الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق إلى عرش الشيطان

بدر الدين شنن

2016 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الهدف هو إحياء الإمبراطورية .. ولطالما كان هذا الهدف " نبيلاً " .. !! ؟ . فكل قول وفعل وطريق ، يؤدي إليه ، مهما كان قذراً ، هو عند أردوغان نبيل .
وفي المقدمة تأتي من أجله ، الأ دلجة الكاذبة ، الحاضنة ، للقول والفعل في عملية غسل العقول ، التي تحقق الحشد الجمعي .. الغبي .. المطيع ، وتشرعن الخداع البشع .. والغدر اللئيم .. بكل من يعوق الوصول إلى الهدف الإمبراطوري .. إلى العرش الشيطاني .

بالممارسة " الفكرية " المؤدلجة .. السياسية المخادعة ، برهن أردوغان ، في السنوات العشر الماضية ، على أنه سياسي قل نظيره ، في الجري نحو أهدافه في المحيط التركي ، وفي الشرق الأوسط . فهو يتميز باللعب على حبال عدة في وقت واحد ، والجمع بين الصداقة والعداوة في لعبة واحدة .

ويجري لتحيق أهدافه ، مسلحاً بخلفيتين متعارضتين . خلفية دينية نحو الخلافة العثمانية .. وخلفية قومية نحو العودة إلى الأمجاد السلجوقية المتعصبة . يتمسك بتحالفه مع دول " حلف الناتو " التي دمر بعضها الإمبراطورية العثمانية قبل مئة عام ، ليعيد إحياء إمبراطورية عثمانية إسلامية سلجوقية ، تقوم على التفرد السياسي الديني ، والتعاظم القومي ، والتنافس في مختلف العلاقات ، مع هذه الدول التي صارت حليفة له الآن .

ودون أدنى ريب ، وقبل أن ينشق عن الحزب ، الذي كان يقوده معلمه " نجم الدين أربكان كان أردوغان على اتفاق مسبق ، مع " حلف الناتو " والولايات المتحدة الأميركية خاصة . وقد استطاع أن يقنعها ، أنه بمثل الاعتدال الإسلامي المتميز الذي يطبقه في تركيا ، سوف يجذب عشرات الدول الإسلامية بما فيها العربية ، للحاق به . وجميعها ستكون راسخة الرضى بزعامته ، وبالتالي من خلاله ، ستكون هذه الدول ، موالية للدول والسياسة الغربية ، وستشكل كتلة دولية قوية داعمة ، لتكريس العولمة ، والأحادية القطبية الدولية الأميركية .

وقد اتضح ، أن مشروع هيمنة الأحزاب الإسلامية على الحكم في بلدانها ، هو المشروع الكبير الأهم في تفاهمات أردوغان مع " الناتو والغرب " ، الذي أسس للأنشطة التغييرية ، تحت أسماء وشعارات وأدوات مختلفة . وفي هذا السياق ، طرح أردوغان نفسه قطباً إسلامياً عالمياً معتدلاً ، من خلال طروحات ونجاحات حزبه " العدالة والتنمية " ، مراهناً على إشاعة " ديمقراطية إسلامية نوعية ، وأسلمة علمانية متميزة " .. وجعل من هذا الطرح نهجاً سياسياً وفكرياً ، في الداخل والخارج .

وقد حققت هذه الخديعة المركبة ، نجاحاً كبيراً في تركيا . ما سمح له أن يجدد فوزه في دورات برلمانية متوالية ، وأكسبته في أوساط عربية وإسلامية صفة النموذج الإسلامي المعتدل المطلوب . وفتحت لتيارات الإسلام السياسي عموماً ، مساراً جديداً ، يسهل نمو نفوذها ، للوصول إلى السلطة . وأثرت هذه الخديعة في الأوساط اليسارية والقومية ، التي عزفت عن مرجعياتها النظرية والبرنامجية التقدمية السابقة ، ورحبت به لتسوغ انحرافاتها ، ولتبرر اللحاق به ، في حراك " الربيع العربي " الذي احتضن قادته ومؤتمراته في استانبول فيما بعد .

أولى محطاته التطبيقية لطروحاته بوجوهها المخادعة في الخارج ، كانت سوريا ، التي خدعت به ، وفتحت له أوسع العلاقات الاقتصادية ، وأقامت معه أحسن علاقات الجوار ، بما فيها العلاقات العائلية بين رئيسي البلدين .
وكانت محطته المخادعة التالية ، موقفه الحاد من إسرائيل ، أمام شمعون بيريز ، في مؤتمر دارفوس الشهير .
ثم كانت لعبة محاولة كسر الحصار الإسرائيلي لغزة ، التي انتهت ، بتعزيز علاقاته العسكرية والسياسية والاقتصادية مع إسرائيل .

ولما قررت منظومة " حلف الناتو : وعلى رأسها أميركا ، وضع مخطط التغييرات في قيادات أنظمة عدد من الدول العربية " الجمهورية " حصراً ، تحت شعارات ثورية مخادعة ، لإعادة رسم خريطة المنطقة ، ووضع الدول المستهدفة تحت هيمنة وسلطات القوى الإسلامية المتخلفة ، كان لأردوغان الدور الأهم بين الدول الإقليمية ، التي أخذت على عاتقها ، تمويل ، وتسليح ، وقيادة هذه العملية . وهي المملكة السعودية ، وقطر ، والإمارات المتحدة ، وإسرائيل ، والأردن .
وتأتي أهمية دور أردوغان في هذه المؤامرة ، أنه دور يتوافق وبنيته السياسية المخادعة ، وينسجم مع طموحاته الإمبراطورية ، ويفتح له المجال ليضع " خلطة " أفكاره الإسلامية ، الديمقراطية ، المعلمنة ،المفخخة ، قيد التطبيق ، ضمن قوس إسلامي ، يمتد من غرب الصين ، إلى المغرب ا.. غربي الوطن العربي .

وقد ظهرت بصمات تدخلاته العدوانية التآ مرية ، مع انطلاقة " الربيع العربي " 2011 . في تونس من خلال حركة النهضة الإسلامية ، التي انقضت على حركة الشارع وتسلم الحكم . وفي ليبيا تدفقت إليها التنظيمات الإسلامية الإرهابية ، واستجرت " حلف الناتو " ليجهز على الدولة الليبية . وفي مصر استولى الإخوان المسلمون فيها ، على الحكم بانتخابات مشكوك بنزاهتها إلى حد كبير ..

وفي سوريا ، كان لأردوغان أكثر من بصمة ، سياسية ، أو خبرات عسكرية مخابراتية ، وإنما كان هو المتعهد الأول ، في عملية إخضاع سوريا ، سلماً أو حرباً ، مستخدماً كل قدرات الدولة التركية ، في محاولة تفكيك الشعب السوري والدولة السورية . وذلك من خلال دعم المعارضة السورية المتطرفة ، وتسليحها ، وتدريبها ، والسماح لها باستخدام الأراضي التركية لممارسة أنشطتها السياسية والعسكرية ضد حكومة بلدها ، ومن خلال استقباله للجماعات الإرهابية المسلحة الوافدة من أكثر من مئة دولة ، وبأعداد قاربت النصف ملين مقاتل ، وتقديم العون لها ، ومساعدتها على عبور الحدود السورية .. والقتال في الحرب السورية .
يضاف إلى ذلك ، تدخله العسكري المباشر المتكرر في الشمال السوري ، لدعم الجماعات الإرهابية المسلحة . وقيامه مؤخراً باحتلال مدينة جرابلس ، وإعلانه عزمه على احتلال حلب ، والباب ، ومنبج .

ما أدى إلى تدمير شبه شامل للعمران والاقتصاد في سوريا ، الذي يحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات ، لإعادة بنائه وتجديده ، وأدى إلى خسارة أكثر من مليون مواطن سوري ،بين شهيد وقتيل ومصاب ، وإلى نزوح وتهجير مليوني ، في الداخل والخارج ، لاسيما إلى تركيا ، التي استغلتهم بدناءة في التجارة البشرية والسياسية .
بالمجمل ، لم يقدم أردوغان للإسلام ، سوى التعصب ، بممارساته الطائفية ، ولاسيما دعمه " لداعش والنصرة وجيش الإسلام والجماعات المسماة بأسماء السلاطين العثمانيين " . ولم يأت من الديمقراطية بشيء ، سوى القمع المموه والمكشوف ، للكرد واليسار التركي ، ثم القمع الفاضح الشامل لحلفائه السابقين " جماعة نور الله غولان " . واعتقال آلاف الضباط من الجيش والشرطة ، وتسريح عشرات آلاف الموظفين المدنيين ، ، وإغلاق صحف ومحطات تلفزيونية معارضة ، واعتقال عدد كبير من الصحافيين ، بذريعة ما سمي محاولة الانقلاب العسكري .
ومن ثم اعتقال رئيس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي و9 من نواب الحزب في البرلمان التركي ، لاعتراضه على سياسات أردوغان الإجرامية المتواصلة ضد الكرد ، وضد اليسار الديمقراطي ، ودعمه المعلن بلا حدود للإرهاب في سوريا والمنطقة .

لقد سقطت كل الأقنعة المخادعة ، وبان الوجه الحقيقي " الفاشي " لأردوغان ، المعادي بشراسة للديمقراطية والعلمانية ولحق الشعوب في تقرير مصيرها .
لقد توسعت وتجذرت المعارضة في الداخل والخارج . وانطلقت الاحتجاجات الدولية ضد ممارساته المعادية للديمقراطية .. رسمياً .. وشعبياً .

ورغم ذلك ما زال أردوغان " فاشي القرن الواحد والعشرين "بامتياز ، يجري لاهثاً على طريق الشيطان ، للاستحواذ على عرش الإمبراطورية ، التي قامت في القرن الخامس عشر ، على جماجم وآلام السوريين ، وها هو يعمل على إقامتها الآن ، بنفس الطريقة المتوحشة على جماجم وآلام السوريين مرة أخرى .

أي لعبة شيطانية هذه الإمبراطورية ؟ .. أي عرش شيطاني يجسدها ؟ .. وأي شيطان هو سلطانها ؟ .. هل هو أردوغان ؟ .. أم أن هناك جنرال مغمور سوف يسبق أردوغان ويكون هو السلطان ؟ ..
أم أن أردوغان يجري خلف شبح إمبراطورية انقرضت ولن تتكرر أبداً ؟

إن سوريا باقية رغم أردوغان ، واعتداءاته الفاشية .. باقية موحدة .. شامخة .. تهزأ بعقليته المشكوك بتوازنها .. وبمغامراته الطائشة والفاشلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية