الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انكسار داعش و التسوية الوطنية 1

مهند البراك

2016 / 11 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مرّت السنوات و شهد فيها العراق انقساماً الى قوميات و اديان و اقليات، و شيوع الخوف و القلق و الدفاع عن النفس، و على رأس ذلك الانقسام انقسامه الى طوائف حاكمة متصارعة متعادية، اثر اعتماد المحاصصة الطائفية العرقية كأساس للحكم ، بعد ان تم القفز على الاحزاب و القوى الوطنية التي ناضلت طويلاً من اجل اسقاط الدكتاتورية و التي لم تكن تجمعات كارتونية او شكلية او عابرة زمنياً، بل احزاب و قوى قدّمت الغالي و النفيس من اجل الحرية و الديمقراطية و حقوق الانسان، و تركت تأثيرات عميقة في اوساط الشعب، في الفكر و الثقافة العراقية بكل مكوّنات البلاد . .
و ترى اوساط مطّلعة ان ذلك جرى و يجري بتشجيع من احتكارات نفطية صناعية عسكرية و معدنية و استخراجية متنوعة ، تريد حقول النفط و المعادن لها وفق الجديد من المكتشفات في الاراضي البكر ـ بشهادة الاراضي التي جرى ترسيمها و تسييجها و بحراسة مسلحين محليين عائدين لأسماء حاكمة سياسياً او عشائرياً، في البلاد من اقصاها الى اقصاها في سهول و جبال و روابي ـ . . و وفق اعادة تقسيم الارباح على اساس القوانين و القواعد الجديدة التي وضعت على اساس العولمة، و على اساس العالم الجديد الذي يزداد تواصلاً تكنولوجياً باشكال جديدة و تغييرات بلدانه، لضمان اعلى الارباح الاحتكارية الانانية . .
و على اساس التماهي مع و احتواء الصراعات التي تتصاعد في المنطقة بسبب تصاعد الصراع الطائفي الديني فيها، و محاولتها تجنيد ما امكن من الاطراف الداخلية لتنفيذ مخططاتها من مواقع الحكم، كما حدث و تواصل في نهجها و نشاطاتها في الاستيلاء على السلطة و تغييرها في البلاد وفق مصالحها المستجدة كما حدث في سلسلة الانقلابات العسكرية و موجات العنف التي احدثتها مستهدفة مكونات مجتمعية بذاتها، و التي سادت البلاد اواسط القرن الماضي و وصولاً الى يومنا هذا حيث صارت الاحتكارات النفطية و المعدنية تصرّح علنا بمواقفها و شروطها التي منها عقود المشاركة النفطية الجديدة و مالها و ما عليها . .
و كما في مشاريع تقسيم العراق او اقتطاع و احتلال اجزاء منه بشتى الإدعاءات كما تسعى دوائر اميركية و اسرائيلية و ايرانية و تركية و خليجية . . التي وصلت حد اشعال فتن الصراع الدموي للهويات الموروثة ( الهويات الموروثة تشمل : الدين، المذهب، القومية، الطائفة . . )، و تصويرها و كأنها صراعات لابد منها ولا حلول لها وفق تأريخنا، تصويراً خبيثاً صدّقه كثيرون تحت طائلة سيف الارهاب و القتل و الذبح . . عابثين باقدامهم صفحات المشرق من تأريخنا، و كأن اوروبا التي ينظر قسم اليها كنموذج للاستقرار و قبول الآخر، كأنها لم تعاني في ازمان مضت من تلك الصراعات الدموية بتلك الرايات و لقرون، و كيف حُلّت بفصل الدين عن الدولة .
من جهة اخرى يشير خبراء الى ان بقاء الدكتاتوريات الحاكمة كأنظمة حكم دعمتها ذات القوى الخارجية في المنطقة، و التي سعت بعدئذ الى تغييرها بمختلف الطرق بعد ان انتهت دورة حكمها و فات زمانها، هي التي تسببت بظهور انواع التجمعات و العصابات المسلحة الخارجة عن القوانين المعمول بها، و الى رفعها انواع الرايات كي توفر لها الرجال و المال و السلاح، و ممارستها اشنع الطرق للوصول الى اهدافها التي تستمر في تغييرها من اجل الحصول على الدعم و التأييد .
و في بلادنا ادّت الحرب الاميركية التي اسقطت الدكتاتورية و اعلنت الإحتلال و افرغت البلاد من الدولة و الجيش و تفاهمت و غضّت النظر عن مخططات و صراعات دول المنطقة و اطماعها بالبلاد الثرية، اقتصاداً بالنفقات و غيرها . . ادّت الى نشوء و نشاط انواع القوى الارهابية وصولاً الى داعش التي فاقتها بوحشيتها و بتوجهاتها و مخططاتها الاقليمية و الدولية، داعش التي تسخّر لصالحها كثرة تدخلات دول الجوار براياتها المتصارعة بينها و دخولها على التنوع العراقي الداخلي و تحويلها التنوع المكوناتي الى صراعات و صدامات مسلحة بينها، و تطور ترابط تلك الصراعات مع صراعات الاحتكارات فوق القومية لتحقيق اعلى الارباح الانانية، و تداخل كل ذلك و تظلله بالمحاصصة و بالفساد الإداري و السرقات الفلكية لمسؤولين ، و غيرها . .
ادّت الى تحوّل البلاد الى حقول و حواضن و ساحات لصراعات تلك القوى الإجرامية و ضاعت الكثير من المقاييس الانسانية المتعارف عليها في البلاد و المقاييس المنصوص عليها سواء في الدستور و وثائقه او في المواثيق و العهود الدولية المعمول بها في دول العالم ، في وقت تتحول فيه المنطقة الى اوكار لأنواع القوى الاجرامية المنظّمة بالرايات الدينية و الطائفية و العرقية في مجتمعات صار يغلب عليها الفقر و الجهل و العنف . .
حتى صار يصعب رسم خارطة طريق للخروج من مشاكل البلاد التي تزداد استعصاءً، في ظرف لاتعلن فيه الدولة عن ماهيتها و لا عن اهدافها الاساسية على الاقل ،بوضوح . . هل هي دولة دينية طائفية ام دولة مدنية ؟؟ في و قت تتوالى فيه المصائب و الاعمال الارهابية و الدم، و سادت فيه الحلول العاجلة السطحية و المؤقتة لإطفاء الحرائق التي تندلع بلا استئذان من مخططين و منفذين يتقنون صناعات الإجرام و يملكون ادواته . .
الأمر الذي ادىّ انفجار السخط الشعبي و احتجاجاته السلمية التي عمّت البلاد بما فيها منطقة اقليم كردستان العراق، و التي حمتها القوات الوطنية الأمنية، رغم انها ووجهت في عدد من المحافظات بالعنف و بالرصاص من قبل الوحدات الخاصة الحكومية و اجابتها الجماهير المحتجة بالحجارة و هاجمت مقرات احزاب الاسلام السياسي الحاكمة و بالاخص حزب الدعوة الحاكم، و تواصلت متصاعدة حتى وصولها الى المنطقة الخضراء الحاكمة و دخولها الى قاعات البرلمان الذي اخذت كتله الحاكمة تتصدّع و تشكّلت كتل جديدة لم تغيّر من واقع الحال قدر تغييرها حصصها في كعكة الحكم.
في وقت تتواصل فيه جهود القوات المسلحة المشتركة و الحشد بغالبيته الشيعية و البيشمركة و قوات العشائر السنية، بدعم التحالف الدولي . . لمقاومة الإرهاب و لإيقاف عملياته الإرهابية و صارت تحقق نجاحات هامة في الانتصار على داعش الإجرامية، منذ تسلّم الدكتور العبادي رئاسة الوزراء و القيادة العامة للقوات المسلحة رغم انواع المعوقات التي تواجهها حكومته سواء من الفريق المخاصم له في حزب الدعوة بزعامة المالكي، ومن البرلمان و من الكتل الحاكمة الأخرى، ومن النشاطات الخطيرة لدول الجوار . .
حتى صارت معركة الموصل كآخر و اكبر قلعة لداعش في البلاد، التي تتواصل فيها انكسارات قوات داعش، مقررة لما سيكون عليه حال العراق بعد طرد داعش من البلاد بتقدير الكثير من الخبراء و المراقبين، و تتزاحم انواع المشاريع الداخلية و الخارجية لذلك، و كما سيأتي . . (يتبع)

22 / 11 / 2016 ، مهند البراك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟