واجهها على يد الجيش الأمريكي, الزاحف بنفسه على المنطقة, بعد عٌزلة وراء المحيطات كانت قد تسببت بها هزيمة فيتنام في منتصف السبعينات العشرينية, فقد ساهم بدوره في إضعاف أهمية الدور العسكري الإسرائيلي في المنطقة. وهكذا فإن خسارة صدام لحربه في الكويت كانت قد خدمت بشكل مباشر النفوذ الأمريكي في المنطقة لكنها من ناحية أخرى كانت تسببت بتراجع ملحوظ, وحتى كبير, لأهمية الدور الإسرائيلي في المنطقة.
إن الأمر بطبيعة الحال يجب أن لا يفهم على أساس نشوء خلل حقيقي في معادلة التحالف الأمريكي الإسرائيلي, وإنما يجب أن ينصب على فهم لطبيعة وشكل وطريقة بناء القرار العسكري والسياسي في المنطقة, وتحديدا على صعيد من بات يملك اليد العليا وقصب السبق في بناء ذلك القرار: الإدارة الأمريكية أم الإدارة الإسرائيلية.
إن واقع العلاقة بين البلدين أولا وبين مؤسستي القرار ثانيا لا يمكن تبسيطه أو تعويمه بقارب واحد بحيث يمكن إستنتاج وجود تغيير جوهري كان تأسس على تراجع الحاجة إلى الدور العسكري الإسرائيلي في المنطقة, فالنفوذ المالي والإعلامي الصهيوني في الداخل الأمريكي, ووجود تشابكات مجتمعية ودينية, هذه العوامل المركبة ما زالت تعمل كلها للتأثير على الناخبين والمرشحين. لكن تراجع أهمية الدور العسكري الإسرائيلي في المنطقة العربية ومحيطها الإقليمي قد أدى بدوره إلى تراجع تاثير النفوذ الصهيوني على وعي الناخب وعلى إستعدادات المرشح للحصول على الدعم اليهودي بأي ثمن وعلى قوة تسويق الخطاب الصهيوني في الداخل.
ومن المهم أن نأخذ بنظر الإعتبار التطورات التي شهدتها القضية الفلسطينية نفسها التي بايع زعماؤها حلولا سلمية ودبلوماسة لقضيتهم, إضافة إلى التراجع الجوهري الذي حدث على صعيد المواجهة العربية مع إسرائيل والذي جعل الأنظمة العربية نفسها غير مهتمة بتواصل الصراع, وحتى متحمسة لأشكال متعددة للعلاقة الإيجابية مع إسرائيل, وخاصة بعد صعود الحروب العربية العربية والتشققات التي احدثها الصراع الشيعي السني المفعل من قبل حركات الإسلام السياسي, وتصاعد خطر النفوذ والتوسع الإيراني في المنطقة الذي إستبدل خطر بخطر وعدو بعدو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #