الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش على الأحداث الليبية

محمد بن زكري

2016 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


انخفاض الحياء و رفع سن التقاعد !
لو أجاز برلمان طبرق هذا المشروع الفضيحة ، لارتكب بذلك جريمة جديدة تضاف إلى جرائم نظام نكبة فبراير المشؤومة . فرفْعُ سن تقاعد الرجال إلى 70 عاما ، يعني في النتيجة المباشرة مفاقمة و تعميق أزمة البطالة بين الشباب ، إذ أن إبقاء كبار السن في الخدمة إلى سن 70 ، يعني إمعانا (حكوميا) في حرمان الشباب من فرص العمل . لم يكتفِ نظام نكبة فبراير برفع سن التقاعد من 60 إلى 65 ، فحرم بذلك الشباب من خمس سنوات عمل ، بل ها هم الشيوخ (من الشيخوخة) يتآمرون لإضافة 5 سنوات أخرى لبطالة الشباب ، فيتقدمون إلى برلمان طبرق - عبر صندوق التقاعد - بمشروع قانون (صفيق) ، يقضي بالتمديد لهم في الخدمة خمس سنوات إضافية ! (و لِمَ لا ؟ فمؤتمر ركسوس مدد لنفسه ، و برلمان طبرق مدد لنفسه ، و ثلاث حكومات تتنازع التمديد لها في السلطة) . و المفارقة هي أن صندوق التقاعد الذي لا زال يمتنع عن تنفيذ تشريع صدر منذ نحو ثلاث سنوات ، يقضي بتعديل و تسوية معاشات موظفي الدولة المتقاعدين ؛ رغم تواضع ذلك التعديل التشريعي قياسا إلى التشريعات المناظرة في كل دول العالم (حيث لا زال معاش وكيل وزارة أو مدير عام سابق 450 دينارا !!!) ، ها هو الصندوق يخرج علينا بهذا المشروع الفضيحة . متناسيا أن عشرات آلاف الخريجين من كل التخصصات (حتى الأطباء !) عاطلون عن العمل ، يعيشون عالة على أبائهم المتقاعدين ! فمشرعو نكبة فبراير و حكوماتها المتعاقبة ، الذين خصوا أنفسهم برواتب فلكية الأرقام و امتيازات فاحشة التفاصيل ، دونها رواتب و مخصصات رؤساء دول صناعية كبرى كالصين و روسيا و الهند و ألمانيا ؛ لم يخطر ببالهم سَن قانون بمنحة البطالة للمواطنين المعطلين عن العمل ، كما في كل نظم الراسمالية الأوربية (رغم عشق الليبيين لنمط الحياة في أوربا ، و غرامهم المشبوب بالراسمالية !) . و بدلا من تخفيض سن التقاعد الى 60 – 62 عاما (كما كان قبل نكبة فبراير) ، حتى يحل الشباب في الوظائف محل كبار السن ، فإنهم و بكل (صحة وجه) يتآمرون لارتكاب جريمة حرمان الشباب من فرص العمل . و بدلا من أن يضغط (لوبِّي) كبار الموظفين من كبار السن ، باتجاه تعديل نظام التقاعد (تنفيذا للتعهدات الحكومية بالخصوص) بما ينصفهم كموظفي دولة متقاعدين ، بعد خدمة 30 – 40 سنة ؛ فيفسحوا المجال أمام الشباب للحلول في الخدمة العامة محلهم ؛ فإن لوبِّي الموظفين الكبار (سنّاً و درجة) المستفيدين من استشراء ظاهرة الفساد الإداري ، يضغط باتجاه البقاء في الخدمة إلى أن يدركهم الموت ! فبلا مجاملة و لا دبلوماسية : أيها (العواجيز) اخجلوا من أنفسكم ، و اكتفوا بما (غنمتموه) من رواتب عالية في الحقبة الفبرائرية بقرار من النظام السابق ، دون مقابل حقيقي تبذلونه من ساعات العمل الفعلي ، و دعوا فرص العمل للشباب ، فهم أحق بها منكم ، و هم أيضا أكفأ منكم بحكم الفارق المعرفي ، و طبعا هم أكثر قابلية و استعدادا للاستيعاب و تنمية القدرات و اكتساب الخبرات (خاصة و أن الخبرة لا تقاس بعدد سنوات الخدمة ، بل بمَلكة الإبداع و مستوى الإنجاز و كفاءة الأداء) ، و قد ترهلت عقولكم الشائخة - نتيجة للكسل العقلي و المكتبي - فلم تعد صالحة للتفعيل في الإدارة الحكومية الرشيدة .
مؤتمر لندن للحوار الاقتصادي
استضافت لندن يومي 13 أكتوبر و 1 نوفمبر 2016 ، المؤتمر الوزاري للحوار الاقتصادي الليبي ! المنعقد بدعوة من أميركا و بريطانيا ، تحت عنوان (الشراكة الدولية مع ليبيا) ، بمشاركة وزراء خارجية (محور) بريطانيا و أميركا و إيطاليا ، من أجل التمكين للمجلس الرئاسي ، أو ما عبر عنه محمد الطاهر سيالة (وزير خارجية السراج) بـ " التنسيق بين المجلس الرئاسي والجهات ذات العلاقة بالملفات الاقتصادية ، وهي وزارة التخطيط والمصرف المركزي وديوان المحاسبة والمؤسسة الوطنية للنفط " ، أو حسب ما قاله رئيس الرئاسي من إن مشاركته في هذا اللقاء كان " هدفها الوقوف بشكل مباشر على كافة المقترحات التي من شأنها المساهمة في حلحلة الأزمة الاقتصادية ، والاستفادة بالخبرات الدولية في هذا المجال " .
فيا لغرائب حكام ليبيا الفبرائرية ! ما علاقة وزراء (الخارجية) الأجانب بالشؤون (الداخلية) الليبية ؟! و ما دخل وزراء خارجية بريطانيا و أميركا و ايطاليا بالشأن الاقتصادي الليبي ؟ و لماذا تحتاج حكومة (الوفاق الوطني) إلى تدخل الأجنبي كي (يوفق) بينها و بين الجهات الليبية ذات العلاقة بالملفات الاقتصادية ؟ و هل خلت ليبيا من الكفاءات و الخبرات الاقتصادية و المالية ، حتى يذهب الرئاسي للاستفادة من الخبرات الدولية (خبرات وزراء خارجية !) من أجل ما يسمونه (حلحلة) الأزمة الاقتصادية الليبية أليس وزير التخطيط في حكومة السراج واحدا من خبراء الاقتصاد و الأكاديميين الاقتصاديين الليبيين ، و قد عمل محافظا لمصرف ليبيا المركزي ، و عمل وزيرا في عهد القذافي لمدة 35 سنة من الخبرة ؟ و قبل كل ذلك ، أليس رجال الأعمال و كبار التجار الليبيين ( و منهم السراج و معيتيق و الكوني و سيالة و بقية المجموعة) ، فضلا عن كبار رجال الأعمال و التجار في المؤتمر الوطني العام (الذي غيروا اسمه إلى المجلس الأعلى للدولة ) ، هم من سحبوا ملايينهم من البنوك ، و بذلك تسببوا في الأزمة الاقتصادية و أزمة السيولة المالية ؟ وعلى ذكر المجلس الأعلى للدولة ، و المجلس الأعلى للإنفاق (الذي أنكروه) ، لماذا لا ينشئون المجلس الأعلى للميليشيات ، خاصة و أن الميليشيات هي فعلا السلطة العليا ؟!
ديوان المحاسبة يوضح
و في السياق ، و فيما يبدو أنه درءٌ للشبهات و إبراءٌ للذمة ، أصدر ديوان المحاسبة (2 نوفمبر 2016) بيانا توضيحيا حول اجتماع لندن ؛ ذكر فيه أن المجتمعين تناولوا بالنقاش المشاكل و العراقيل التي تواجه الرئاسي في تنفيذ الترتيبات المالية لسنة 2016 (التي أوشكت على الرحيل !) ، كما ناقشوا بعض القضايا المتعلقة بالسياسة النقدية ، و موضوع غسيل الأموال ، و خلصوا من نقاشهم (في لندن) إلى التوصية بدعم المؤسسة الوطنية للنفط ، و استمرار التنسيق بين مؤسسات الدولة ، لحل المختنقات (لم نعرف ما هي تلك المختنقات) و وضع الحلول للمشكلات التي تواجه المواطن كمشكلة السيولة !
و إنه لشيءٌ أغرب من أن يّصدّق ! فأولا : إذا كان هذا هو كل ما (وقع) في مؤتمر لندن ، فما الحاجة إليه أصلا ؟ لماذا (يتكبد) هؤلاء (الكبار) عناء الاستجمام في أجنحة فنادق الخمسة نجوم بلندن ؟! فمقترح ديوان المحاسبة ، بشأن تمويل الأشهر المتبقية من السنة (هما في الواقع شهران فقط) ، لماذا لا يناقش بينه و بين الرئاسي في " جلسة خاصة " بطرابلس ؟ لماذا الجلسة (العائلية) الخاصة في لندن ؟! . و ثانيا : ما هو الجديد (الإعجازي العبقري) في المقترح الأقل من عادي لديوان المحاسبة ، أو في التوصيات الإنشائية تافهة المحتوى ، التي خلص إليها مؤتمر لندن ، في نقاشه للسياسة النقدية و تمويل عجز الموازنة للدولة الليبية ؟! هذا .. بصرف النظر عن سيادة القرار الليبي ، و مغزى و (أبعاد) الاستعانة بالخبرات الفنية الدولية ، لمعالجة قضايا محلية ، يمكن لأية لجنة فنية من (صغار) الخبراء الليبيين معالجتها بكفاءة عالية ؟! . أما ثالثا : و هو الأهم ، و هو محور الاهتمام الحقيقي لمؤتمر لندن ؛ فيتمثل فيما أشار إليه ديوان المحاسبة من انعقاد " الاجتماع الوزاري الآخر بلندن ، في ذات الفترة ، و المتعلق بالشأن السياسي الليبي ، الذي لم يشارك فيه ديوان المحاسبة ، و لم يطلع على تفاصيله " . و على أية حال ، شكرا لديوان المحاسبة على التوضيح ، لكن ما كان له أن (يجزم) بما لم يطلع عليه من أسرار مؤتمر لندن (السياسية) ، التي لا يعلم بها - فيما نظن - أحد من الليبيين خارج الدائرة الضيقة لرئيس الرئاسي ، فيما يخص التسريبات حول المجلس الأعلى للإنفاق و الاقتراض من البنك الدولي ، و ليس من دخان بلا نار ! .
و كوبلر يتوعد !
ويظل رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دائم الحضور في أحداث المهزلة الليبية ، فقد صرح مارتن كوبلر لقناة فوكس نيوز ، ملوحا بالتدخل الأممي (أي الأميركي / الغربي) لإدارة شؤون الدولة الليبية مباشرة ، عبر حكومة الوفاق الغربي ، التي يسمونها - من قبيل المزاح الثقيل - حكومة الوفاق الوطني . و ليس صدفة أن يتزامن تصريح كوبلر مع حدث لافت ، هو نفح الروح في مومياء المجموعة الإقليمية الفاشلة ، لدول حوار غرب المتوسط 5+5 ، لتدب فيها الحياة ، وتعقد اجتماع دورتها الثالثة عشرة (بتاريخ 28 أكتوبر 2016) ، في جزيرة مارسيليا الفرنسية ؛ الذي كرسته لدعم حكومة السراج ، حيث أعلن وزيرا خارجية فرنسا و المغرب دعم الدول المتوسطية العشر لحكومة (الوفاق الوطني !) في ليبيا ، و لم يتوانَ وزير الخارجية الفرنسي جاك ايرلوت عن التصريح للصحافة بقوله : " نحن ندعم ما تقوم به حكومة فاير السراج ، حكومة الوفاق الوطني " . فالهر كوبلر عندما يلوّح بالتدخل الأممي ، لا ينطق عن الهوى ، إذ يبدو أن الغرب قد حسم أمره - مبدئيا - للتدخل المباشر (عبر حكومة السراج) ، لإعادة رسم خارطة العلاقات المحلية و الدولية ، و صياغة السياسات الليبية (اقتصاديا و تشريعيا و اجتماعيا) بما يخدم مصالح الغرب الستراتيجية في ليبيا ، حتى إن الهر كوبلر يخرج عن مقتضى الدبلوماسية ليدلي بما مفاده أن ليبيا الجديدة ، هي مجرد مشروع استثماري غربي ، تحت غطاء شرعية الوصاية الأممية .
و الغرب يخرج عن صمته !
و أيضا في سياق الترتيبات السياسية و التهيئة الإعلامية لانعقاد مؤتمر لندن ، جرى تمرير رسالة (إشارة حمراء) مفادها أن الغرب يخرج عن صمته ، و يعلن دعمه لحكومة السراج ! و السؤال الذي يطرح نفسه هو : متى توقف الغرب - و على رأسه أميركا - ليصمت يوما عن دعم ما يسمى حكومة الوفاق الوطني ، المصممة لليبيا ، حتى يقال إنه خرج عن صمته ؟! فالغرب لم يتوقف يوما عن دعمه (المطلق) لحكومة السراج . ذلك أن حكومة السراج هي أصلا صناعة أميركية / غربية ، و هي خيار الغرب الستراتيجي لاستكمال مشروعه للربيع العربي في ليبيا ، بإعادة صياغة السياسات الليبية (داخليا و خارجيا) بما يخدم المصالح الغربية . لكن الجديد - فيما يبدو - هو ذهاب الغرب لتصعيد دعمه لحكومة السراج ، حتى لو أدى الأمر إلى التدخل (المباشر) بقوة السلاح . و تهيئة لذلك رأينا كيف تنادى وزراء خارجية المحور الثلاثي (بريطانيا / أميركا / إيطاليا) للاجتماع في عاصمة الاستعمار القديم / الجديد لندن (بحضور السراج) ، لاستطلاع إمكانات فرض حكومة (الوفاق الوطني) بالقوة ، و ما أكثر الذرائع ! و لا يتحفظ دبلوماسي رفيع المستوى من الخارجية الأميركية في التصريح بما يفيد أنه (يجب على الليبيين الامتثال لرغبة الغرب) ، فبعيدا عن الدبلوماسية يقول الدبلوماسي الأميركي : " لا يمكن السماح لعدد صغير من المفسدين بتدمير بلد بكامله " ، ذلك أنه في نظر المسؤول الغربي : داعمو حكومة السيد السراج ، مِن تحالف الوكلاء التجاريين و (الليبرالويين الإسلاميين) ، هو الأغلبية . أما الشعب الليبي بملايينه الستة ، فهو مجرد عدد صغير من المفسدين ! .
السراج و المفسدون الأربعة
و في حمى الصراع (المقزز) على السلطة ، بين ثلاثة برلمانات و ثلاث حكومات ، ليس لأيٍّ منها أيةُ شرعية ، بكل معايير الاستحقاق ؛ نشر موقع (Libya herald) بتاريخ 2 نوفمبر 2016 ، نص حوار أجراه مع رئيس الرئاسي ، عبّر فيه السيد السراج عن شديد غضبه و انزعاجه و استيائه من محافظ البنك المركزي ، الذي وصف العلاقة معه بأنها " سيئة " ، نظرا لأن الصديق الكبير رفض تغطية نفقات رحلات (السياحة السياسية) للمجلس الرئاسي بين طرابلس و تونس ، التي بلغت تكلفتها مليونين و سبعمائة و خمسين ألف دينار (2,750,000) خلال ستة أشهر تقريبا ! فتصوّر أيها المواطن الليبي المُجوَّع المُفقَر المحروم المعطل عن العمل (المتبهدل) ، أن رئيس المجلس الرئاسي ، يستنكر و (يشْكو) امتناع محافظ البنك المركزي عن أن يحمّلك - أنت خاوي الجيب و المعدة - تكاليف رحلات الاستجمام المكوكية لأعضاء المجلس الرئاسي ، فالسيد (الرئيس) يحتد و يتوتر و يصرخ محتجا ، لأن المصرف المركزي رفض " توفير مليونين وسبعمائة وخمسين ألف دينار كتكاليف إقامة وتنقلات للمجلس من تونس إلى طرابلس " . و هذه هي السلطة التي أفرخها لكم الحوار العبثي - في شكل زواج متعة سياسوي - بين برلمان طبرق و مؤتمر طرابلس .. فاقديْ الأهلية و الشرعية ، انتهاء إلى مهزلة 17 ديسمبر 2015 في منتجع الصخيرات المخملي ! فبينما أنتم تبيتون أمام المصارف ، تعانون صنوف المذلة ، تتعرضون للمهانة من مرتزقة الميليشيات ، تستجدون بضعة دنانير من مرتباتكم الهزيلة و لا تحصلون عليها ، فالرئاسي ينفق (2,750,000 مليون) في فنادق تونس وحدها ! و رئيس الرئاسي يتهجم على الصديق الكبير ، لأن هذا الأخير رفض مسايرة الرئاسي في بذخ الإنفاق على تنقلاته و إقامته في فنادق تونس و منتجعاتها السياحية ! و الجديد في الأمر أنه حتى الصديق الكبير أثبت - في هذه - أنه أجدر بمسؤولية الوظيفة العامة من الرئاسي .
أما النقطة الثانية الملفتة للاهتمام في حوار موقع ليبيا هيرالد مع السيد فائز السراج ، فهي قوله " بأن الجيش الموجود في المنطقة الغربية من البلاد ، يعادل ضِعف عدد نظيره في الشرق " . و الحقيقة هي أن الجيش الذي يتكلم عنه السراج في الغرب الليبي ، هو الميليشيات . أما الجيش النظامي (الوطني) الليبي ، فهو يعاني ما يعانيه كل الليبيين من تسلط الميليشيات و فساد السلطة . ضباط الجيش في الغرب الليبي ، لم يتقاضوا مرتباتهم الهزيلة منذ شهر يونيو الفائت ، و ليس سرا أن ضابط جيش برتبة مقدم أو عقيد أو عميد ، يضطر للوقوف - كأي مواطن ليبي منكوب - أمام المصارف و في الطوابير بالساعات ، في لباس مدني ، يعاني ما يعانيه باقي الليبيين من الويلات ، و يضغط على أعصابه حتى لا تفلت منه و هو يتعرض كالآخرين للإذلال من قبل عناصر الميليشيات المكلفين بحراسة البنوك . و هنا لابد من الإشارة إلى أنه في حين لا تعترف رئاسة الأركان في الغرب الليبي ، بالتبعية للقيادة العامة في الشرق الليبي ؛ فإنها سارعت - في طرابلس - إلى تنفيذ قرار رفع رواتب منتسبي الجيش الوطني الليبي ، الصادر عن القيادة العامة في المرج ! و لله في خلقه شؤون ، و لا عزاء لموظفي الدولة المتقاعدين بمعاش 450 دينارأ .. دينارٌ ينطح دينارا ! و الخزي لبرلمان طبرق و مؤتمر طرابلس و الأعلى و الرئاسي و كل حكومات فبراير .
الحرية في خطر
نتيجة لردة الفعل - على مواقع النت - المستنكرة لتكفير الكاتب خليل الحاسي ، أصدر إمام جامع في مدينة البيضاء ، يدعى محمد الدرسي (مفتي تكفير الحاسي) بيانا ، أراد به أن يتنصل من تهمة التحريض على القتل ؛ غير أنه نتيجة لطبيعة التكوين الثقافي السلفي ، و خاصة لدى محتكري التجارة في الدين ، فقد أثبت الشيخ التهمة على نفسه ، من حيث لم يكن يحتسب . ذلك أن صيغة البيان تعتبر اعترافا علنيا ، أشهدَ به على نفسه عشرات آلاف القراء ، بأنه فعلا قد (حرض) على قتل الكاتب الحاسي . فالشيخ الدرسي أورد في نص بيانه (أو اعترافه) ، و عطفا على تكفيره للشيعة ، بأنه خطب في جمهور المصلين قائلا : " كذلك هناك من الفِرَق مَن تسُبّ الصحابةَ - رضي الله عنهم - و تطعن فيهم كالعِلمانيّين " ، و بذلك فهو كغيره من السلفيين السُّنّة يعتبر المسلمين الشيعة (الروافض) كفارا ، ويجمع - في الكفر - بينهم و بين (العلمانيين) ، فهو بذلك يكون - ضمنا - قد حرض جمهوره من المصلين على (تكفير) العلمانيين ، و بالتالي استحلال قتلهم باعتبارهم كفارا . ثم يمضي الشيخ الدرسي ، فيثبت على نفسه أنه تعرض (في خطبته الدينية) للكاتب خليل الحاسي بالاسم واصفا أياه بأنه " من دعاة العلمانية " ، أي من دعاة الكفر ، مؤكدا (كفر) الحاسي بأنّ " له كلام خطير في الله و الأنبياء " .
و الخطورة في كلام الشيخ التكفيري ، تأتي من أن الثقافة السائدة بين عامة الليبيين ، هي ثقافة سلفيّة (سمعيّة اتِّباعيّة) متزمتة ، فهم (يقدسون) الصحابة أو من يسمونهم السلف الصالح .. إتّباعيّا ، و هم يكفّرون الشيعة .. سماعيّا ، و إن أخطر ما في خطورة الثقافة السماعيّة الاتّباعيّة الإسلاموية ، هو تنافيها المطلق مع حرية الرأي و التعبير و حرية الضمير . و ستكون الطامة الكبرى على الحريات العامة و الخاصة ، مع دسترة الشريعة كمصدر أساس للقوانين في ليبيا ، التي يسميها المضمون السياسي الإشكالي لنص الدستور الجديد (الجمهورية العربية الليبية الإسلامية) ، حتى و إنْ لم يكن هذا هو الاسم الرسمي الذي سيعطونه للدولة الليبية ، التي لن تخرج في التطبيق (حقوقيا) عن كونها إمارة إسلامية داعشية .
مؤتمر البرلمانيات الليبيات
على غرار الأدب النسوي ، بالمفهوم (الجندري) البحت للمصطلح ، و ليس بالمفهوم الاجتماعي / الفلسفي (النضالي) لما صار يعرف في علوم الاجتماع باسم (النسوية / feminism) ، تفرز حقبة الربيع العربي الفوضوية ظاهرة فصل عنصري من نوع جديد ، هي التمثيل البرلماني النسائي (أو بالأحرى : النسواني) . فالنسوان البرلمانيات ، ترشحن لعضوية مجلس النواب (أي لممارسة السياسة و التشريع للدولة و المجتمع) ، دون أن يتوفرن بالأصل على شروط المقدرة و الكفاءة و الثقافة السياسية و خبرات ممارسة العمل العام ، التي تؤهلن - ذاتيا و موضوعيا - للقيام بالمهمة ! و لذلك فالنسوان (النائبات) ، في مؤتمرهن المنعقد بتونس 10 نوفمبر 2016 ، برعاية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، و قيل بدعم من حكومات ألمانيا و سويسرا و هولندا (و أنا رجل معقد أومن بنظرية المؤامرة و أرتاب كثيرا بنوايا الفرنجة) ، طالبن بأن تُنظم لهن دورات تدريبية على حساب الناخبين ، حتى يتأهلن لتمثيلهم في البرلمان ! حيث إن " المطلب الأساسي الذي تقدمن به لزملائهن الرجال ، هو أن تشكل النساء نسبة 30 % في جميع وفود مجلس النواب " ! ذلك أن المهم في الأمر هو أن تنال (النائبات) نصيبهن من (ياغمة) سياحة المؤتمرات و المهام الرسمية و بذخ فنادق الخمسة نجوم مجانا ، تحقيقا للمساواة التامة بين النائب و النائبة في وفود مجلس النواب ، أسوة بالمساواة بين النواب و النائبات في تعيين الأزواج و الأقارب في الوظائف العامة و في السلك الدبلوماسي و القنصلي . و الحق أن كلمة (النائبات) أعجبتني جدا ، فهي جمع نائبة (و تُجمع أيضا على نوائب) ، و كلمة (نائبة) تعني في اللغة العربية (مصيبة) . فاللهم قِنا شر نائبات فبراير ، فلم تعد بنا طاقة لتحَمّل المزيد من تناوب نائبات نكبة فبراير علينا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24