الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعصب القومي - الاقتصادي - الشعبوي

محيي الدين محروس

2016 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في أواسط القرن العشرين و حتى قرب نهايته، كنا نشهد تصاعد ظاهرة العولمة الاقتصادية – السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفياتي سابقاً، أي تقاسم المصالح العالمية على كوكبنا، من حيث الاقتصاد و مناطق النفوذ السياسي ( الحرب الباردة). و بنفس الوقت الابتعاد عن مظاهر التعصب القومي، التي أدت تحت شعارات الفاشية و النازية إلى الحرب العالمية الثانية .
من جهةٍ أخرى، كنا نراقب شكلاً آخراً للعولمة كعمليات الاندماج الاقتصادي و السياسي و الثقافي على المستوى الأوروبي. و توسع ذلك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، و دخول العديد من الدول إلى الاتحاد الأوروبي. إلى جانب تطور الليبرالية الجديدة، و الانفتاح على الدول الأخرى في جميع المجالات. وساعد على ذلك تطور التكنولوجيا والنقل و المواصلات و الثورة المعلوماتية، مما أدى إلى سرعة تبادل السلع و الخدمات و إلغاء الحواجز التجارية و بين الدول!

بدءاً من العام الماضي، بدأت تتشكل ظاهرة جديدة كلياً في أوروبا و انتقلت إلى الولايات المتحدة!
حيث بدأت تطفو على السطح مظاهر التعصب القومي، و ربطه بالتعصب المناطقي على مستوى الدولة! أي التعصب على مستوى المجتمع في الدولة الواحدة من مختلف القوميات( التعصب الفرنسي ، الألماني ، البريطاني ، الأمريكي... ! )، و شحن الكراهية للمهاجرين و اللاجئين من إفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية..و للعرب و للمسلمين! على أساس عنصري و قومي و ديني ! و هذا ما أسميه: التعصب القومي الشعبوي!
و بنفس الوقت، ربط هذه الشعارات المتعصبة، بالتعصب لما يسمونه: مصلحة البلد الاقتصادية! الذي في جوهره، ضد العولمة في مفهومها الجديد من حيث الانفتاح و الاندماج مع اقتصاديات البلدان الأخرى. و من مظاهر ذلك: انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، و إعلان دونالد ترامب عن انسحابه في أول يوم لتوليه الرئاسة من TPP من الشراكة العابرة للمحيط الهادىء، و هي اتفاقية ما بين 12 دولة من آسيا و المحيط الهادىء، و التي تمت الحوارات و المفاوضات عليها لأكثر من عشر سنوات، و تمثل 40%من التبادل التجاري الدولي! و حالياً يجري الصراع في فرنسا و ألمانيا على الرئاسة بين العولمة بمفهومها الجديد من الانفتاح و الاندماج و الليبرالية الجديدة و بين هذه الظاهرة اليمينية الجديدة من التعصب الاقتصادي و الانغلاق على الذات، و معاداة الآخرين! و هذا ما أسميه : التعصب الاقتصادي الشعبوي!
هذه الظاهرة الجديدة من التعصب القومي – الاقتصادي الشعبوي، تستغل مشاعر المجتمع من الاستياء البالغ للأعمال الإرهابية التي تجري في مختلف البلدان، و ربطها بشكل ديماغوجي بالمهاجرين و اللاجئين! و في تضخيم ما يُسمونه: " أزمة الهجرة" ! و تحميل المسؤولية لما يسمونه:" النخبة الحاكمة" و ضرورة الإطاحة بها! و مثلت ذلك بشكل واضح: حملة ترامب الانتخابية الشعبوية!و كذلك انسحاب بريطانيا، و انتخاب رئيس وزرائها.. بالخطاب الشعبوي نفسه!
إلى ماذا يؤدي مثل هذا التعصب القومي – الاقتصادي – الشعبوي في حال توسعه و انتشاره في فرنسا و ألمانيا ، و غيرها من الدول ( بما فيها بعض الدول الإسكندينافية) ؟
بدايةً إلى تفكك الاتحاد الأوروبي. و زيادة شحن الكره للآخرين على أساس القومية و الانتماء إلى دولٍ أخرى، و على أساس لون البشرة، و على أساس الدين !
إلى تدهور الوضع الاقتصادي داخل كل دولة تسير سلطتها في هذا النهج، بعد وضع الحواجز التجارية! إعادة الحدود .. و بناء الجدران الحديدة...مثل: جدار ترامب مع المكسيك! و الذي سيضر بالفئة الاجتماعية المعدمة و الوسط ! و إلى زيادة أعمال العنف و الإجرام داخل المجتمع، تجاه الآخر بناءً على انتمائه القومي أو الديني أو لون بشرته، حتى و إن كان يحمل مواطنة هذه الدولة!
قد يصف بعض الناس بأن رؤيتي فيها الكثير من التشاؤم!
لكني أعتقد بأنها توصيف و تحليل اقتصادي – اجتماعي – سياسي للواقع الذي نعيشه في أوروبا، و للقادم في أوروبا و الولايات المتحدة !
و من المفيد التذكير: حيث يوجد التعصب، يوجد خطر العنف و الحروب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تدني تأييد ترامب وسط المستقلين بعد إدانته جنائيا | #أميركا_ا


.. فواز منصر يجيب.. ما خطورة نشر الحوثيين للزوارق المفخخة الآن؟




.. تضرر مستوصف في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي


.. قادة أوروبا يبحثون مستقبل الاتحاد في ظل صعود اليمين في الانت




.. ما دلالات الكشف عن وثيقة تؤكد أن الجيش والمخابرات كانا على ع