الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديموقراطية بين الحل والإشكالية

محمد أحمد الزعبي

2016 / 11 / 24
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


الديموقراطية بين الحل والإشكالية :
الدكتور محمد أحمد الزعبي
23.11.2016
كانت الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش ، امتدادا للثورة العربية الكبرى 1916بقيادة الشريف حسين ( شريف مكة ) ، واللتان كانتا واقعيا ( وهذا من وجهة نظر الكاتب ) باكورة المرحلة الانتقالية من الفكر الديني إلى الفكرالعلماني، والتي (المرحلة الانتقالية ) مازلنا نعيشها بل و نعيش إشكالاتها وإفرازاتها ، السلبي منها والإيجابي ، حتى يومنا هذا ، و في رؤيتنا الخاصة فإن ثورات الربيع العربي عام 2011 بصورة عامة ، والثورة السورية منها بصورة خاصة ، هي من بين أهم مفرزات هذه المرحلة الانتقالية ، ذلك أنه من الناحية التاريخية فان هتين الثورتين ( ثورة الشريف حسين � وثورة 1925 السورية ) كانتا تمثلان باكورة المرحلة الانتقالية من الدولة الدينية ( العابرة للقوميات ) إلى الدولة القومية ( العابرة للعصبية القبلية والطائفية والمناطقية ) القائمة افتراضاًعلى مبدأ المواطنة والدستور وصندوق الاقتراع ، وهو مايمثل مثلث الديموقراطية التي من المفروض أيضاً أن يتعايش في ظلها كل من القومي والقطري الديني والعلماني ، الأكثرية والأقلية ، الحاضر بجناحيه الماضي والمستقبل ، وآن يكون الصراع بين المختلفين سلميا ، الحكم ( بفتح الحاء والكاف ) الفيصل فيه هو صندوق الاقتراع وليس الدبابة أو الطائرة أو بساطير الجنرالات ولكن لابد من القول هنا ، إن الديموقراطية التي تعتمد عادة ( في الدول الغربية الديموقراطية ) رقم ال 51 % للوصول إلى " الحكم" إنما تنطوي على عدد من الإشكالات الاجتماعية والسياسية في العالم الثالث ومنه وطننا العربي وقطرنا السوري أبرزها :

1. إمكانية تدخل عسكري خارجي يجعل ال 49 % أقوى من ال 51 %. بل ويمكن أن يجعل من أية نسبة يفرزها صندوق الاقتراع صفرا على الشمال كما حدث في العراق عام 2003 حين آطاح الأمريكيون بحكم حزب البعث العربي الإشتراكي في العراق ، متجاهلين كل نتائج الانتخابات والاستفتاءات الديموقراطية منها وغير الديموقراطية ، وكل النسب المئوية التي أفرزتها صناديق الإقتراع في تلك الإنتخابات والإستفتاءات ،
2. إمكانية تفوق ال 𧽁 %على ال 51 % في مجتمع تغيب فيه الثقافة الديموقراطية ، وبالتالي ثقافة المواطنة ، وتهيمن على حياته الاجتماعية والسياسية العصبيات المختلفة ، القبلية والعشائرية و الطائفية ، والعائلية ...الخ ،
3. إمكانية تدخل الجيش بالقيام بانقلاب عسكري ( البلاغ رقم ١ ) ينهي فيه الحياة الديموقراطية من أساسها كما فعل حسني الزعيم في سورية عام١٩٤٩ وتبعته سلسلة الإنقلابات العسكرية المعروفة التي شهدتها الحياة السياسية في سورية مابين 1949 و1954 والتي استؤنفت مابين 1961( النحلاوي ) و 1970( حافظ الآسد ) ، وكما فعل عبدالفتاح السيسي في مصرعام 2013 ( وهذا على سبيل المثال وليس الحصر ) ،
4. الديموقراطية المشروطة (!!) ، وهي ديموقراطية بعض العلمانيين ، وبعض الأقليات الدينية والطائفية ، الذين يعلنون قبولهم بالديموقراطية ، ( ولكن !) بشرط ألا يفاجؤهم صندوق الإقتراع بمن يعتبرونه ( هم ) من أعداء الديموقراطية . أو أنهم لايرغبونه .
واقع الحال ، إن شعرة معاوية غالبا ماتربط هؤلاء بمن أشرنا إليهم في الفقرة الأولى أعلاه ،
5. التزوير، في برنامج " المقابلة " تاريخ 17.11.2016قال باني ماليزيا الحديثة مخاتير محمد إن كل نتيجة يفرزها صندوق الاقتراع ، تزيد عن ال90 % لابد أن تكون مزورة ، والسبب برأيه هو أنه لايوجد نظام سياسي في العالم بدون معارضة ، وأن وزن وحجم هذه المعارضة لابد أن يظهر في صندوق الإقتراع النزيه والشفاف ، أي البعيد عن الخوف والتزوير .
هذا مع العلم أن للتزوير أشكالا وألوانا ، وتحضرني الآن حكايتان تتعلقان بهذا الموضوع :
الحكاية الأولى : وهي الطرفة التي قام بها الدكتور محمد مصدق عام 1953 في إيران بعد أن فرضت انجلترا وأمريكا عليه استفتاء صورياً لحل البرلمان ، قاموا هم بتزويره لصالح عميلهم (فضل الله زاهدي ) ، حيق قام الدكتور مصدق بالسجود آمام صندوق الإقتراع ، ولما سأله الناس عن سبب سلوكه هذا ! ، أجابهم : إنه ، صندوق مقدس ! ، تدخل ورقة النا خب فيه باسم محمد مصدق و تخرج منه باسم زاهدي !. ) ،
أما الحكاية الثانية ، فهي التي حصلت في انتخابات عام 1973 النيابية الصورية في سورية ، وفي قرية ( بصر الحرير) في حوران ، وهي القرية التي عادة ما يحصل النائب محمد خير الحريري على كامل أصوات ناخبيها . دخل أوائل الناخبين ليمارسوا حقهم الانتخابي وسرعان ما خرجوا وهم يعلنون على الناس أن صندوق الإقتراع ممتلئ بالأوراق المزورة ، ولم يبق فيه مكان لأوراق ناخبي القرية . حدثت ضجة ، كسر الناخبون الصندوق فوجدوه ممتلئا بالفعل بالأوراق المزورة لصالح مرشح النظام ( لاأذكره) . تدخل السيدان نواف منذر وفؤاد منذر( المسؤولان الأمنيان في محافظة درعا آنذاك )، وتدخل معهم المرشح محمد خير الحريري ، بناء على طلبهما ، وجاؤوا بصندوق آخر جديد ، واستؤنفت عملية " التصويت " . هذه القصة باتت معروفة في حوران .
وذات مرة كنت وعديلي صالح المحاميد مسافران بسيارة صالح من دمشق إلى درعا ، وعندما وصلنا إلى مدينة شيخ مسكين ( مدينة محمد خير الحريري ) شاهدنا السيد النائب يقف على الطريق العام ينتظر سيارة عابرة تنقله إلى درعا ، توقفت سيارتنا إلى جانبه وسألناه إذا كان يرغب أن يصعد إلى السيارة ، فوافق شاكرا وصعد إلى السيارة . رغبت أن أستفيد من وجوده معنا وسألته عن صحة قصة التزوير في بصرالحرير ، أجاب : نعم إنها حقيقية ، وتابع : عندما طلب مني السيدان نواف منذر وفؤاد منذر أن أتدخل لتهدئة الوضع استجبت لطلبهما ، وخلال حديثي معهما حولعملية التزوير ، قلت لهما : ( والله ياعمي إنكم أيها البعثيون شرفاء )، استغرابا إطرائي للحزب رغم عملية التزوير ، وسألاني ماذا تقصد بكلامك ياأبا الخير؟ فقلت لهما ، أقصد بكلامي أنكم أيها البعثيون قادرون على أن تناموا مع نسائنا ، ولكنكم لا تفعلوها ، إذن فأنتم شرفاء .

خلاصة الأمر ، هي أن الإشكالية التي يمكن أن تترتب على مبدأ ال 51 % الديموقراطي ، في بلدان العالم الثالث عامة ، ومنه وطننا العربي ، ومنه قطرنا السوري ، تتمثل في أن نسبة ال 49 %، لا تبعد كثيراً عن نسبة ال 51 %( المسافة الإحصائية ) . وبالتالي فإن صندوق الإقتراع قد لا يكون حلا لإشكالية ما سياسية أو إجتماعية في بلد لم تترسخ في وجدان مواطنيه بعد ثقافة الديموقراطية ، وبالتالي ثقافة " المواطنة " ، ومن هنا فإن على من يعنيهم الأمر ، البدء ببناء الأساس المتين ، العلمي والأخلاقي ، الذي ستقوم عليه البنية الديموقراطية ، حتى في حال كونها بحدود ال51 % .
إنني من الذين يؤمنون بأن أخطاء وعيوب الديموقراطية ، لايصلحها سوى المزيد من الممارسة الديموقراطية ، ولكن الديموقراطية الحقيقية وليست ديموقراطية الكذب والتزوير .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني