الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق .. والقيادة .. والأحزاب المسيحية

ادورد ميرزا

2006 / 1 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


غالبية النخب الأجتماعية او السياسية الفاعلة في المجتمعات لا يجب ان تنزعج عندما يوصفهم شعبهم بانهم ما زالوا تلاميذ , لأن مرحلة التلمذة كما وصفها الباحثون هي فعالية مؤطرة بزمن محدد يجتازها المرء لأنضاج دائرته المعرفية اوالمعلوماتية للوصول الى مرحلة النضج التي من خلالها يبدأ البناء في خطواته الأولى , ومن البديهي ان يكون المتميزون من علماء واساتذة الجامعة الى جانبهم { رجال الدين والقادة السياسيين } وهم الأكثر تعقيدا في المجتمع ! قد تمكنوا من اجتياز هذه المرحلة وحققوا لأنفسهم التميز والنجاح بعد ان بذلوا جهودا حثيثة لتجاوز اخطائهم واخفاقاتهم , والأمثلة كثيرة في عالمنا اليوم .

فالأشوريون والبابليون شعب العراق الأصيل قبل الديانات , هذا الشعب الذي يمتد تأريخه الى اكثر من سبعة الاف سنة قبل الميلاد والذي اعتنق البعض منه الديانة المسيحية , ما زال لحد اليوم يساهم بمجمل نشاطات الدولة العراقية منذ تأسيسها من خلال انخراط خيرة ابناءه من اساتذة الجامعات والعلماء والأدباء والفنانين الى بقية شرائح المجتمع , وقد قدم خلال مسيرته على ارض العراق الكثير من ابناءه شهداء في سبيل العراق ومن اجل حقوقه الأنسانية والقومية وما زال لحد هذا اليوم وفيا ومخلصا لأرض وشعب العراق وقد تجسد ذلك في مساهمته وبشكل طوعي لامثيل لها في الأنتخابات العراقية الأخيرة ايمانا منه باهمية الشروع بانقاذ العراق من محنته المأساوية , ان صفة هذا الشعب الرائعة هي اطاعته واحترامه لأراء رؤساءه وخطواتهم الدينية او السياسية مهما كانت نتائجها ولذلك نطالب دائما ونحذر بان تكون خطواتهم دقيقة ومدروسة وفاءا واخلاصا لهم !
لكن الذي حدث من خروقات وتزوير وانتهاكات في عملية الأنتخابات كما اعلن على لسان المسؤولين الدوليين شكلت احباطا عميقا بالنسبة للبعض لكنها كانت بالنسبة للكثيرين شيئا طبيعيا جدا لأن الغالبية من المرشحين كما يعرفهم العراقيون لا يملكون برنامجا ديمقراطيا حظاريا معينا يخدم الشعب العراقي كاملاً , انما لديهم برامجهم الضيقة والخاصة والتي تخدم مصالح شريحة معينة تتبنى المذهبية والعنصرية نهجا ثابتا لها وهذا ما افرزته العملية السياسية في العراق ! اما بالنسبة للشعب المسيحي فالموضوع يختلف , لأنهم ينظرون الى الشعب العراقي ككتلة متجانسة واحدة حاجته فقط الى قيادة وطنية مخلصة لا تفرقها المذهبية ولا الطائفية ومن هذا المنطلق يبقى الشعب المسيحي يعشق الوطنية العراقية ويقدسها , ويكره التوجهات المذهبية العنصرية .

لكن الخطر الذي يهدد تمزيق هذا الشعب المسالم قد يأت من قيادته سواء السياسية او الدينية واهمها , اهمال الواجبات والمصلحة الوطنية وتفضيل المكاسب الشخصية مع تشتت المذاهب باتجاه اقطاب شرقية وغربية ! اضافة لتنامي ظاهرة التعصب العشائري والحزبي ولذلك يتسارع الشرفاء المدافعين عن سلامة وحدة هذا الشعب بالمطالبة من قادة القوى السياسية او الدينية الممثلة لمكوناته المذهبية للعمل على ايجاد الصيغ المناسبة لتوحيد توجهاتهم , ويعتقد المثقفون المخلصون بان ترسيخ ثقافة { المواطنة العراقية } باتت هي الحل .... لقد آن الأوان لدعم مشروع المواطنة بعد ان فشلت القوى الحالية في تجسيد الوحدة الوطنية والعمل على تثقيف الشعب باهمية اقامة تقارب بين كافة مكوناته الكنسية او السياسية لأنها الطريق القادر على صنع مركز قيادي واحد ذات القرار المستقل وهو القادر كذلك بأن يدفع بالشعب إلى مجالات ارحب وأوسع . ان العديد من أبناء الشعب على اختلاف مذاهبهم الكنسية يتطلعون للخلاص من النظم والأطر الطائفية او الحزبية المصلحية , فهم اليوم يبحثون عن الأمان والخلاص وقد تيقنوا ان الخلاص لن يأتيهم الا من خلال { وحدة العمل الوطني } واعتبار المواطنة هي الأساس الذي تبنى علية استقرار الأمم , أن دعم التوجه نحو المواطنة هو السبيل الناجح لتحقيق ذلك وعلى الجميع المساهمة في دعم هذا التوجه الذي يعتبر اساس التقدم والنهوض . ان ما وصلت اليه الدول المتقدمة وخاصة الأوربية من ازدهار في اقتصادها ورفاهية لشعوبها لم يكن من خلال تبنيها لأيدلوجيات سياسية كما يروّج لها انما تحقق ذلك من خلال تبنيهم لمشروع الوحدة الوطنية , والولاء للوطن , كما بينتها الدراسات الستراتيجية .

لقد جرب شعبنا العراقي عامة والشعب المسيحي خاصة مرحلة الأيديولوجيات السياسية واعني الأحزاب بكل توجهاتها , لكني ولعلي على يقين أن أكبر إنجاز للحضارة الغربية والتي مكنها من السيادة والتقدم هو تبنيها لمفهوم { المواطنة } والألتفاف حولها باعتبارها السياج الآمن للحفاظ على سيادة وازدهار شعوبها , تاركين خلفهم الأيدلوجية الحزبية وتمجيد رموزها !.. ولعل غالبية مثقفينا على اطلاع بتجارب المجتمعات الغربية التي كانت مكونة من طبقة النبلاء والعبيد ورجال الكنيسة حيث في حينها لم يتحقق الرفاه في بلدانهم كما ينبغي بل وحتى عندما ساد الفكر القومي المتعالي في أرجائها لاحقا ( مع تقديري واعتزازي بالتاريخ والثقافة القومية ) لم يتحقق شيئا لشعوبها من رخاء وتقدم , وعلى كل حال تبدو الأمور وكأن معركتنا مع اعداءنا العنصريين والمذهبيين هي الوحيدة والخاتمة لتحقيق الرفاه والديمقراطية , ولكن الحقيقية إن معركتنا الأساسية والحقيقية هي مع الذات اولا .. حيث علينا المقاومة لتنظيف الجيوب الهزيلة في الأمة والتي تريد أن تمسك بعقارب الساعة لترجعنا الى الماضي .
لكن شعبنا { وبالرغم من اعتزازنا بتأريخنا } بحاجة الى رجال يقرأون الحاضر بعيون باردة واضحة تستذكر التأريخ كحضارة وكتراث انساني ليس إلاّ ....؟ حيث ان { شعبنا لم يستخدم ابدا التأريخ والتراث سلاحا ضد الأخرين } واخيرا فان قادتنا ومفكرينا وكتابنا مطالبون بالعمل والدعوة لوحدة القيادة والتوجه نحو الوطنية لأنها الخلاص الوحيد للنجاح , ان المضي قدماً لقراءة الحاضر واستشراق المستقبل هي البداية الحقيقية لانتصار الأمة على نفسها اولا , قبل الانتصار على الغير , فهل سيتحقق حلم ....

{ القيادة الواحدة ذات القرارالواحد للأمة الواحدة }








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: ما الترتيبات المقررة في حال شغور منصب الرئيس؟


.. نبض فرنسا: كاليدونيا الجديدة، موقع استراتيجي يثير اهتمام الق




.. إيران: كيف تجري عمليات البحث عن مروحية الرئيس وكم يصمد الإنس


.. نبض أوروبا: كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا وغزة على حملة الانتخا




.. WSJ: عدد قتلى الرهائن الإسرائيليين لدى حماس أعلى بكثير مما ه