الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطن من الرمال

سليمان عباسي

2006 / 1 / 3
القضية الفلسطينية


إن ما يجري اليوم في الساحة الفلسطينية جريمة لا يمكن السكوت عنها فالتزام الصمت هو مشاركة غير مباشرة في هذه الجريمة
بعد أن أضحت الساحة الفلسطينية تسودها كل هذه الفوضى والعبثية الصبيانية والفلتان الأمني بحيث بات المشهد الفلسطيني مثيراّ
للإحباط بكل المقاييس التي عرفها علماء الرياضيات وعلم الاجتماع .
لقد لعب الأعلام الفصائلي ومنذ البداية من خلال خطابة المشبع بالعبارات الرنانة البعيدة كل البعد عن المنطق والعقل في خلق بنية
فكرية متخلفة للبعض وأوجد المناخ المناسب لظهور تلك المجموعات المسلحة وأدى عدم رغبة السلطة الوطنية لردعها نتيجة
الحسابات الخاطئة إلى تنامي تلك الظاهرة السرطانية والتي تحاول أن تأكل كل ما تبقى من جسدنا الفلسطيني المنهك والمثخن في
الجراح بفعل الاحتلال وعمليات القتل المستمرة لشعبنا منذ ستة عقود .
لقد أخذت تلك المجموعات على عاتقها ممارسة كل ما يسيء إلى الوطن ولصورة المناضل الفلسطيني الحقيقي ولمشروعية نضاله
عبر عمليات البلطجة التي لا تخدم أي غرض سياسي أو نضالي بل باتت تقيم حاجزاّ يمكن إن يتحول بين لحظة وأخرى إلى خط
تماس بين الفلسطينيين أنفسهم ,وليست عملية إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وإسقاط هيبتها أمام المجتمع الدولي الجارية
على قدم وساق وبتسارع غريب مثير للدهشة من قبل تلك المجموعات عبر عمليات خطف الأجانب المتعاطفين مع قضيتنا العادلة
وتدمير مراكز الأمم المتحدة ومقرات السلطة الوطنية ووزارتها إلا تقاطعاّ مع الأهداف الإسرائيلية بل نشدد على القول بأنهم
تحولوا إلى جنود أبرار في الجيش الإسرائيلي يخدمون بكل صدق وإخلاص الاستراتيجية الشار ونية المتمثلة بتشويه صورة
المناضل الفلسطيني وتصويرنا بأننا لسنا إلا مجموعة من الفوضويين والغوغائيين لا نستحق بان تكون لدينا دولة ولاحقوق وإننا
لا نجيد سوى عمليات الهدم والتدمير وإذلال المتعاطفين معنا من الأجانب عبر خطفهم بطرق دون كيشواتية غير مسؤولة .
من المؤكد إن إسرائيل ستجد في حالة الفوضى الفلسطينية الحالية مناخاّ مناسباّ لإعفائها من أي استحقاق مقبل سواء في الضفة
الغربية آو في القدس دون إن تجد أي ممانعة على الأقل من الدول التي تعرض مواطنيها للخطف على يد الأبطال الأشاوس .
لقد قامت تلك المجموعات الدخيلة التي تحمل مفاهيم خاصة بعيدة كل البعد عن الوطنية عبر طلباتهم المعبرة عن مصالحهم الشخصية
البعيدة عن المصالح الوطنية العليا بتحويل قطاع غزة إلى غابة من العصابات بدلاّ من أن يكون قاعدة محررة مساندة ونصيرة
للمقاومة في الضفة الغربية والقدس الشريف وحولت الفرح الشعبي الفلسطيني بإزالة الاحتلال عن هذا الجزء الصغير من وطننا
الحبيب إلى حالة من الذعر والخوف على مستقبل القضية الفلسطينية برمتها .
إن غياب الإجراءات الرادعة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية تشجع على نمو تلك الظواهر السرطانية مع اعترافنا الصريح
بأن الاحتلال وسيادة القانون خطان لا يلتقيان ولكن هذا لا يعطينا المبرر للسكوت أو التفاوض مع تلك المجموعات التي تتلاقى
مصالحها مع المصالح الإسرائيلية وإن كان عن غير وعيّ أو عن جهل إذا افترضنا حسن النوايا وهذا شئ مستبعد .
إن المطلوب من السلطة الوطنية الفلسطينية إن تولي الاهتمام الجدي والفعلي للوضع الداخلي الفلسطيني بمقدار الاهتمام
الذي توليه للوضع الدولي ومعالجة تلك الظواهر التي تهدد كل القيم والأعراق الفلسطينية عبر إجراءات رادعة غير متساهلة
مع تلك المجموعات ولتي تهدد المسيرة الوطنية الفلسطينية ومهما كان الثمن فلابد من بتر هذا السرطان من الجسد الفلسطيني.
إن الاستقرار الداخلي هو الحل الأنجع لإستجرار الدعم الدولي السياسي والمادي وهو الحل الأنجع للمزيد من الضغوط على
الاحتلال الإسرائيلي وهو الطريق الأوحد لبناء وطن يقوم على أسس ودعائم ثابتة يقف في وجه كل الأعاصير ومهما كانت
شددتها وبغير الاستقرار الداخلي وللآسف سننشئ وطناّ من الرمال ينزوي عند أول لفحة هواء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. كتيبات حول -التربية الجنسية- تثير موجة من الغضب • فرا


.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتفض اعتصام المؤيد




.. بصفقة مع حركة حماس أو بدونها.. نتنياهو مصمم على اجتياح رفح و


.. شاهد ما قاله رياض منصور عن -إخراج الفلسطينيين- من رفح والضفة




.. نتنياهو يؤكد أن عملية رفح ستتم -باتفاق أو بدونه-