الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في -جريمة نصف زرقاء-

نزهة الرملاوي

2016 / 11 / 21
الادب والفن


نزهة رملاوي
قراءة في أقصوصات ( جريمة نصف زرقاء ) للكاتبة صابرين فرعون الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان، الواقعة في 28 صفحة من الحجم المتوسط، بلغة سردية ذات ايقاعات متفاوتة من الصخب إلى الهدوء، رقصت الجمل وعلت في فضاء رحب من الخيال، أوقعنا في شراكه؛ فانتبهنا أننا خلف العتمة نشاهد جرائمنا تتمدد، ولا نكترث، بل ننتظر لنرى زرقة السماء تنجلي بعد المطر، فيأخذ النهر مجراه كما الحكايات، نصنعها ونرسم ألوانها، فتنحت مسارات حياتنا، حتى تبلغ منتهاها.
(جريمة نصف زرقاء) هي قصص قصيرة جدا، وليدة عصر السرعة والمعلوماتية، ذلك المارد التكنولوجي الذي يهز وجودنا، ويبسط ذراعية بقوة ليصنع لنا الحياة كما يريد، أو كما نشاء له أن يكون، ترى هل يدفع الواقع التحديث؟ أم الحداثة تغير الواقع؟
في (جريمة نصف زرقاء ) تنوعت مفردات الأقصوصة لدى الكاتبة، فلمسنا فيها شيئا من البساطة والرشاقة ولمحنا فيها دفقات شعرية متألقة، أضف إلى ذلك البراعة في اختزال سرد الأحداث وإطالة الجمل، وبرزت ايحاءات ودلالات للنصوص ذات مستوى أعلى من مستويات القارئ العادي في بعض الأحيان، لذا نراه يحتاج إلى البحث عن المعنى الحقيقي في دواخل النص وما أرادت الكاتبة ايصاله، كما في قصة (حجر، ورقة، أم مقص)، (وجريمة قتل بلا عقاب) و (فخاخ معطوبة).
اتخذت الكاتبة من الحياة المجتمعية المرئية، والموروثات الشعبية المتأصلة في ماضينا وحاضرنا ومكاننا وزماننا المهدد من الآخر، حبوبا بذرتها في مخيلتها، وسقتها من عواطفها، فنبتت أزهارا انتشر أريجها في ساحات أملنا لغد أفضل.
رسمت الكاتبة بألوانها فئات متنوعة في المجتمع الذكوري المتسلط، الذي برز في قصة (ولادة محكومة بالموت)، وأشارت بقوة إلى الدور النسائي المتفاني بالإخلاص والتضحية، كما وجد في (خريف الضحكات) و (حرية هاربة من السكاكين) و (بورصة) و (انتهاك)، ولوحظ النقد لنساء أخريات، خرجن من جلودهن، وبرئن من شرفهن كما في قصص ( حيث لا ينفع الندم ) و (جلد ينمو صباحا) و (ضجيج).
أشارت في أقصوصاتها وومضاتها السردية، لمعاناة الشعب الفلسطيني الذي يقاسي قهر الاحتلال وأساليب التهجير، ونهب الأرض وقمع الحياة، والشعوب العربية عامة التي تعاني الإنقسامات وويلات الحروب، فتقدم صورا حزينة منطلقة من واقع قاس مؤثر، ذات أسلوب مشوق، فقد استوقفتنا مشاهد الدم والاحتضار والتفجيرات والشهداء ويتم الأعياد في بلادنا وقلوبنا، وتعمدت الكاتبة توجيه رسالة للعالم كتبت بالألم كما في قصص (درس قاس) و (ثوب أنيق) و (ذلك العيد)و (عرس على ناصية القلب).
انتقدت الكاتبة بأسلوب ساخر البيئة المجتمعية الفيس بوكية والواتس آب وما تحويه من خيانات في بعض الأحيان، وراحت بنا إلى يوم المرأة العالمي وشبهته بالمعركة بين الديكة والدجاجات في قصة (معركة الثامن من آذار)، كذلك أشارت بوضوح إلى فئة المتسلطين وأساليب النهب والقهر المتبعة فيهم كما جاء في (جينات وراثية)، وتناولت موضوعا آخر، حيث عرض لنا الفئة المهمشة من المبدعين كما جاء في قصة (ولادة محكومة بالموت) وقصة ( جريمة قتل بلا عقاب) حيث امتدت الريح وسرقت قبعة المبدعين وآثرت إظهار القصائد والروايات المشوهة والموجوعة، وفي ( حفلة تنكرية) وجهت النظر لفئة لغت انسانيتها وهي تعتلي مناصب رفيعة، وصالت وجالت في ملكوت طغيانها، حتى انتهت ساجدة تطلب الرحمة.
نجحت الكاتبة في اختيار موضوعاتها وأساليب عرضها، حيث وظفت عناصر القصة القصيرة جدا من اختصار وحذف، وشخوص واقعية ومتخيلة، غلب عليها الأمر، فكانت طائعة لأوامر الكاتبة، فقد تجنبت الشرح والإطالة، أو إثارة الأسئلة والإجابات، وآثرت التلميح بدل التصريح، والايحاء بدل الإدلاء.
امتازت اللغة بالشاعرية والاحاسيس الدافئة، والتعبير الراقي، ورغم الإختزال المقصود في القصص القصيرة جدا، إلا أننا رأينا تكاثفا لغويا متماسكا، لو أطالته الكاتبة؛ لأخفق الهدف.

20/11/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري