الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محطات من حياة الشاعرة لميعة عباس عمارة

شكيب كاظم

2016 / 11 / 12
الادب والفن


الشاعرة لميعة عباس عمارة مثابة مهمة في الشعرية العراقية المعاصرة وهي على الرغم من قلة نتاجها الشعري، إذا ما قيس بعمرها الإبداعي، لكنها بقيت صوتاً شعرياً مهماً، ولقد عاصرت لميعة جيل الشعراء الكبار في العراق، أمثال: بدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، ونازك الملائكة، وعبد الرزاق عبد الواحد، وبلند الحيدري، وشاذل طاقة، غير ناس الجواهري الكبير، وإن كان من جيل آخر لكن هنا أعني الجيل الذي عاصرته لميعة وعايشته

سواء على مستوى الإبداع أو مستوى الدراسة في دار المعلمين العالية، حتى أطلق على خريجيها (الدرعميون)، كما عاصرت لميعة الجيل الذي قدم جديداً، لا بل ابتكر جديداً في نسيج الشعر العربي، إذ مرّ على الشعراء العرب حين متطاول من الدهر، وهم ينسجون وشيهم الشعري على منوال الخليل بن أحمد الفراهيدي مبتكر علم العروض العربي ببحوره الخمسة عشر وأضاف الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة بحره السادس عشر والذي تدارك فيه على أستاذه الخليل فسمي بـ(المتدارك) وإن كنت لا أميل إلى هذه الرواية فالخليل هو مبدع عروض شعر العرب بلا منازع ولا متدارك عليه.
أقول مضى على العرب حين متطاول من الدهر، وهم يكتبون على هذا المنوال العمودي، صحيح ان هناك في التاريخ الشعري العربي وقفات وتأملات وبعض خروج على عمود الشعر يتضح ذلك في فن الموشحات الذي أبدعه أهل الأندلس فضلاً عن بحور أخرى خرجت على العمود الخليلي مثل: الدوبيت والكان كان والقوما وبحر السلسلة وغيرها.
لكن نازك الملائكة في ساعة صحو ذهني وتأمل وجداني يلح عليها صوت المرضى وأناتهم وقد فتك بهم مرض الهيضة وصدى هذه الأنات الشاكية التي تنتج عويلا، عويل أهلهم وهم يوسدونهم الثرى لقد آذاها ضرب الهيضة ( الكوليرا) لفقراء مصر فتفتحت القريحة الشعرية المتوقدة عن قصيدتها الكوليرا لتكون بداية لحركة شعرية جديدة شملت العالم العربي.
أقول شهدت لميعة عباس عمارة المولودة ببغداد العام 1927 التي أمضت شطراً طويلاً من حياتها في مدينة العمارة موطن أهلها وذويها وشهدت إبداعات هذا الجيل الكبير وسطوته وصداه لكنها ما كانت صدى لآخر وما كان هذا مؤثراً في شاعريتها وشهرتها، إذ استطاعت أن تجد لها مكاناً في الخضم الشعري الطافح هي التي درست في دار المعلمين العالية آداب اللغة العربية فصقل الدرس موهبتها وزاد في تألقها تألقاً.
لقد تميزت لميعة بالجرأة سواء على مستوى الشعر أو السياسة أو الحياة العامة، فهي تعلن وبجرأة أن الكثير من شعر بدر الغزلي إنما قاله فيها حتى انه كان يحسد ديوانه الذي كانت تتلقفه أيادي الحسان في دار المعلمين ويا ليت من تحب ديوانه وتهواه أن تحب الشاعر وتهواه، ولكن لميعة ما أحبت بدراً بل كانت تعلن عن جرأة لا بل سادية تحسد عليها أنها كانت تعطف عليه وفرق كبير بين الحب والعطف ومن أين للحب ان يتسرب إلى قلوب الغادات الحسان وقد خلا أهاب بدر ووجهه من أي أثر من آثار القبول، بله الوسامة وإذا كان الشعراء العرب المتقدمون يعلنون أسماء معشوقاتهم ومحبوباتهم مثل جميل بثينة، وليلى قيس بن الملوح، ولبنى قيس بن ذريح، فإن آخرين كانوا يطلقون لأنفسهم الرغبة في التغزل والتشبيب، بالغادية والرائحة لا بل لم ينج منهم حتى المحرمة في مواسم الحج لا بل حتى نساء الحكام، ألم يتغزل وضاح اليمن بزوجة الوليد الأموي التي أحبته وعشقته فدفع حياته ثمناً لهذا العشق والهيام مما هو معروف لدارسي الأدب؟
كان أمرؤ القيس الملك الضليل صاحب مقولة اليوم خمر وغداً أمر على رأس هذه المجموعة من شعراء الغزل الفاضح صاحب عنيزة وغيرها العشرات مما يزخر به شعره لا سيما معلقته وثانيهما عمر بن ربيعة متيم الأخوات الثلاث وقد رأيناه متهاديا على فرسه صاحب مقولة وهل يخفى القمر التي سارت في الآفاق مسرى الركبان.
بدر شاكر السياب ما سمح له الظرف العام بأن يتغزل علانية بلميعة ولكن كان يكني ويرمز ويومئ أنها وفيقة في شعره حتى خصها بديوان من دواوينه، لميعة غادرت العراق بعد أن ضربته موجة الرأي الواحد المتسلط لتحط الرحال في الولايات المتحدة الأميركية لكنها ظلت على صلة بالوطن ولا سيما بعد أن شملت الشبكة العنكبوتية أجواء هذا العالم الفسيح ليتحول إلى قرية صغيرة، لميعة عباس عمارة كتبت في ألوان الشعر وأغراضه المتعددة.
كتبت في السياسة والغزل والشكوى من تصاريف القدر والزمان وما كتبت القريض والعامودي فقط بل كتبت شعر التفعيلة فضلاً عن (قصيدة الشعر) وهو المصطلح البديل لمفهوم قصيدة النثر وما اكتفت بالفصيح بل كتبت بالعامية وهو ما يطلق عليه اسم الشعر الشعبي ويا لغرابة التسمية وكأن الشعب صنو العامية ورديفها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال


.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG




.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل