الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة التأريخية بين المواطن والسياسي

حسين علي الحمداني

2016 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


مشروع التسوية التاريخية الذي طرحه التحالف الوطني في الفترة الأخيرة لمرحلة ما بعد داعش هو مشروع يحمل بصمات وفقرات الكثير من المشاريع الأخرى التي ظلت تطرح على المشهد العراقي في السنوات الماضية دون أن تلامس الحقيقية أو ما يمكن تسميته بالمتغيرات الكثيرة التي حصلت في العراق من جهة،ومن جهة ثانية هي مجرد مبادرات تطرح وقد تعقد الكثير من الندوات والمؤتمرات حولها دون أن تتحقق نتائج على الأرض بسبب ما يمكن تسميته (بالثوابت) الموجودة لدى كل طرف من أطراف العملية السياسية.
وهذه (الثوابت)ترسخت لدى كل طرف ولا يمكن التنازل عنها بحكم التعبئة الطائفية والقومية التي جرت في السنوات التي اعقبت 2003 والتي سمحت أحداثها للكثير من الصور أن تشكل خرائط جديدة لبلد تتصارع فيه المكونات كل حسب أهدافه ورؤيته،وهذه الصراعات وإن كان الشعب يدفع فواتيرها إلا إن الساسة هم من يجنون الأرباح في نهاية المطاف.
ونجد إن معركة تحرير المدن العراقية من داعش سيما الموصل قد تكون نهاية الفكر الإرهابي في العراق ونهاية الطائفية المقيتة التي سيكون ظهورها خافت جدا في أية انتخابات عراقية قادمة يمكن لها أن تنتج نخب سياسية جديدة تقود العراق في ظل الأداء السلبي للقوى السياسية العراقية الحالية والتي تسيدت المشهد السياسي في العراق في السنوات الماضية ولا زالت تطمح لأن تبقى في دائرة الضوء لدورات قادمة رغم الانتكاسات السياسية والاقتصادية والأمنية الكثيرة التي تعرض لها العراق والتغيرات الديمغرافية التي طالت أكثر من مدينة عراقية في السنوات القليلة الماضية.
مشروع التسوية التاريخية هو مشروع رجال السياسة لمرحلة ما بعد داعش،وبالتالي هو مشروع غايته الأولى إبقاء ما يمكن تسميته بدولة(المكونات)على حساب دولة المواطنة التي يجب أن نصل إليها في هذه المرحلة المهمة والحرجة من تاريخنا.
وهذا يعني إبقاء ذات الرموز والأحزاب السياسية كممثلة للمكونات العراقية لسنوات أخرى قادمة خاصة وإن هذه الأحزاب والشخصيات باتت تمتلك أدوات البقاء لفترة أطول ودورات قادمة وهذه الأدوات هي(المال والسلطة)مضافا لذلك قانون الانتخابات ذاته الذي لا يسمح بخسارة أي حزب من ألأحزاب الكبيرة وبالتالي نجد إن مشروع التسوية التاريخية لم يركز على لب المشكلة الجوهرية في العراق بقدر ما إنه أستنسخ المبادرات السابقة وأضاف إليها ما أستجد في الفترة القليلة الماضية.
وعندما نقول إنه لم يركز على جوهر مشاكل العراق إنما نستند إلى الفقرة لخامسة من مشروع التسوية وهي كما يلي:(أسس التسوية: لضمان تسوية حقيقية ممكنة وراسخة ومورد قبول الجميعٍ لابد من الاستناد الى الأسس الآتية:1- التسوية الشاملة وليس التنازل أحادي الجانب. 2- مبدأ اللاغالب واللامغلوب. 3- تصفير الأزمات بين الأطراف العراقية).
وهذا ما يجعلنا نستنتج إن الغاية الأولى تكمن في إيصال رسالة مفادها:إن جميع السياسيين العراقيين كانوا على حق في مواقفهم وتصرفاتهم أو على الأقل إنهم لم يخطئوا وهذا ما فهمه أكثر من طالع هذه الفقرة ،خاصة وإن التسوية تشمل في بعض فقراتها تسويات قضائية لشخصيات متهمة بالإرهاب .
أما مبدأ اللاغالب واللا مغلوب وهي يعني(رابح+ رابح)وهو أسلوب يتبع في المفاوضات وهو أسلوب جيد يمنح المفاوض أحيانا كثيرة رفع سقف المطالب لأعلى مستوى من أجل الحصول على الحد المقبول من حقوقه أو ما يريد الوصول إليه،ونجد إن طرح هذا المبدأ في هذه التسوية يعني ليس هنالك تسوية بقدر ما إن ما سيحصل هو إبقاء الوضع كما هو عليه في إطار بقاء القوى والأحزاب والشخصيات السياسية ذاتها في صدارة المشهد السياسي العراقي لأطول فترة ممكنة ،وهو ما يعني إبقاء (حقول الألغام) قابلة للانفجار في أية لحظة خاصة ما يتعلق منها بتفسيرات الدستور المختلف عليها، حدود المحافظات الإدارية ، قانون الانتخابات الذي يحتاج لتعديلات كثيرة وغيرها من الأمور التي بإمكان أي طرف من ألأطراف السياسية تحريك أي ملف في وقت يحتاجه من أجل صناعة أزمة سياسية في العراق .
أما مسألة(تصفير ألأزمات)هذه ليست معالجة بقدر ما إنها تهرب من الحلول الواقعية المطلوبة لمرحلة ما بعد داعش،لأن هذه المرحلة تتطلب بالدرجة الأولى البحث عن الأسباب ومعالجتها بشكل واقعي وحاسم، وأبرز هذه المعالجات تكمن بإيجاد رؤية وطنية حقيقية تنتج مشروع وطني جديد غايته الحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا وتأريخا.
أجد إن أية تسوية (وطنية – تاريخية – مجتمعية) يجب أن تلامس حاجات الواقع العراقي والمجتمع العراقي وأن تقترب من الشارع العراقي الذي بإمكان أي مواطن بسيط تشخيصه وإيجاد الحلول المناسبة لها لأن المواطن العراقي هو من يدفع الثمن ودفعه بفواتير مضاعفة وبالتالي يجب أن تكون للمواطن العراقي رأيا في أية مبادرة نطرح طالما إنها تخصه قبل غيره.
وما يمكن لنا أن نصل إليه في نهاية المطاف إننا بحاجة ماسة لمبادرة جريئة تشخص لنا علل العملية السياسية في العراق وفي مقدمتها الدستور وما يجب تعديله فيه،النظام السياسي البرلماني وعيوبه الكثيرة والذي لا يسمح بولادة حكومة قوية بقدر ما إنه يسعى دائما لصناعة حكومات ضعيفة في المركز وقوية في الأقاليم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على