الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الرحمان اليوسفي: من عدو للنظام إلى صديق للملك

مولاي عبد الحكيم الزاوي

2016 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


اليوسفي من عدو للنظام الى صديق للملك.
مولاي عبد الحكيم الزاوي
أفردت مجلة زمان التاريخية الذائعة الصيت بالمغرب، في عددها الصادر شهر نونبر 2016م، بورتيرها خاصا بأيقونة اليسار بالمغرب المناضل" عبد الرحمان اليوسفي" بعنوان مثير يُومز إلى أكثر من تعبير " عبد الرحمان اليوسفي: من عدو للنظام إلى صديق للملك"، وربما قد يتغدى هذا الإهتمام راهنا، من تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الصور التي أخدت رواجا واسعا مؤخرا، حول زيارة العاهل المغربي محمد السادس لعبد الرحمان اليوسفي في مصحة الاستشفاء.
ويأتي هذا الاهتمام ببورتيهات بعض الفاعلين السياسيين، في سياق الدينامية الجديدة التي أنتجت اهتماما ملحوظا منذ تسعينيات القرن الماضي بقضايا الزمن الراهن، وبضرورة فك ملابسات التاريخ والذاكرة، واستنطاق الشهادة التاريخية القريبة من الحاضر، أملا في اشباع عطش قراء ومتتبعين، ينتظرون بشغف حدوث تلك المصالحة مع الذاكرة الموشومة بالعنف السياسي، في سياق ما عرف تاريخيا ب"سنوات الجمر والرصاص".
ماذا نعرف عن مشوار عبد الرحمان اليوسفي في السياسة والحياة؟ هذا الرجل الذي يفضل الصمت وعدم الحديث حتى عن نفسه، وإن كان ممن شاركوا في رسم لحظات مهمة من تاريخ المغرب الراهن.
في ما يلي صفحات من سيرة "السي عبد الرحمان" كما استقاها منه لحسن العسيبي الكاتب والصحفي المهتم بتاريخ الحركة الوطنية، معلومات وإضاءات تنشر لأول مرة عن طفولة اليوسفي، دارسته، بدايته الأولى في النضال الوطني، ثم العمل النقابي والمقاومة، وانتهاءا بمحن سنوات الجمر والرصاص.
قال عنه المناضل الجزائري الأستاذ الأخضر الإبراهيمي " إن اليوسفي يلوي لسانه سبع مرات في فمه قبل الكلام، هو أشبه ببودي، ومن الرجال الذي تتمنى النساء أن يضعن رؤوسهن على كتفه"(ص24).
يكاد الأخضر الإبراهيمي يلخص ببلاغة حقيقة صورة الزعيم الاتحادي، فسلوك الرجل يكاد يكون قريبا من فلسفة كونفوشيوس، المتأسسة على مبدأ " الزن" (zen) الهادئة، العالية الوقار، ولعل ما يعزز مقولة الأخضر الإبراهيمي، أنك حينما تزور مسكن اليوسفي بحي بوركون بالدار البيضاء، تكتشف أن أغلب ديكوراتها وتفاصيلها آسيوية، صينية، يابانية، وكورية.
من سحر طنجة كانت الولادة، مدينة الانفتاح على الآخر، بوابة المغرب الديبلوماسية، مدينة السبق في التحولات الكبرى، مدينة ولادة الصحافة، بلغات متعددة، كل ذلك أسهم في ولادة هذا الاسم في سماء السياسة بالمغرب ذات ربيع من سنة 1924م.
بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، عشية وصول اليسار إلى السلطة بفرنسا، شدَّ الرحال صوب مراكش بإعدادية سيدي محمد، التي قضى بها أربع سنوات حتى سنة 1942م، وهنا سيبدأ تفتق وعيه الوطني بسبب الصدمة التي واجهته بها بمراكش، جراء العنصرية الطافحة للاستعمار الفرنسي، والتمييز المشين الممارس بين المعمرين والمغاربة، وهو القادم من فضاء متفتح.
بعد مرحلة الدراسة بمراكش، وتزايد أنشطته التلاميذية، سيضطر إلى الرحيل عن مراكش صوب الرباط بسبب حادثة ضرب المدير، ليقتنصه أنداك الزعيم الروحي لليسار "المهدي بن بركة"، ويستقطبه إلى صفوف "الحزب الوطني"، ليصبح مسؤولا عن إحدى الخلايا الحزبية التلاميذية بالثانوية.
يقول اليوسفي" طُردت مع عدد كبير من التلاميذ الداخليين من ثانوية مولاي يوسف بالرباط، وأنا أهيء للباكالوريا، بعد خروجنا في مظاهرة مؤيدة لوثيقة الاستقلال يوم 29 يناير 1944م، وحاول مدير الثانوية "روكس" منعنا، فدفعنا الباب بقوة، وسقط هو أرضا، وأصيب بكسر في يده، كانت تلك المظاهرة قد تمت بالتنسيق مع مدن أخرى مغربية في نفس اليوم، منها المظاهرة الشهيرة بسلا، التي تزعمها المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، والتي كانت بسبب اعتقال قيادة الحزب في اللجنة التنفيذية، ومن نتائجها اتساع حجم الاعتقالات بالنسبة لنا نحن في ثانوية مولاي يوسف، كان الشهيد المهدي بن بركة هو المسؤول عن تأطيرنا، وبفضله التحقنا ب "الحزب الوطني" قبل أن يصبح اسمه حزب الاستقلال".
سيجد عبد الرحمان اليوسفي نفسه مشردا بعد طرده من ثانوية مولاي يوسف، ليتوجه صوب المدينة العُمَّالية " الدار البيضاء"، هناك سينخرط في تنفيد خطة وطنية حزبية، استهدفت مواجهة الاستعمار، من خلال واجهات متعددة لتأطير المغاربة، وتسليحهم بالوعي الوطني، وتجاوز أسباب التخلف. شملت هذه الواجهات ميادين: العمل الحزبي ومحاربة الأمية والتخييم والعمل الجمعوي والإعلام والرياضة، في إطار هذه الخطة سيحضر اسمه كمؤسس لفريق الإتحاد البيضاوي" الطاس".
اسم عبد الرحمان اليوسفي سيصدح أكثر في الخمسينات، من خلال نشاطاته ضمن الخلايا السرية للحركة الوطنية وجيش التحرير، وستتوطد علاقاته أكثر بالزعماء المغاربيين "أحمد بنبلا" و"محمد بوضياف" و"بن مهيدي" وآخرين، بعد حادثة اختطاف الطائرة الشهيرة سنة 1956م، التي ستجر وراءها سيلا من الأقلام.
سيجد نفسه معتقلا مرة أخرى بمغرب سنوات الجمر والرصاص ب"دار المقري" سنة 1959م، رفقة الصحافي الشاب أندري أزولاي، بسبب مشاكسته الدائمة للنظام، ورفضه لمنطق الوصاية، ولمخزنة الدولة الحديثة، وسينصب نفسه محاميا لقضية المهدي بن بركة، ومترافعا عنها في كل المنابر الإعلامية الدولية، بعد حادثة الإغتيال المعروفة.
ما يزال عبد الرحمان اليوسفي حاضرا في المشهد السياسي والاعلامي، رغم اعتزاله السياسة منذ سنة 2003م، وتفضيله الصمت عن قضايا معتمة، وتحتاج إضاءات من طرف شخص فاعل في مدار الأحداث، سيظل الحاضر الغائب في لحظة خيبة أمل، وانحباس للهامش الديموقراطي.
باتت تجربة اليوسفي في سنة 2002م، بمثابة مقياس للحكم على الحاضر، وهو الذي قال لمجلة جون أفريك يوما "لم أنحج في الخروج بالمغرب من قفص الحسن الثاني".










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تقتحم حشدًا من محتجين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة أمري


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. سيناتور أمريكي يعلق على احتجاجات جا




.. الولايات المتحدة.. التحركات الطلابية | #الظهيرة


.. قصف مدفعي إسرائيلي على منطقة جبل بلاط عند أطراف بلدة رامية ج




.. مصدر مصري: القاهرة تصل لصيغة توافقية حول الكثير من نقاط الخل