الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياة الكتابة وكتابة الحياة لدى السيناتور الروائي غابرييل غارسيا ماركيز: (الجزء الأول)

نزيه حاجبي
كاتب وباحث

(Nazih Hajibi)

2016 / 11 / 21
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


إنه الروائي غابرييل خوسيه دي لا كونكورديا غارسيا ماركيز المتعدد والعميق، في نشأته وتجربته ونهايته، روائي وصحفي وناشر وناشط سياسي كولومبي، ولد في أراكاتاكا بكولومبيا في 6 مارس 1927، قضى معظم حياته في المكسيك وأوروبا. يعد من أشهر كتاب الواقعية العجائبية، فيما تعد روايته "مئة عام من العزلة" هي الأكثر تمثيلا لهذا النوع الأدبي. حصل ماركيز على جائزة نوبل للآداب سنة 1982 وذلك تقديرا للقصص القصيرة والروايات التي كتبها، ونال العديد من الجوائز والأوسمة طوال مسيرته الأدبية. توفي في 17 نيسان 2014 عن عمر يناهز 87 عاما. وقد شكلت صداقته للزعيم الكوبي فيدل كاسترو كثيرا من الجدل في عالم الأدب والسياسة
حياة الكتابة عند ماركيز، وكيف اختارها هوية له منذ عقده الثاني وتداعيات ذلك على شخصه وأسرته ومجتمعه الممتد عبر أرجاء الأرض، يلخصها عمله الأخير المتمثل في "عشت لأروي"، وهي رواية يقدم خلالها غابرييل كارسيا ماركيز نفسه، أو بعضا من نفسه بصراحة مفرطة وببراءة مثالية، وبنبش عميق في ذاكرته، تلك الذاكرة التي أسعفته كثيرا في سرد جزئيات حياته الأولى، حياة الطفل المتمرد ضد رغبات الأب، أب يحلم أن يحصل ابنه على شهادة جامعية، لم يستطع هو الحصول عليها. وابن حالم زيادة دون أن تكون له المسوغات الكافية لإقناع أبيه بتوجهه، تلك المسوغات " لن تكون نافعة إلا لي أنا بالذات" كما يقول في "عشت لأروي" ص16.
ماركيز، شاب تداخلت همومه بشكل جنوني، وكانت الصدفة عاملا مهما تصويب مساره وإن قلَّت، كانت أمه الوسيط بينه وبين أبوه الغاضب على اختياراته، الذي شرخ آماله فيه بخروجه المبكر من المدرسة، بدأ عمله في البداية كاتبا في زاوية يومية من صفيحة و لافتتاحيتها حين يتغيب أحد المحررين الثابتين، دون أن يسد راتبه حاجياته اليومية... كانت بدايته متعثرة ومحفوفة بصراعات أثراها بخياله وواقعيته في عالم ابداعي هادئ من الخيال المثمر، هذه الجدلية تعكس حياة وصراعات بلده، فشكلت جزءا من خطاب القبول لديه تحت عنوان "العزلة في أمريكا اللاتينية" نحو جائز نوبل للآداب.
من قراءة أعمال ماركيز لا يمكنك التكهن بأسلوبه، رغم ميله أحيانا للدعابة، لكن أسلوبه غير واضح، أسلوب متعدد وعميق، إنه أسلوب حياة الذين يكتبهم ويكتب عنهم، أسلوبه يترك مساحة مهمة للقارئ ليكون له دور في مشاركته بعض الأفكار والتفاصيل الجزئية والهامة في عمله الابداعي، كأن لا يعطي أسماء لبعض الشخصيات ليفسح المجال لمخيلة القارئ، وهي تقنية مستمدة من التراجيديا الإغريقية.
يقول في مقابلة أجراها مع مارليس سيمون: " أسعى أن أتخذ مسارا مختلفا في كل كتاب... الكاتب لا يختار أسلوبا.. بإمكان أي شخص أن يكتشف الأسلوب المناسب لكل موضوع.. إن الأسلوب يتم تحديده بناء على موضوع العمل. وفي حالة المحاولة في استخدام أسلوب آخر غير مناسب، ستظهر نتيجته مغايرة، وبالتالي فإن النقاد سيبنون نظرياتهم استنادا إلى ذلك، ويكتشفون أشياء لم تكن موجودة بالأساس. فقط أتجاوب مع أسلوب حياتنا، الحياة في منطقة الكاريبي".
على سبيل الختم، هذه رسالة من رواية عشت لأروي لكل من يحلم أن يصير كاتبا، " يقولون أنه يمكن لك، إن صممت، أن تصير كاتبا جيدا. لم أكن قد سمعت مثل ذلك الكلام من قبل في الأسرة قط، فميولي منذ الطفولة كانت تتيح الافتراض بأنني قد أصير رساما، موسيقيا، مغنيا في الكنيسة، أو شاعرا جوالا في أيام الآحاد... ورد فعلي كان أقرب إلى المفاجأة، فقد أجبت أمي: إذا كان علي أن أصير كاتبا، فلا بد لي أن أكون أحد الكبار، وهناك في نهاية المطاف مهن أفضل كثيرا إذا ما كنت أرغب في الموت جوعا".
إن راوية عشت لأروي تدفق سيال لحياة الكتابة لدى ماركيز، وحفر غائر مكبوح، إنها رقة أثيرية. تفاصل الرواية في الجزء الثاني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيليان مبابي يودع باريس • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ويليام بيرنز.. من مبعوث إلى لاعب رئيسي في ملف مفاوضات غزة




.. حرب السودان.. لماذا يستميت الخصمان للسيطرة على الفاشر؟


.. تهدد شبكات الطاقة و-GPS-.. أقوى عاصفة شمسية منذ عقدين تضرب ا




.. مراسلة الجزيرة: صفارات الإنذار تدوي في مدينة عسقلان ومحيطها