الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا فشلت هيلاري كلينتون؟

فؤاد وجاني

2016 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


قبل التطرق لأسباب فشل الحزب الديموقراطي في الوصول إلى سدة الحكم، لا بد من التأكيد على انعدام الديموقراطية في المسار الانتخابي الأمريكي حيث للمال السلطة العليا والكلمة الأخيرة لمن سيفوز.
الدولة كما ذكر أفلاطون كسفينة متطورة ومكلفة، وللوصول إلى البر، تحتاج إلى سفان ذي خبرة عارف بقدرات السفينة وعلم الملاحة والجغرافيا والأرصاد الجوية والتيارات المائية وإدارة الإمدادات والمؤونة. وضع الشخص الجاهل غير المدرب على رأس السفينة يهدد السفن الأخرى والبضائع والطاقم والناس الذين يستقلونها. الدولة تحتاج إلى عارف بقوانين الطبيعة والأخلاق والتاريخ والاجتماع والاستراتيجية العسكرية، قادر على استشراف المستقبل بناء على وقائع الماضي والقدرات الآنية المتوفرة مع اعتبار تغير الزمان والقوى المحيطة.
الحاكم الجاهل سيجلب الكوارث للدولة ومواطنيها. وسيجد الناس أنفسهم تحت رحمة المغامرة والسيطرة المطلقة والحكم الأرعن الذي يعتمد العواطف بدل المنطق والتحليل الدقيق، وستكون دولتهم عرضة للحروب والهزائم والخيبات ثم الإفلاس.
لقد استطاع المرشح الأمريكي اليميني المتطرف ترامب كسب الرهان بعد فوزه بعدد الهيئات الانتخابية المعتمدة بينما خسر في التصويت الشعبي ليدخل البيت الأبيض مطلع العام المقبل. هناك أسباب كثيرة تفسر اندحار الحزب الديموقراطي الليبرالي، قد نلخصها في النقاط التالية:

- عزوف الناخب الأمريكي عموما عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية نتيجة عدم توفر المرشحيْن على المؤهلات المرغوبة.

- تورط كلا المرشحيْن في انتقاد شخصي لبعضهما بدل التركيز حول قضايا التعليم والاقتصاد والمجتمع والنظام الضريبي والسياسة الخارجية.

- تسريبات ويكيليكس والتي أضرت بسمعة هيلاري كلينتون مشككة في قدرتها على اعتلاء سدة السلطة وحفاظها على سرية المراسلات.

- قبض هيلاري للمال من دول تقمع الحريات وتستبد بحقوق الإنسان كالمغرب نموذجا، حيث حصلت مؤسستها على ما يزيد عن مليون دولار مقابل استضافة المغرب لقمة تعقدها مؤسساتها، وتعهد المغرب بتوفير 12 مليون دولار أخرى مستقبلا حسب تسريبات ويكيليكس.

- خيبة آمال الشباب الديموقراطيين بسبب تقديم هيلاري كلينتون على مرشحهم الأفضل برني ساندرز ذي الميول الاشتراكية، والذي أظهر إلماما بمشكلات الشباب والمجتمع الأمريكي عموما، وطرح على طاولة الانتخابات برنامجا متكاملا يعد فيه برفع الضرائب على الشركات الرأسمالية الكبرى مع الحد من الفوارق الطبقية، وجعل التعليم الجامعي متاحا لذوي الدخل المحدود، وحظر مال اللوبيات من التدخل في الانتخابات.

- الإحباط الذي يشعر به الناخب الأمريكي البسيط جراء فشل التجارب السابقة وبقاء الوعود حبرا على ورق، فالمال هو الذي يتحكم في السياسة ويملي على الفائزين القرارات المصيرية.

- عدم قدرة الحزب الديموقراطي استقطاب المتدينين المعتدلين لانتهاجه خطا ليبراليا يتجاوز كل الخطوط الحمراء التي تسطرها الأديان كتقنين تعاطي القنب الهندي والزواج من نفس الجنس.

- نجاح ترامب في جرها إلى مستنقع الخطاب الشعبوي مفقدا إياها أهم مرتكزات العمل السياسي المتمثل في الشخصية المستقلة والبرنامج الواضح المعالم.

- تركيز الجناح الإعلامي للحزب بكل فروعه على المدن الكبيرة مستخدمين كل وسائل الحملات الدعائية كالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتلفاز متجاهلين الوسائل التقليدية كالبريد الشخصي وقنوات المذياع.

- التركيز على الفئات العمرية الشابة أكثر من المسنين الذين أبدوا اهتماما أكبر بالانتخابات وصوتوا بكثافة. كما تجاهلت حملة كلينتون الطبقة العاملة التي فقدت مناصب الشغل إثر هجرة المصانع إلى الصين ودول آسيا لتترك مدنا وقرى بأكملها في أزمة اقتصادية خانقة. بينما وجدت دعوة ترامب لفرض غرامات وضرائب إضافية على الشركات المهاجرة صدى في نفوس هذه الشريحة المفقرة من المجتمع الأمريكي والتي كانت تمثل الطبقة الوسطى.

- خيبة أمل الناخبين في فترة حكم أوباما الذي لم يستطع تنفيذ وعوده لتعارضها مع اللوبيات الاقتصادية المتحكمة في أوصال البلد تارة، ووجود معارضة ذات أغلبية جمهورية في مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين.

- كان لمقتل السفير الأمريكي في ليبيا وإهمال الرسالة التي وجهها قبل أن يلقى حتفه لوزارة الخارجية لأجل إرسال قوات حماية إضافية حين كانت هيلاري وزيرة للخارجية وقع سلبي في أنفس شريحة كبرى من الناخبين.

- الثقة المفرطة في قدرة الحزب الديموقراطي على الظفر بالرئاسة والاستخفاف بالغريم الجمهوري ترامب.

- تنامي الشعور القومي للبيض الذي تطور لدرجة العنصرية بعد ثمان سنوات من حكم أوباما الرجل الأسود

لقد استطاع ترامب استغلال كل تلك الهفوات والنقائص لصالحه حيث تعامل مع الانتخابات كسلعة عرضها على الناخبين بمهارة، فكانت النتيجة مذهلة للكثيرين من الدهماء وطبيعية للعارفين بعلم التسويق. فسيكيولوجية الشعوب معقدة الفهم لكن سهلة الاحتواء والميل. لقد خلق له سوقا خاصة روج فيها لمفاهيم (منتجات) جديدة وأخرى قديمة تراود الناس دون أن يفصحوا عنها، وكانت له الجرأة ليبدو بمظهر المنقذ الذي سيعيد لأمريكا "عظمتها".
لا يمكن حصر أسباب فشل كلينتون في الظفر بالبيت الأبيض في ما ذكرت أعلاه. والأصوب أن كلا المرشحين غير مؤهلين لقيادة السفينة الحاملة لركاب أمريكيين بغض النظر عمن فاز منهما. لقد تم تهميش الربابنة الذين يملكون قدرا هاما من الحكمة والرؤية الثاقبة لخدمة الشعب والمثل العليا التي ينص على بعضها الدستور الأمريكي، والأوكد أننا سنشهد الكارثة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية