الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المساومات السياسية ...خروج على الديمقراطية

هرمز كوهاري

2006 / 1 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



في كل الدول الديمقراطية تجري إنتخابات دورية ، إما لإنتخاب البرلمان الذي يمثل الشعب أو لإنتخاب رئيس دولة . وتختلف نسبة المصوتين من دورة الى دورة ومن بلد الى بلد ، ولا يعني هذا إن كل مازاد نسبة المصوتين كل ما كان ذلك البلد أو تلك الانتخابات أكثر ديمقراطية من غيرها .
ويقاس قرب وبعد الانتخابات عن الديمقراطية بمدى نزاهة تلك الانتخابات ووعي الشعب ، إن قلة نسبة المصوتين في الديمقراطيات الحقة هي نتيجة تشابه أهداف تلك الاحزاب وعدم التأثير المباشر لحياة الفرد في تغيير الحزب الحاكم .
وينخدع البعض بأن كل مازاد عدد المصوتين يدل على الوعي السياسي
وإن كان مؤشرا أحيانا ، وأحيانا يكون هناك نتيجة وقوع تأثير بل وحتى خداع من بعض الجهات بالوعود الجوفاء أحيانا وبالتهديد المكشوف أو المبطن من جهات لها تأثيرها المباشر على الناس البسطاء والمغفلين ، وخاصة في مجتمع يقل أو ينعدم فيه الوعي السياسي ويصبح كثير منهم مخدوعين ببعض " القادة " وبالاخص من رجال الدين و المرجعيات الدينية حيث يستغلون البسطاء ، وهذه ليست فقط مخالفة سياسية بل هي مخالفة أخلاقية لأن الخداع عملية تمس الاخلاق قبل السياسة ولا يمكن تبريرها بأي حال من الاحوال .

وحيث أن هذا حدث فعلا في العراق في الانتخابات الاخيرة بالوقائع الثابتة والملموسة وبشهادة المفوضية المشرفة على الانتخابات من حرق بعض المقرات وقتل عددا من مرشحي قائمة معروفة،إضافة الى التهديدات المكشوفة والمبطنة مستندة الى التعصب القومي والطائفي والجهوي ، كل هذا يؤدي الى وصول فئات الى البرلمان لا يمثلون إلا الاشخاص أو الجهات التي ساعدتهم الى الوصول الى هذا الموقع وبالتالي لايخدمون المصلحة العامة بل المصلحة الخاصة لتلك الفئة ومصالحهم الشخصية أيضا .إذا تتحول الاستحقاقات الانتخابية الى استحقاقات طائفية ومرجعية ومليشية وإمامية !!
إن التزوير لم يمارس أثناء العملية الانتخابية فقط ، بل قبلها ، إن
تعرض زعيم قائمة ما الى محاولة الاغتيال ، بحد ذاتها إرهاب إنتخابي وليس فقط تزوير ، حرق مقرات الحزب الشيوعي العراقي هي جريمة إنتخابية وليس تزوير فقط ، إن ترهيب المصوتين البسطاء من المؤمنين المغفلين بالغيبيات ونار الآخرة! لايكشف مدى تخلف أولئك المصوتين بل ضحآلة القائمين بمثل هذه الدعايات ، بل أكثر غرابة أن الدكاترة وعلماء الذرة لم يستنكروا هذه التصرفات ، ثم يأتون ويعرضون عضلاتهم بفوزهم بثقة الاميين المخدوعين و المغفلين ! ، والنساء اللاتي يرفضن حقوقهن !! لأنهن عورات ! إلا على مقاعد البرلمان الوثيرة المليئة بألآف الدولارات كرواتب للخدمة الطويلة التي إمتدت زمنا طويلا يقارب سبعة الى عشرة أشهر!! وراتب تقاعدي مدى الحياة وهن شابات بأربعة ألاف دولارات جزاء للخدمة التي قدمن لبنات جنسهن برفض حقوق المرأة الوافدة من بلد الدولارات !

إن الارهاب الذي فرضته مليشيات الحكيم والصدر سواء كشرطة منخرطة في ذلك السلك أو بصفة حماة الدين والشريعة من العلمانيين "الكفرة" وهذا من حقهم حسب مادة إحترام " ثوابت الدين " والناطقون بإسم المرجعيات الذين إدعوا أنها ، أي المرجعية ، لاتتدخل في العملية السياسية! إلا بمجرد الدعوة لإنتخاب القوائم الدينية ! لاغيرها .كل هذا ويتكلمون عن الانتخابات الحرة النزيهة و الاستحقاقات الانتخابية !!

إن أهداف هذا الارهاب تختلف عن أهداف الارهاب الذي يتعرض له الشعب العراقي من قبل عصابات القاعدة وغيرهم من من يعارضون العملية السياسية ، بل هو أرهاب قوائم معينة ضد قوائم منافسة لها ، بدلالة سكوت مسؤولي تلك القوائم المتهمة وعدم إستنكارها بل عدم تنصلها عنه تصريحا أو تلميحا .
والكل يسأل الفائزين بأصوات المغفلين خوفا من نار الآخرة ! هل هذا الفوز يدعو الى الفخر أم الى الخجل ؟ وهل خداع المغفلين لا يؤدي بهم الى نار الاخرة ؟ عملا بالقول" من خدعنا ليس منا "

إن القوائم المتعكزة والمتاجرة بالدين " الفائزة " بأصوات المغفلين ، متحمسون لتكوين حكومة "تجمع وطني " لا حبا بالوطن لأن الوطن عندهم يتجسد بالمرجعيات والزيارات والى ذلك من الطقوس " المتطورة" ، بل طمسا للاعمال والمخالفات والتجاوزات والشلل الذي أصاب الدولة وانتهاكات لحقوق الانسان على يد المليشيات التي تعمل بإسم الدين، سواء الذين إنخرطوا في سلك الشرطة أو في سلك الحكيم والصدر، كما ذكرنا أعلاه، والذي سيحصل حتما طيلة وجودهم في الحكم ، إن لم يكن هناك معارضة فاعلة رقيبة عليهم ،وذلك بترضية المعارضة من القوائم العلمانية الاخرى ببعض المناصب الوزارية غير المهمة ، و جعلهم حلفاء في الحكم لا معارضين خوفا من كشف المستور في كل سطر من السطور !.

إن الديمقراطية الحقة تتطلب وجود معارضة قوية واعية تفضح وتقاوم وتضغط من دون اللجوء الى القوى بأي حال من الاحوال ، وإنما لا يتعدى الاعتراض المظاهرات وحتى الاضرابات ، تدعمها الصحف الرزينة والاذاعات والفضائيات إن وجدت ، ضد كل عمل أو مخالفة تقوم به الحكومة ، كالاهمال والتفرقة والفساد المالي والاداري بحيث تكون عين الرقيب و تمثل المدعي العام للشعب ويكون القضاء هو الحاكم، أما المتهم فتكون الحكومة ، وهنا لا تعني المعارضة أن تعارض كل عمل تقوم به الحكومة لأن ذلك تعتبر المعارضة لأجل المعارضة فقط وتتهم بالحاقدة والمعرقلة لأعمال الحكومة ! وإنما يقع الاعتراض على كل تجاوز على القانون والدستور وحقوق الانسان ، ولإثبات فشل المتاجرين بالدين بإدارة شؤون البلد ، بل يصلحون لإدارة الزيارات والمسيرات !

منذ تشكيل الحكومات العربية في مطلع القرن الماضي ، تردد تلك الحكومات العبارة :".. للظروف الاستثنائية التي تمر بها الامة ... !! " كلما تريد تمرير مشروع ينقذ تلك الحكومة من ورطتها أو فشلها ، وعملا بهذه المقولة " المنقذة "تمرر كل ماتريد تمريره على الشعب ، كأنها لولا تلك الحكومة لتلاشى ذلك البلد من الوجود ولبلعه العفريت!
إن هذه المقولة كفيلة بأن تلغى كل الحقوق والحريات التي إكتسبها الشعب بالدماء والدموع ، ومن تلبية مطالب أخرى مطالِبة بها لتحقيقها . والآن تلغى بها المشروع ديمقراطي ، علما بأن المشروع الديمقراطي أصلا يلغى بالمساومات السياسية .
ولم نسمع يوما من أي حكومة غربية ديمقراطية تتحجج بهذه المقولة ،بل تبقى جبهة المعارضة قائمة نشطة تؤيد الحكومة في كل مشروع يهدف الى ماتراه يخدم الشعب وتعارضها خلاف ذلك.

فلنقرأ " كتالوك " أو تعليمات تطبيق الديمقراطية من الذين طبقوها منذ قرون ، كما نقرا تعليمات كل جهاز يأتون به الينا قبل إستعماله ، وبخلافه يتلف ذلك الجهاز ثم يدعي بعضنا أنه غير صالح ،خدعني به الاستعمار! كما يدعي بعض " حماة التراث العربي والاسلامي " الان بأن الديمقراطية مشروع أمريكي إستعماري ! يريد تهديم القيم العربية والاسلامية !!.

صدق من قال: " متى يستقيم الظل والعود أعوج "!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل