الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


, Trump …Johnsonوالخطاب المطلوب

فؤاد محمد

2016 / 11 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


حققت نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة الامريكية مفاجأة كبيرة لدى الكثير من المتابعين، ولكنها أكبر من تلك المفاجأة التي تحققت بعد خروج بريطانيا (Brexit) من الاتحاد الاوربي اواخر حزيران الماضي. وقد تشابه الحدثان بنسبة كبيرة في تجاوزهما لتوقعات استطلاعات الرأي الاولية للنتائج، حيث تحقق فوزاليمين المتطرف، العنصري و المعادي للهجرة والأجانب وتمكن من كسب اصوات الريف وضواحي المدن أكثر من مراكزها. يبدو أن نايجل فراج Nigel Farage (زعيم حزب استقلال بريطانيا UKIP)عن حق هو المستشار الأنسب، والأفضل لدونالد ترامب ..
تاريخ اليمين (المتطرف) الأمريكي، والأوربي، عموما لم يكن سوى تاريخ اتجاه سياسي بورجوازي معادي للهجرة ومناصر للتميزالعنصري والقومي وهذا ما أفقد رموزهذا اليمين الطمأنينة، والقبول والمكانة الاجتماعية. فليس بغريب أن يكون دونالد ترامب الرئيس المنتخب وهلاري كلنتون الخاسرة غير مرغوب بهما لدى عموم المجتمع الأمريكي وبنسب اكثرمن60% و40% على التوالي عشية الانتخابات الاخيرة، وعلى الرغم من ذلك فقد فاز ترامب بمنصب الرئيس!!
قد يعزو البعض سبب نجاح ترامب إلى نجاح حملته الانتخابية مقارنة بحملة هيلاري. الحملتان أنفقتا معا اكثر من 1300 مليون دولار، ناهيك عن المدخولات المالية الكبيرة للمرشحين، او قد تعزى النتيجة لكسب أصوات العمال البيض، اوالتحرك على الولايات المتأرجحة وغيرها...كل هذه العوامل يمكن أن تلعب دورا ملحوظا في تقريرالحدث و النتائج إلا انها لا تكون اطلاقا العامل الموضوعي الاساسي الذي يكمن نعول عليه في حسم النتائج.
لقد بينت البيانات تراجع أصوات الديمقراطيين مقارنة بإنتخابات 2004 و 2008 لأكثر من عشرة مليون صوت في الوقت الذي لم يكسب الجمهوريون هذه الاصوات، بل تراجعت اصواتهم كذلك مقارنة بالانتخابات السابقة بنسب اقل من تراجع الديمقراطيين، ناهيك عن ان كلا الحزبيين لم يحققا الانفراد في نتائج الإنتخابات، اكثر من 47.5% اي أقل من نصف الاصوات!! ...هذه هي الديمقراطية الرأسمالية !!!
وبالعودة إلى بيت القصيد!! سنعرف ان اليمين الرأسمالي العالمي ايقن أنَّ نمط الخطاب السياسي القديم لم يعد نافعا في كسب الأصوات واستقطاب المجتمع وجرالناخب خلف البرنامج السياسي في ظل الاوضاع السياسية والاقتصادية الحالية. لقد أدرك أن أنماط التاتشرية، و الريغانية القديمة والتي كانت ضرورية لحركة الرأسمال العالمي في الثمانينيات من القرن المنصرم لم تعد مناسبة لعالم اليوم، مثلما هو الحال لنمط البليرية والكلنتونية الحديثة (أن صح التعبير) بعد أن أصبحا خارج نطاق التداول. إنَّ تيارالليبرالية الجديدة يواجه أزمته الحقيقية التي تتوجت بخسارته للإنتخابات الأمريكية.
ان تعليل اسباب الوضع الاقتصادي والاجتماعي التي آل اليه المجتمع الامريكي (والبريطاني والأوربي عموما) في العقود المنصرمة، وبشكل خاص خلال الأزمة الاقتصادية الحادة، بانها ناجمة عن سياسة حزب العمال في بريطانيا اوالحزب الديمقراطي في امريكا، على حد سواء، ما هو إلا طمس الحقيقة وإخفاء ماهية الأزمة الراهنة للرأسمال العالمي..
إنَّ البرنامج الإنتخابي لكلينتون لم يكن افضل من البرنامج الإنتخابي لترامب، رغم عدم وضوحه أوتكامله، والذي ركز فيه ترامب على خفض الضرائب، والإنفاق الحكومي معا!، وفرض الرسوم الكمركية، حيث سيكون الأغنياء وأصحاب الشركات ورؤوس الأموال هم المستفيد الأول من هذا البرنامج إن تم إقراره. تخفيض الإنفاق الحكومي لايعني سوى تقليص نفقات الرعاية الاجتماعية، والتعليم، والخدمات الصحية..الخ.
قارنوا توجهات ترامب (الاصلاحية) بالسياسة الاصلاحية لحكومة العبادي، وحكومة اقليم كردستان في مواجهة الأزمة الراهنة واللجوء إلى خصصة المؤسسات الخدمية....!!
من المعروف أن سياسة الديمقراطيين وخلال سنوات حكمهم، وتفاديا للأزمة الاقتصادية للنظام الرأسمالي العالمي، والولايات المتحدة بشكل خاص، لم ترحم غير الحائزين على الشهادات الجامعية، اكثر مما رحمت أصحاب الشهادات في فرص للعمل وتأمين العيش، كما انها لم تولي المدينة و المراكز اهتماما اكثر من الاهمال والنسيان الذي ناله الريف. وقد ولدت هذه الظاهرة أوهاما لدى الكثير من المفكرين الاقتصاديين، الذي اعتقدوا ان من أسباب فشل هيلاري كلينتون كان نتيجة تعميقها لظاهرة الانقسام الواضح بين الريف و المدينة!
ان التوجه السياسي والاقتصادي للأنظمة الرأسمالية، والأمبريالية الراهنة علاوة على رسالتها الطبقية المقرفة هو التوجه لسحق المدينة قبل الريف وقذف الملايين من حاملي الشهادات الجامعية إلى صفوف العاطلين حتى قبل ذوي الكفاءات الدنيا، بل لا تميز بين العمال البيض و الملونيين.
إنَّ الوضع الذي آلت اليه المجتمعات الرأسمالية الكبرى من تزايد نسبة البطالة، واغلاق المؤسسات والمصانع، و خصصة القطاعات الخدمية، وانخفاض القدرة الشرائية للفرد خلال العقدين المنصرمين دفع المواطن المسحوق لأن يعلق اماله في الخلاص على الخطاب البسيط والواضح بعيدا عن استخدام المصطلحات السياسية و الايديولوجية. وفي ظل غياب النقد و الخطاب اليساري البديل الذي لم يتوقف عن استخدام المصطلحات الايديولوجية الميته سيكون كلا من ترامب وبوريس جونسن الخطباء الذين يقدمون حلول الإنقاذ!!
ان الجمهور المسحوق لا يسير وراء الجمل الطنانة والافكار الجامدة. انه ومن اجل الخلاص من الوضع الراهن، بحاجة لخطاب حي يعبر عن حاجاته الاجتماعية و الإنسانية. ان تغييرالخطاب السياسي لليسارلايعني تغييرالتعابيروالمفردات او حتى النمط الخطابي الدارج، بل أن يتسلح بالحلول الواقعية والعملية و(الاكثر من هذا ممكنة التحقيق) التي تتعامل مع مآسي و ويلات المجتمع الراهن. خطاب يتفاعل مع حاجات الجماهير المحرومة و يفهمها. إنّ المجتمع القائم يضم الملايين من المحرومين و المستائين الذين ينتظرون رسالة اجتماعية جديدة معبرة عن معاناتهم وآلامهم وتمنحهم الثقة بالتحرر...
إنّ من ينتظر ثورة اجتماعية خالصة لن يراها بدا...!!
اذن.... هل يمكننا تغيير خطابنا السياسي !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا