الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم مفرق 48..رواية النكبة بلسان فلسطيني

أسعد العزوني

2016 / 11 / 13
الادب والفن


قبل يومين بعث لي محامي الحركة الأسيرة الفلسطينية الصديق جواد بولس من القدس المحتلة رسالة "واتسية"، يطلب مني فيها مشاهدة الفيلم السينمائي"مفرق 48" وحدد لي مكان العرض والساعة التي سيعرض فيها ، وفي الساعة المحددة كنت في المكان ، ولكني ندمت أشد الندم ولعنت نفسي لأنني لبيت الدعوة ، بعد أن قرأت أن الفيلم ممول جزئيا من مستدمرة إسرائيل، وقد تحديت نفسي وصممت على البقاء حتى نهاية الفيلم ، لأكتشف أن هذا الفيلم يوازي عشر سنوات من الكفاح المسلح وقد أعطيته "A1 مع مئة +".
بدأ المشهد السينمائي الأول يستعرض إنتشار المخدرات في اوساط الشباب الفلسطيني في الساحل المحتل من فلسطين عام 1948 ، وتحديدا في اللد التي كانت ساحة الفيلم وتدور أحداثه فيها ، وبعد ذلك ظهر من يتحدث في السياسة ويقول أن العصابات الصهيونية أبلغتهم بعد إرتكاب مجزرة دهمش ،أن الدور عليهم ، وبالتالي يتوجب عليهم الهرب إلى الأردن ،وكانوا يحثونهم بالعربية "ياللا على عبد الله "، وأن الرجل فعلا ترك منزله وغادر تاركا فيه عنزاته بلا ماء او طعام ، ليعود بعد بضعة أيام ويجد العصابات الصهيوينة قد حوطت البيت بالأسلاك الشائكة ،وتضع يافطات باللغات العبرية والإنجليزية والعربية تقول أن البيت عبارة عن مكان أثري .
يواصل الرجل الذي تبين أنه يروي ما جرى مع جد بطل الفليم الشاب عازف الراب ثائر العفار ، ويقول أنه إهتدى إلى فتحة منسية في الجدار فتسلل منها إلى البيت ليجد العنزان ما تزال على قيد الحياة ، ومكث في البيت وكان شيئا لم يكن ، ولكن الطامة الكبرى والصدمة اللامتناهية أن سلطات الإحتلال جاءته عام 2007 وأبلغته أن البيت مصادر لإقامة متحف للتعايش فيه ، بهدف تضليل الرأي العام العالمي والقول انهم يرغبون بالتعايش مع الفلسطينيين، وهذا يعني كما فهم أبو طلال أن النكبة لم تنتهي عام 1948 بل ما تزال مستمرة ولن تتوقف ما بقي فلسطيني واحد يعيش في فلسطين.
وفي مشهد آخر حرك فيّ كل المشاعر ،إذ صعدت مغنية فلسطينية إسمها منار على خشبة المسرح لتغني بوجود فنانين وحضور يهودي لافت ، وقد صفقوا لها عندما إعتلت المسرح ونصتوا لها جيدا ، لكنهم هاجوا وماجوا عندما صدحت "أنا ما عندي وطن ..أنامولودة في فلسطين !!! وتحولوا من فنانين رقيقي المشاعر إلى ثيران هائجة يصعب السيطرة عليها .
صعدوا بطريقة هستيرية إلى المسرح وضربوها ورموها أرضا وصرخوا أن هذه البلاد هي إسرائيل وهي التي تسيطر على الشرق الأوسط وحتى على العالم وتعاركوا مع كل الفلسطينيين على المسرح وإستخدموا الكراسي وكل ما تيسر لهم ، وعند سؤالي لبطل الفيلم عما جرى قال لي ان اليهود يريدونهم العيش مثلهم وحسب قيمهم ، لكنهم يجنون عندما يعلن الفلسطيني عن إنتمائه لفلسطين ويتمسك برموزها ، واصفا مستدمرة إسرائيل بأنها ماهرة في تجميل البشاعة .
بعد هذا المشهد شاهدنا جرافات الإحتلال وهي تهدم بيت أبو طلال بحراسة الجيش والشرطة ،بعد ان تمت مصادرته رسميا وبالقوة ، تعبيرا عن سياسة الإحتلال الإحلالي الذي يريد الإستئثار بفلسطين ، وهذا ما يفسر رفضهم الإلتزام بما وقعوا عليه حتى مع قيادة منظمة التحرير"أوسلو".
سلط الفيلم أيضا الأضواء على إنخراط الشباب اليهودي بالمخدرات والإنحلال والجنس ،وتساءلت بيني وبين نفسي ، كيف تمكن هؤلاء المخدرين المنحلين من إحتلالنا وإذلالنا ، والحقيقة أنني أعرف الإجابة ،ومع ذلك خطر هذا السؤال على بالي ،وسرحت عميقا في ملف الذكريات منذ مؤتمر بال بسويسرا عام 1897 حتى يومنا هذا حيث تحولت مستدمرة إسرائيل إلى صديق وحليف لجميعنا ،ونحن معروف عنا أننا رجال أصحاب نخوة ولدينا إنتماء وقيم وأصحاب الحق.
وخلال المشاهد الثورية في طرحها كانت لقطات مميزة تظهر بين الحين والآخر منها الأعلام الشيوعية الحمراء ويافطات تمجد يوم الأرض الخالد وتتحدث عن الشاعر محمود درويش، وهذا ما لا يقبله اليهود .
خلصت في نهاية الفليم إلا اننا بحاجة لمثل هذه الأفلام التي تعرض في المهرجانات الدولية وقد حاز على جوائز عالمية مع ان مخرجه هو اودي ألوني إبن مؤسسة حركة ميريتس القديمة شولوميت ألوني ،الذي خاطب الألمان عند تسلمه جائزة الفيلم مؤخرا في برلين أن عليهم الإحتجاج على حكومتهم التي تزود مستدمرة إسرائيل بالغواصات النووية ،الأمر الذي ازعج كافة أفراد الطاقم الحكومي الإسرائيلي ، إذ كيف يخرج مثل هذا الكلام من يهودي؟
الفيلم قدم لنا وللمرة الاولى في التاريخ رواية النكبة بلسان فلسطيني صرف دون تدخل يهودي ، وبحسب بطل الفيلم فإنهم ناضلوا مريرا من أجل هذه الخطوة غير المسبوقة، وهذا ما جعل وزيرة " الثقافة"الإسرائيلية تقود معارضة شرسة ضد الفيلم ، كما أن القائمين على الفيلم منعوا من عرضه في مدينة اللد مع انه يتحدث عنها وهي ساحته ، لأن بلدية اللد اليمينية ترفض ذلك.
الأمر الاخر أن اليهود المعنيين إشترطوا نظير دعمهم الفيلم عدم ذكر محمود درويش أو إستخدام أي من أشعاره ،لكن القائمين عليه أصروا على مواقفهم وغنوا لمحمود درويش ،وسردوا قصة النكبة بلسان فلسطيني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال


.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG




.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل